تصنع بعناية وتروج بكثافة.الشائعات .. السلاح الناعم الذي يفتك بأمن المجتمع
الشائعة التي يطلق عليها السلاح الناعم باتت من اكبر المهددات التي تقلق منام المجتمعات وتذهب النوم من اجفان مواطني الدولة الذين قد يفقدون الأمن والامان في ظل شائعة لا اساس له من الواقع سوي الترويج الذي حظيت به وتوافرت لها الظروف المساعدة في انتشارها ومن ثم تصديقها خاصة في ظل السماء المفتوع علي مصراعيه لمواقع التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتويتر وانستغرام وغيرها من المواقع ومع وجود وسيلة تواصل هي الاسرع وهي الواتس ساب اصبحت الشائعة لاتحتاج الا لكبسة زر وبعدها تصل القلوب الحناجر رعبا وخوفا من شئ لاوجود له بارض الواقع فولاية الخرطوم عاشت لحظات عصيبة اجتاحتها جيوش الشائعات من كل حدب وصوب حتي لتظن حينها ان جل عصابات المافيا والاتجار بالبشر قد جاءت الي عاصمة اللاءات الثلاث وماقصة الغائبة التي واراها النيل حتي طفت عليه جثة «أديبة» ليست منا ببعيد والتي اخذت ابعادا كثيرة سياسية واجتماعية وقانونية حتي كشفت عنها قوات الشرطة.
عقوبات رادعة
فهاهو والي الخرطوم الفريق عبدالرحيم محمد حسين وحكومة ولايته في اجتماعهم الاخير علي ضوء الشائعات التي ارقت منام الشعب السوداني هاهم يلتمسون الطريق الصحيح بحسب مراقبين للحد من الشائعات التي قد تترتب عليها عدد من الجرائم وأمنت حكومة الولاية علي تتبع مروجي الشائعات والقبض عليهم ومن ثم تقديمهم لمحاكمة عادلة وهذا بحسب مهندس الشبكات الاستاذ خالد علوني يبدو عسيرا خاصة اذا كان الشائعة انطلقت عبر الوسائط الالكترونية حيث يصعب التحكم فيها ومعرفة مطلقها. وبحسب علوني الا اذا كانت الحكومة ستراقب كل وسيلة تواصل الكترونية في البلاد وهو امر في غاية الصعوبة وحتي لجنة أمن الولاية التي انعقدت برئاسة الوالي ومعتمديه والاجهزة الشرطية والأمنية بالولاية قالت انها وقفت علي مجمل الاوضاع الأمنية بالولاية وهذا يقودنا للتساؤل الذي ابرزه علوني هل تستطيع الدولة الوقوف علي كافة الاجهزة الرقمية والمعلوماتية بها؟ ولكن كل هذه التساؤلات لم تمنع مدير شرطة الولاية اللواء حقوقي ابراهيم عثمان من القول ان الولاية بصدد اتخاذ تدابير لمواجهة مطلقي الشائعات ومن ثم القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة وتوقيع عقوبات رادعة عليهم من اجل تماسك وأمن المجتمع. مابين الإثبات والنفي
والشائعة كما يعرفها لنا استاذ مادة الرأي العام الدكتور ابوبكر شبو حيث يقول «للصحافة» ان الشائعة هي الجملة التي لايمكن اثباتها او نفيها وهي كلام مختلق يحمل شيئا من الصحة والأهمية وهي سلوك انساني غير سليم.
وبحسب الدكتور شبو هي ظاهرة اجتماعية قديمة حيث تخرج الشائعة وتتوفر لها الاسباب المواتية لتصديقها والشائعات قد تصدر من شخص واحد او منظمة او دولة في الغالب يقصد بها الاضرار بطرف اخر.
ويقول الدكتور ابوبكر ان وسائل التواصل الاجتماعي والفضاء المفتوح ساهمت بشكل كبير في نشر الشائعات واختلاقها من العدم وفي الغالب الاعم يكون مطلق الشائعة مصدر مستفيد وفي حالة الشائعات التي تنطلق عبر الوسائط ووسائل التواصل الاجتماعي يصعب التحكم فيها والوصول الي مطلقها.
تجريم
وبالنظر للقوانين التي تحرم وتجرم ترويج واطلاق الشائعات من حولنا نجد ان هناك دولا كثيرة قطعت شوطا كبيرا في هذا المنحي فهاهو القانون الاماراتي قضي بمعاقبة مروجي ومطلقي الشائعات بعقوبات رادعه تتراوح مابين السجن ثلاثة اشهر الي ثلاث سنوات ونص القانون الاماراتي صراحة علي تجريمها اما دولة قطر فقد اورد قانونها في احدي مواده نصا صريحا بوجود عقوبات مشددة في قانون مكافحة الجرائم الالكترونية حيث تعاقب بمدة حبس لاتتجاوز الثلاث سنوات ، اما سلطنة عمان فقد اوردت في قانونها في المادة 13 نصا يعاقب علي ترويج الشائعات واختلاقها والتحريض عليها حيث تشدد في عقوبتها لما لها من اثار تترتب علي المجتمع سلبا حيث قضت بعقوبة مروجي الاشاعات بالسجن لمدة 10 سنوات والغرامة المالية التي تتراوح حتي 500 دينار عماني والسعودية اخذت منحي اكثر تشددا في قانونها تجاه مروجي ومطلقي الشائعات حيث تصل العقوبة الي السجن 10 سنوات والغرامة التي تصل الي خمسة ملايين ريال سعودي ، وكذلك الجارة مصر فنصت المادة 39 من القانون المصري علي معاقبة مطلق الشائعات وباعتبار ان الفعل تجريمي كل هذا بغرض الحد من الشائعات التي قد تهدم المجتمع باثره بحسب قانونيين.
دراسات
امريكا اوقل الولايات المتحدة الامريكية قامت في العام 2004 بعمل فريق او قوة استخباراتية تقف علي الشائعات في مختلف اصقاع الدنيا وتقوم بتحليلها وقد وفرت مترجمين لذلك وبحسب رأي استاذ الرأي العام الدكتور ابوبكر شبو ان هذه دراسات مهمة لمعرفة كيفية تفكير الشعوب ودراسة الحالة النفسية لكل شعب من خلال الشائعة وابعادها وصداها وما تخلفه من اثر حيث تستطيع الولايات المتحدة وبحسب دراستها لواقع الشعوب ان تستعمل الشائعات كسلاح ضد الدول التي تنطلق فيها الشائعه كما تنطلق النار في الهشيم وهو ذات الاسلوب التي استخدمته في حربها ضد صدام حسين في العام 2003م بحسب الدكتور شبو فالشائعات سلاح خطير يمكن ان يتحدي اقوي الاسلحة الفتاكة فهو قد يهدم مجتمعا بأثره .
مرض اجتماعي
ورواد شبكات التواصل الاجتماعي كان رأيهم الاعم ان الشائعات مرض اجتماعي يجب التخلص منه بالوعي والادراك والخوف من الله سبحانه وتعالي حيث يقول الاستاذ انور النور الناشط بمنتديات ودمدني ان الشائعات خلقت جوا مرعبا للاسر والاطفال خاصة تلك التي تتحدث عن سرقة الأعضاء البشرية فالامهات اضحت قلوبهن علي اياديهن حتى يرجع اليهن ابناؤهن من المدارس والكثيرون باتوا يخافون السير في الطرقات ليلا وهو الامر الذي افقد الناس الاحساس بالامان فنعمة الأمن والامان لاتقدر بثمن. وذهب النور الي ضرورة تعقب مروجي الشائعات وتفعيل قوانين الجرائم المعلوماتية ومواجهة مطلقي الشائعات بصرامة حتي يكونوا عظة لمن لايعتبر. اما لؤي اسماعيل الاعلامي وطالب الماجستير فيقول «للصحافة» انه وبطبيعة عمله يأتي عائدا الي البيت ليلا وفي وقت متأخر والسودانيون بشيمتهم يوفرون لك فضل الظهر خاصة مع انعدام المواصلات ليلا والان هو بات يخاف من ان تقف له عربة ظنا منه انهم تجار الاعضاء ويقول لؤي لااريد ان اخسر احدي كليتي فالأمر بات في تصوري حقيقة وعقلي الباطني صوره لي واقعا من كثرة الشائعات التي تحيط بنا وانا كأحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي اتمني ان يكف البعض عن اطلاق هذه الشائعات. اما المكاشفي عبدالله فيقول ان الواتس والفيسبوك بها من الاخبار مايجعلك تشعر انك تعيش في عالم اخر وفي غابة ينعدم فيها القانون فانا في عملي اخاف علي اسرتي وابنائي من هول المصائب والكوارث التي تحدفها علينا مواقع التواصل الاجتماعي فبتنا نعيش في قلق ونتمني ان تكون هناك وسيلة لتتبع الشائعة ومعرفة مطلقها حتي يتم ردعه، اما احمد عبدالعظيم احد رواد المنتديات فيقول ان هناك فريقا كبيرا وكثير من الشباب الذي تتقاذفه رياح البطالة اصبح لاهم له ولاشغل سوي نشر الشائعات واختلاق الاكاذيب عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تكييف قانوني
القانوني الاستاذ بارود صندل يقول «للصحافة» لاتوجد ماده في القانون السوداني تجرم مطلقي الشائعات وانما تنضوي تحت لائحة الازعاج العام وقد يترتب عليها بلاغ جنائي ان تم الوصول لمطلق الشائعة، وعن قانون الجرائم المعلوماتية يقول صندل ان القانون مفعل وبه نصوص صريحه تدين مختلقي الشائعات عبر وسائط التواصل الاجتماعي ولكن يستوجب وجود شاكي يبلغ عن جريمه معينه تجاه شخص معين وعن اسباب هذه الشائعات يلقي صندل باللوم علي الدولة التي تتكتم علي المعلومات ولاتملكها للرأي العام مما يجعل هناك مساحة كبيره يتحرك فيها مروجو الشائعات حيث يكون هناك فراغ معلوماتي بحسب صندل.
محدودية الحركة
اما الدكتورة عبير عبدالرحمن استاذة علم النفس بجامعة الخرطوم تقول «للصحافة» ان للشائعات اثرا كبيرا علي المجتمع ككل وعلي حسب نوعية الشائعة والشائعة بحسب دكتور عبير تهدد أمن المجتمع والفرد خاصة عندما تكون وثيقة الارتباط بحياة الانسان اليومية والشائعة تؤثر علي حركة الناس وخاصة الاطفال فمثلا شائعات الاختطاف تجعل حركة الاطفال محدودة وتجعل الاهل يخافون عليهم حتي من اللعب ولايرغبون حتي في ذهابهم للبقالة ولعب الشوارع في الحي بات محرما عليهم بسبب الشائعات مخافة الاختطاف فحدودية الحركة بحسب عبير تنجم عنها اضرار نفسية جسيمة قد تعيق نمو الطفل والمجتمع بأثره قد تتملكه فوبيا وخوف من الشارع من الظلام من السير في اوقات متأخرة فلذا يتأثر النشاط الاجتماعي مما يكون له بالغ الاثر النفسي علي افراده.
تحريم
الدكتور أمين محمد سعيد عالم الاديان والاستاذ بجامعة افريقيا العالمية تحدث «للصحافة» عن الشائعة من منظور او ناحية دينية واخلاقية حيث يقول ان مروجي الشائعات لا اخلاق لهم حتي وان كانت الشائعة صحيحة فان كانت صحيحة هي الفتنة والفتنة نائمة لعن الله موقظها او كما قال النبي عليه افضل الصلاة والتسليم ومن لايتأكد من معلومة ويطلقها فهذا يسمي فاسقا فجميع الاديان السماوية وحتي القوانين الوضعية تصنف الشائعات بانها اعمال ضد المجتمع وضد الاخلاق السليمة.
ووجه الدكتور أمين محمد سعيد رسالة الي شباب المسلمين مفادها ان اطلاق الشائعات والترويج ضد الدين والاخلاق وان من يثيرونها بهم شئ من المرض وان الله سيعاقبهم ووفقا لديننا لايجوز لنا ان ننشر الشائعات حتي وان كانت صحيحة.
الخرطوم: وليد الزهراوي
الصحافة