تحقيقات وتقارير

اغلاق القنصلية السودانية بالُكفرة .. أكثر من علامة إستفهام

اثارت الإتهامات التي ساقتها الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبدالله الثني لإغلاق القنصلية السودانية بمدينة الكُفرة الليبية وإمهال طاقمها 72 ساعة لمغادرة المدينة حفيظة الحكومة السودانية واعتبرت أنها اتهامات غير مؤسسة وتفتقر للأدلة على تجاوز بعض أفراد الطاقم القنصلي لمهامه الطبيعية ، واكدت وزارة الخارجية السودانية في بيان لها بأن بعثة القنصلية ومنذ إنشائها في 2003 م تمارس مهامها وفقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 م واتساقاً مع القواعد والتقاليد الدولية التى يتم اتباعها في العمل الدبلوماسي والقنصلي.

معلوم ان القنصلية السودانية في مدينة الكفرة الليبية ظلت رغم الظروف الأمنية التي تعيشها ليبيا تسهم في تعزيز التواصل الإجتماعي والتبادل التجاري عبر حدود البلدين الأمر الذي شهدت به قيادات وأعيان مدينة الكُفرة في عدد من المحافل الدولية ، كما ان الحكومة السودانية لعبت ادوراً عديدة عبر آلية دول جوار ليبيا والآلية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي والمساعي الأممية وتعاون الثنائي بينها وليبيا لدعم جهود تحقيق الأمن والإستقرار في كافة ربوع ليبيا.

تعامل السودان مع اتهامات حكومة الثني بدلوماسية مطلقة وذلك بشروع وزارة الخارجية في إجراء اتصالات مع حكومة الوفاق الوطني لمزيد من التحقق ، والتأكد من مدى وفاء الجانب الليبي بكافة الحقوق والامتيازات التي تكفلها معاهدة “فيينا” والمواثيق الدولية ذات الصلة للبعثات الدبلوماسية والقنصلية.

يبدو ان قرار طرد افراد القنصلية السودانية في الكفرة يتسق مع مواقف بعض الأطراف الليبية وماكانت اتهامات العقيد المسماري الناطق باسم قوات خليفة حفتر للسودان بدعم بعض الجماعات الإرهابية في ليبيا الا تمهيداً لبدء حملة منظمة ومؤامرة دولية ضد السودان تسعي الى تشويه صورته لدي المجتمع الدولى.

لكن ظلت الحكومة السودانية تتجاهل محاولات التصعيد التى ظل يقودها اللواء خليفة حفتر ضد السودان ، لكن القرار الأخير بإغلاق القنصلية السودانية يحتم فضح ممارسات حفتر واعوانه ووضع جميع الأدلة التى تثبت تورطهم في زعزعة أمن واستقرار السودان.

ومن الواضح ان اتهام أعوان حفتر للسودان بدعم الإرهاب ماهي الا محاولة لتوريطه بغرض الحصول على مزيد من الكسب والدعم من قبل بعض الاطراف الدولية التى لها وجود في الصراع الليبي لكن تعامل السودان مع الملف الليبي يبين ان حادثة القنصلية السودانية لن تؤثر على موقف السودان حيال الأزمة الليبية بالاستمرار في دعم كافة الجهود التى تحقق التوافق بين الفرقاء في ليبيا.

سبق ان تجاهلت الحكومة السودانية الإتهامات المتكررة التى ظل يطلقها خليفة حفتر بدعم السودان للإرهاب لجهة انها لاتستند إلى أي دليل يعضدها ويبين حقيقتها في ظل الكثير من التقاطعات الإقليمية والدولية معتبرة انها محاولة من قبل حفتر وبعض الأطراف الداعمة له لتوريط السودان في الأزمة الليبية وابعاده عن موقفه الإيجابي تجاه الأزمة الليبية ، خاصة وانه ظل يتمسك بذلك الموقف رغم جميع المتغيرات العسكرية من قبل قوات خليفة حفتر ، وظل يجدد رفضه لأي تدخل عسكري خارجي في الأزمة الليبية ، وشدد على انه ينبغي أن يكون الحل نابعًا من الليبيين أنفسهم بمعاونة الإتحاد الأفريقي مع التأكيد على أن السودان يقف مع الحل الليبي على أن يشمل جميع الأطراف دون إقصاء لأحد . الأمر الذي لم يروق لحفتر حلفائه وجاءت اجراءات اغلاق القنصلية السودانية في الكفرة ومن المؤكد انها خطوة جاءات بمباركة بعض الدول التى تريد ان تتهم السودان برعاية الإرهاب في الوقت الذي ظل فيه اللواء خليفة حفتر يستعين بحركات دارفور المتمردة ويمدها بالسلاح والمال بهدف تهديد الأمن والإستقرار في السودان.

على الرغم من ان المجتمع الدولى ظل شاهداً على الممارسات الإرهابية التى يقوم بها حفتر بالتعاون مع الحركات السودانية المتمردة بغرض تهديد الأمن والغستقرار في ولايات دارفور ، الا ان السودان لم يتعامل بالمثل وظل يدعو الى حل سلمي بين اطراف الصراع في ليبيا.

لاشك ان تقاطع المصالح بين حكومة الله الثني واللواء خليفة حفتر احدي الاسباب وراء اغلاق القنصلية السودانية بمدينة الكفرة ، مع ان السودان سبق ان اعترف بحكومة الثني واستقبل رئيسها رسمياً في محاولة لملمة الخلافات بين حكومته وحكومة طرابلس.

الإجراء الأخير الذي قامت به حكومة عبد الله الثني حيال السودان وضع عدداً من الإسئلة حول الاهداف والدوافع وراء تلك الخطوة وما اذا كان للواء حليفة حفتر علاقة بها .. كل هذه الأسئلة ستجيب عليها احداث الساحة السياسية خلال الفترة القادمة.

رانيا الأمين
(smc)