“القروبات المغلقة .. الخطر الصامت”
انتشرت في الفترة الأخيرة الكثير من المجموعات المغلقة سواء كانت نسائية أو عامة.. لكنني هنا أقصد بالتحديد مجموعات البنات – بدون ذكر للأسماء- وأظننا جميعا نعرف ما يدور بداخلها !
الفكرة في أصلها لا غضاضة فيها .. ولها من الإيجابيات ما لها .. نجد أريحية في السؤال عن أمور تخصنا لا نريد ان يشاركنا فيها الرأي رجل او حتى أن يطلع عليها ..
لنا أن “نتونس” ونسة لا معنى لها دون حرج .. الضحك وتبادل المعلومات التي قد تغفل عنها كثيرات منا ..
“محلات الملابس .. الأقمشة .. مراكز الخياطة .. مراكز التجميل .. تنسيق الهدايا .. استشارة في شئ التبس عليها.. سؤال عن شئ آخر .. وهذا على سبيل المثال لا الحصر ” .
لكن أن تتجاوز الفكرة كل ذلك، متعدية إلى ما يعرف “بالاستشارات” .. تلك التي يُستشار فيها أشياء يتعفف اللسان عن ذكرها!
تبدأ صغيرة ثم تكبر.. تلك التي تهدم فينا من الحياء والقيم ما كنا نبنيه زماناً ..
في اول ظهورها كنا نقوم ولا نقعد، مطالبين بحذفها وعدم نشرها مجدداً .. لكن حين تكررت وتكرر السيناريو في كل المرات.. اعتدنا عليها حتى ذهبت الإلفة بكونها خطأً أو شيئاً غير مقبول البتة!!
أصبحنا نمر عليها مرور الكرام دون ان تحرك فينا ساكناً ؛ إذ كثرة المساس تفقد اﻹحساس !!
طبعاً نستثني من هذا التعميم بعض الاستشارات الحقيقية التي تناقش قضايا مهمة فعلاً ، وتلفت أنظارنا إلى أمور لم نكن نعيرها اهتماماً رغم أهميتها.. فهذه غير التي أقصد هنا..
لكن من سلبيات هذا النوع -أحياناً أن تكون الاستشارة تتضمن موضوعاً يخص بعض أمور الزواج.. فتترك أثراً كبيراً على نفوس الفتيات من صنع المقارنات مستقبلاً .. ومن تخوفات من أشياء ليس بالضرورة ان تكون قاعدة عامة في كل بيت.. فتنتج دون قصدٍ مشاكل أخرى أقلها عزوف بعضهنّ عن الزواج ، أو بناء سقفٍ مرتفعٍ جداً من التوقعات يهوي على رؤوسهنّ عندالاصطدام بالواقع!
“طيب” ما الهدف والغاية أصلاً من نشر هذه الأفكار وتداولها؟
مما يبدو لنا بعد معايشتها ، وما أخافه أن يكون هدفها هو أن نعتاد الخطأ، ونألف الرذيلة، ويذهب الحياء، ثم بعد ذلك لا تجد فائدة من أن تنصح إحداهن أو تنكر عليها فعلاً بدعوى “المجتمع كلو كدا ، بقت علي يعني ” !
يبقى السؤال عن هذه “الاستشارات” – التي تنتشر فينا كما الفيروسات التي تنشر مريضاً خبيثاً لكن ببطئٍ ، فلا نكتشفه إلا في مراحله المتأخرة، حين يصبح العلاج أقرب للمستحيل – هل يقف ورائها كيان موحد كل همه أن يتفكك المجتمع وتنعدم عنه أدنى مظاهر الأدب والدين.. ليظهر هو بعد ذلك ليقوم بهدّ ما تبقى دون جهد يذكر ! ولا أظن أصلاً أن هناك ما يبقى له!!؟
طبعاً كل هذا بعيداً عن الروايات التي بدأت تنتشر مؤخراً .. روايات كل جوهرها عن الجسد! عن فتيات وثق فيهن أهلهن فقابلن ثقتهم ببيع الهوى وتجارة المنكر!
وتكمل هذه الروايات الفجوة التي لم تسدها الاستشارات!
وطبعاً هذا لا يستبعد القروبات المختلطة وما يحدث فيها من هدمٍ ودياثة وفراغ!
متعففةً عن ذكر ما بقي أقف هنا، وأظن الفكرة قد اتضحت..
إذن ؛ ما السلبيات التي ينبغي إصلاحها ومراعاتها؟!
أرى أن كل ما سبق وما سيأتي لاحقاً ؛ ما هو إلا نتيجة الفراغ الذي أدمنّا العيش فيه.. نتيجة بعدنا عن الدين والقرآن ، نتيجة خواء عقولنا ، أصبحنا شباباً يأخذ دينه وثقافته كلها من السوشيال ميديا.. وهذه هي النتيجة حتماً !
لو أننا كنا اليوم مثقفين حقاً -غير مدّعين ذلك – لو كنا نشتغل ببناء أنفسنا ومعارفها، لو أننا منشغلين بالقراءة والعلم والتطور والدين لما وجدت هذه الأشياء رواجاً وقبولاً منا..
لكنها أزمة أمة، وضياع منهج، وتفكك قديم يؤتي ثماره اليوم !
فما أرجوه.. أن نوقف تداول هذه الأشياء.. أن نتغاضى عن كونها موجودة فلا نعيرها اهتماماً ولو بمجرد كتابة تعليق ” أميتوا الباطل بالسكوت عنه ” ..
“ما تملوا كيس الفارغة”.
اسأل الله أن يهدينا وأن يشغلنا بأنفسنا.
د. يسرا إبراهيم مركز
مقال مرتب ومهذب وبكلمات راقية جدا يدل على رقى صاحبة المقال والموضوع مهم جدا نتمنى ان تواصلي الكتابه في مختلف المواضيع وياريت لو نزلتي صفحتك على الفيس للمتابعة شكرا يسرا
شُكراً كثيراً لك وتقديراً كبيراً د. يسرا إبراهيم مركز، أوافق الأخ خالد في كل ماذهب إليه
نحتاج بشدة لمثل هذه المقالات (التربوية) حتى نظل حواء السودانية مثار فخرنا وعزتنا