حوارات ولقاءات

والي جنوب دارفور آدم الفكي : “نحن ما شغالين عشان نرضي الرئيس في شخصه”

** الكثير من القضايا بالولاية يعتقد البعض أن بها شبهة فساد، لكنها تظل مجرد اتهامات لا أساس لها من الصحة، حسب رأي حكومة الولاية، وأخرى حُسم أمرها من قبل المراجع العام، وجاء التقرير بأنها خالية من الفساد. في ظل هذا الواقع يطل رئيس الجمهورية المشير عمر البشير على الولاية في أغسطس المقبل في إطار جولة واسعة يقوم بها الرئيس على ولايات أخرى، وتعتبر هذه الزيارة هي الثانية له منذ أن تولى الفكي أمر الولاية، وتعتبر زيارة الرئيس بمثابة الخط الفاصل في منتصف دورته الرئاسية التي ستنتهي في العام 2020، ولكونه طرح العديد من القضايا الخاصة بالمواطن من خدمات وتنمية في برنامجه الانتخابي مما يحتم عليه مراجعتها مع الولاة، الذين عدل الدستور لتعيينهم بدلاً من انتخابهم، يضاف إلى ذلك قضايا خاصة بالولاية من مياه وكهرباء وصحة، كلها وضعناها أمام آدم الفكي في هذا الحوار:
* ماذا تعني لكم زيارة رئيس الجمهورية للولاية في أغسطس المقبل؟
الزيارة تأتي بعد زيارته الأخيرة أيام الاستفتاء والتي كانت أول زيارة تمر على هذه الولاية، وهذه الزيارة تختلف في المهام عن الزيارة الأولى التي كانت مخصصة لقضية محددة، أما هذه الزيارة فهي للتعرف على الأوضاع في الولاية بعد الفترة التي قضيناها من حيث الأمن والاستقرار والسلام والتنمية وجمع السلاح والنازحين، والعودة الطوعية، وغيرها من القضايا الكثيرة التي أصدر فيها الرئيس موجهات، ثم ماذا تم في هذه الموجهات بين الفترتين.
* ربما مرتبطة الزيارة بمراجعة وعود برنامج الرئيس الانتخابي؟
نعم، مرتبطة بقضية برنامج الرئيس الانتخابي الذي أعلنه إبان الفترة الانتخابية، وهو برنامج لا يتجاوز هذه النقاط المطروحة.
* هل أنت واثق ومطمئن بأن ما نفذته خلال الفترة الماضية يمكن أن يرضي الرئيس باعتباره المسؤول عن كل الولايات ومواطنيها؟
“نحن ما شغالين عشان نرضي الرئيس، نحن شغالين شغل دولة”، والرئيس هو رئيس الدولة، لا نرضي الرئيس في شخصه بقدرما نرضي البرنامج العام الذي طرحه، وفي إطار ذلك نعمل.
* أعلنتم تشكيل حكومتكم في الولاية، على ماذا استندتم في معايير اختيار المسؤولين؟
نعم، الحكومة التي أعلنت هي حكومة الحوار الوطني، متقاسمة بالمناصفة بين الأحزاب المشاركة والمؤتمر الوطني، هذه المرة انتقلت الحكومة انتقالا حزبيا، والحزب هو الذي يحدد الشخصية المشاركة في هذه الحكومة، وأعتقد أن هذه نقلة مهمة جدا ليس فيها تدخل قبلي ولا جهوي ولا مناطقي، نحن ننتظر الحزب الفلاني يرشح لنا من يمثله، وبعدها ننظر ما إذا كان مطابقا للمعايير المطلوبة، فبالتالي انتقال عدم تدخل القضايا المعروفة في اختيار الحكومة له أثر كبير جدا، حتى إذا كان هناك وزير غير قادر على الاستمرار يتم إرجاعه إلى الحزب المعني ليختار شخصية أخرى.
* هل استبعدتم أسماء تم ترشيحها نتيجة لعدم تطابقها للمعايير؟
كلها كانت متطابقة؛ لأن الجهة التي تطابق الأسماء ليست نحن، ولكنها تأتي متطابقة من المركز.
* يعني ذلك أن الحكومة تأتيك جاهزة وما عليك إلا إعلانها؟
الأحزاب تجيب ناسها جاهزين، لأن الحوار بين الأحزاب كان مركزياً وليس ولائياً، بالإضافة إلى أن توزيع مشاركة الأحزاب على مستوى السودان يتم مركزيا، وهذا يسهل من معرفة أن الحزب العلاني شارك في الولاية العلانية ولم يشارك في دارفور، وهكذا.
* هذا ينطبق على المؤتمر الوطني أيضاً؟
نعم بالتأكيد، نحن نرشح ناسنا من الولاية نعرضهم للمكتب القيادي للإجازة ثم نعرضهم على المركز.
* في حكومتك بعض الوجوه مكررة؟
شنو يعني مكررة، حتى الذين تكرروا ليس في إمكانهم، لكن إذا كان هناك وزير أداؤه كويس في الفترة الماضية ويؤدي شغلا ممتازا جدا، فنحن لا نغيره من أجل التغيير، بل نتركه يواصل، نحن في المؤتمر الوطني لدينا خمس وزارات ثبتنا اثنين وغيرنا اثنين، إذن نسبة التغير عالية، أكثر من (60 %).
* في شأن الولاية هناك من يرى أن التنمية في المحليات ليست ذات أثر ملموس وأن المواطن غير راضٍ؟
أنت حدد السؤال، هل تعني غير راضٍ أم أن التنمية ليست ذات أثر.
* أعني ليس لها أثر ملموس؟
يجب أن نفرق بين حاجتين، هناك قضية اسمها التنمية وأخرى اسمها الخدمات، أنت قاصد شنو؟..
* أعتقد أن التنمية والخدمات شيء واحد؟
لا ليس شيئا واحدا، هناك خدمات ضرورية لازم تتوفر، وهناك تنمية، مثلاً لازم أعمل مدرسة لأي منطقة، ولكن لا يمكن أن أعمل مثلاً طريقا مسفلتا لأي منطقة، أنا كوالٍ بالنسبة لي أن التنمية الموجودة في الولاية صحيح لم تبلغ الحد الممتاز لكن بالتدرج والمعطيات الموجودة في تقديرنا تمضي في اتجاه كويس، وأنا راضٍ عنها، لمجموعة من الأسباب، الأول أن الولاية كان فيها حرب، وهذا خلف آثاراً وعندما توقف نحتاج إلى عمل لإقناع الناس، صحيح في بعض المحليات ضعيفة وبعضها أخذ أكثر لكن نحن ماشين حتى نصل مرحلة تكون الحكاية متوازنة. والسبب الثاني أن سنتين ليست كفاية لتعمم تنمية على مستوى الولاية، حتى السنتين أخذنا منها سنة ونصف نعمل في قضايا أخرى منها الأمن والمصالحات القبلية.
* في قضية أخرى، الخريف على الأبواب وجنوب دارفور ولاية تعتمد على الزراعة، ماذا فعلتم في كافة النواحي لتأمين هذا الموسم؟
أعددنا إعدادا ممتازا، والتقرير العام لوزارة الزراعة يؤكد أن التقاوي متوفرة، وكذا الجازولين والمعدات والمساحات والمبيدات، ومعدلات الأمطار ممتازة.
* أُثيرت عدد من القضايا متعلقة بمسارات ضبط المال العام في الولاية، أبرزها وديعة وزارة المالية وبيت المال وتقرير المراجع العام؟
نعم، هناك ثلاث قضايا تمت إثارتها في الولاية، وفي تقديري هي قضايا عادية ومن حق الناس الحديث عنها، لكن الفيصل بيننا وبين الناس في الثلاث قضايا هو المراجع العام، أولاً في قضية الوديعة التي أثيرت وكتبت في الصحف، نحن من جانبنا لم نرد وإنما كلفنا المراجع العام بالملف.
* ما طبيعة هذه الوديعة؟
هي عبارة عن مبلغ من قروش وضع وديعة في البنك، ووزارة المالية اشترت سكراً بضمان ذلك المبلغ، وبانتهاء القضية أعيد للناس قروشهم، هذا في رمضان قبل الماضي، أثيرت بعد عام، والمراجع العام في تقريره قال لا يوجد أي فساد في هذه القضية، والقضية نفسها لا يوجد فيها دفتر شيكات عشان يكون مدعاة للفساد، بالتالي تقرير المراجع هو المرجع بالنسبة لنا. أما الجهات التي أخرجت هذا الحديث للرأي العام سنمضي معها في محاكم ومقاضاة عشان نرد للناس حقهم.
* وقضية بيت المال؟
المجلس التشريعي كلف المراجع العام والأخير أنجز وسيخرج تقريره، ونحن في تقديرنا بناء على التقرير، سنعرف إن كان هناك فساد أم لا، لكن أصلا المشروع جملة ليس فيه قروش، عبارة عن أرض بيعت عشان تبقى مول والريع يذهب إلى التنمية والطرق الداخلية، الناس يتحدثون عن أنها بيعت بثلاثة آلاف جنيه للمتر، وهي مفروض تباع بسبعة آلاف جنيه للمتر، وهذا كلام غير صحيح.
* وما هو الصحيح؟
لدينا ثلاث شهادات خرجت من وزارة المالية، باعت أرض يوم 21 سبتمبر بثلاثة آلاف جنيه، أي بعد القضية وقبلها بيعت بأربع آلاف جنيه للمتر، قانون الاستثمار يعطي الوزير ذلك الحق، ونحن عشان ما نتغالط ننتظر تقرير المراجع العام وسننشره في الصحف، وبناء عليه إذا وجد فساد سنحاسب الجهة الفاسدة، وإذا لم يوجد سنستمر في بلاغاتنا ضد الجهات التي روجت لهذه القضية.
* وهناك قضية تقرير المراجع العام؟
تقرير المراجع العام يعود إلى العام 2015 وهذه الفترة أنا لم أكن موجوداً والياً على الولاية، عملت فيها أربعة أشهر فقط، وممكن نفصلها لكن نحن لا نريد أن نقول إن الحكومة السابقة اشتغلت كذا ونحن عملنا كذا، القضية الهامة أن التقرير عرض على المجلس التشريعي وأجازه، وأنا بالنسبة لي المجلس أعلى سلطة تشريعية موجودة في الولاية، وبالتالي إذا أجاز تقريرا ليس من حق أي جهة أن تعلق، لأن المجلس هو الجهة التي تحاسبتي، والشاهد أن القضية مثارة في صحيفة واحدة والكاتب واحد، وهنا أن القارئ يجد أن القضية ليست رد حقوق أو مظالم وإلا كان من المفترض أن تتناولها كل الصحف، أنا كل يوم أصلي وأدعو الله سبحانه وتعالى أن كل من يقذف فينا بالباطل يأخذ لنا حقنا منه، لأن هذا ليس كلاماً يليق بصحافة وجهات مسؤولة، هناك نوع من الإساءة الشخصية.
* هل تتهم أفراداً أو مجموعة بالوقوف وراء هذا الأمر؟
أنا لا أتهم أي شخص، وجدت كلاما مكتوبا في الجريدة ولذلك أتهم مباشرة الجهة التي نشرت.
* ندلف إلى قضايا أخرى مع إن الكهرباء استقرت في نيالا إلا أن حوالى “80 %” من المصانع متوقفة الآن؟
توقف المصانع الآن لا علاقة له بالكهرباء، هناك إشكاليات أخرى، قد تكون كهرباء أو تمويلاً أو إسبيراً، هذه كلها مشاكل ونحن عشان نحل مشكلة المصانع، الآن الكهرباء شغالة على مدار اليوم، وشهر نوفمبر المقبل لدينا محطة جديدة بطاقة إنتاجية (30) ميقاوات قادمة، وبالتالي مشكلة الكهرباء تكون اتحلت. طيب باقي المشاكل الأخرى يحلوها كيف؟، فتحنا مصرفاً للتنمية الصناعية لأول مرة في جنوب دارفور من مهامه التمويل الصناعي، نعتقد نحن الآن ماشين في الطريق الصحيح، وفرنا الكهرباء، ونسعى لتطوير قانون الاستثمار، ومن حيث التمويل والتشغيل جهزنا فرعاً لبنك التنمية الصناعية وعقد البنك اجتماعا مع اتحاد الصناعات ورتبوا الحلول.
* أين يقف مشروع مياه قريضة؟
ماشي كويس، نحن حتى الآن حفرنا سبع آبار من جملة (19) بئراً في المشروع، ومن حيث توصيل المياه قطعنا كم وثمانين كيلومتراً، ولدينا إشكالية بدأنا نحلها بطريقة كويسة، في السابق هذا الخط مربوط بمولدات جازولين، الآن اتفقنا على توصيل الكهرباء إلى المحطة والمولدات عشان نوفر الجازولين، ويبقى هناك خط ناقل للكهرباء، موازٍ للخط الناقل للمياه، وبهذه الطريقة تبقى القصة أفضل من إنشاء كم وعشرين محطة توليد، وهذه تحتاج لتشغيل وأدوات وقوى عاملة، هذه طريقة تشغيلية معقدة.
* ما هي قصة النزاع بين الشرطة وقوات الدعم السريع في مقر للشرطة في نيالا؟
مركز الشرطة كان يتبع للمدبغة الحكومية في جنوب دارفور، وبتقسيم الولايات أُتبعت المدبغة إلى شرق دارفور، الولاية باعت هذه المدبغة لشركة الجنيد وهذه شركة مملوكة للدعم السريع، جاء ظرف والناس احتاجوا لحقهم، وبالتالي نحن الآن حددنا موقعا وبدأنا نبني مركزاً للشرطة، “والزول اللي يجي يقول ليك هذا موقعي ودي شهادة، ما عليك إلا أن تسلمه”، وبالتالي التنازع يكون موجوداً إذا كان هذا الموقع حكومياً لكنه بيع لشركة الجنيد، لكن الجرائد تناولتها في شكل نزاع لكونها تعتقد أن هذه قوات حكومية وما مفروض يخرجوها من المقر، لكن على سبيل المثال إذا كنا نستأجر ممنزلاً ما مقراً لأمانة الحكومة وصاحب البيت جاء قال داير بيتو تفتكر الوالي لن يخرج، لازم يطلع لأن هذا قانون.
* واضح أن هناك لقاءات بينكم وبين وزارة الطرق، هل لديكم اتفاقات جديدة لتنفيذ مشاريع بالولاية؟
ولاية جنوب دارفور من أكثر الولايات التي نالت حظاً في قضية الطرق، منها طريق نيالا عد الفرسان الرهيد، الآن أضف له الرهيد أم دافوك، ونيالا أبو عجورة تلس، وطريق شطايا كاليك كاس، وطريق نيالا الضعين، هذه كلها طرق تعمل داخل الولاية تقارب حوالى السبعمائة كيلومتر، وفي تقديرنا أن هذا يساعد في قضية وقف الحرب وتحقيق السلام.
* جنوب دارفور ضمن الولايات التي شهدت في بعض أجزائها إسهالات مائية؟
بالنسبة للإسهالات المائية، العدد الذي وصل إلى الولاية في حدود المائتين والوفيات حوالى (23)، وفي ولاية مليونية أعتقد أن العدد ليس كبيراً، والشيء المهم أن الفحوصات أكدت أن هناك مسببات أخرى غير الإسهالات المائية، لكن استطعنا أن نسيطر على الحكاية، وأكثر حاجة كانت مخوفانا هي المعسكرات، لكن التحية لأهل المعسكرات لأنهم لأول مرة يسمحون للحكومة بالدخول، وعملنا خيماً ومواقع لاستقبال المرضى وعلاجهم، وهذا خفف كثيرا جدا من الإصابات، ومن جملة عدد المصابين هناك حوالى (186) من معسكر كلمة، ولولا تداركهم وتعاونهم مع الحكومة لما عالجنا هذه المسألة.

حوار – آدم محمد أحمد
اليوم التالي