عالمية

مخالفو الإقامة والعمل يترقبون حملة للسلطات السعودية بعد انقضاء مهلة

على مدى أربعة أشهر أرسلت الحكومة السعودية رسائل نصية لكل هاتف محمول في المملكة تأمر فيها “العمال الوافدين المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود” بمغادرة البلاد قبل انقضاء مهلة انتهت بالفعل أواخر يوليو تموز.

وحذرت حملة “وطن بلا مخالف” من تغريم وسجن وترحيل أي شخص يتم القبض عليه من دون وثائق إقامة سارية بعد انقضاء فترة المهلة (العفو) وذلك في محاولة متجددة للحد من السوق السوداء الضخمة للعمالة في المملكة.

وتقدر السلطات السعودية أن أكثر من 600 ألف شخص استفادوا من المهلة التي تتيح لأي وافد مخالف لقوانين الإقامة، في أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم، مغادرة البلاد دون عقاب.

لكن ملايين غيرهم بقوا إما بسبب عزمهم على البقاء أو عدم قدرتهم على الاستفادة من العرض. وهم الآن يترقبون حملة ضد من تصفهم الرياض بالمخالفين أو المتجاهلين لأمر المغادرة.

وقال عاطف علام (28 عاما)، وهو عامل هندي في مخيم للعمال في شرق الرياض يخشى من مداهمة الشرطة، “لا نعرف ما سيحدث لنا”. ونادرا ما يغادر عاطف المخيم ويخشى من القبض عليه عند نقاط التفتيش الخاصة بالشرطة على الطرق بأنحاء الرياض.

ويرفض أورانجزيب أكرم (43 عاما)، وهو عامل باكستاني، في المخيم فكرة أنه شخص “مخالف” أو “متجاهل”.

وقال وهو يمسك بطاقة إقامة منتهية الصلاحية “وضعي قانوني، جئت إلى هنا لشركة بن لادن”.

*سوق سوداء للعمل

تذكر إحصاءات رسمية أن 12 مليونا، من أصل 32 مليون نسمة يعيشون في السعودية، هم من الوافدين ومعظمهم من ذوي المهارات المنخفضة من آسيا وأفريقيا ويعملون في قطاعي البناء والخدمات.

لكن هناك عدة ملايين آخرين يعيشون خارج نطاق القانون ويديرون أعمالا غير مسجلة أو يقبلون عملا غير رسمي مع شركات تتجنب متطلبات توظيف سعوديين برواتب أعلى.

وذكرت صحيفة الحياة أن السلطات لم تصدر تقديرات سكانية للمخالفين لكن عضوا بمجلس الشورى طالب، قبل بدء فترة المهلة، بترحيل خمسة ملايين شخص.

ودخل البعض البلاد بشكل غير قانوني وخاطروا بخوض رحلة خطيرة عبر الصومال واليمن، في حين تجاوز آخرون مدة تأشيرات عملهم وواجهوا نزاعات عمالية مع أرباب العمل وجاء البعض الآخر لأداء الحج أو العمرة ولم يعودوا لديارهم قط.

وتحملت السلطات السعودية مخالفات العمالة على مدى عقود، بسبب تكاليف عمليات الترحيل وتوابعها الاقتصادية.

لكن مع زيادة الضغوط خلال العقد الأخير لتوفير فرص عمل للسعوديين، الذين تبلغ نسبة البطالة بينهم 12.7 في المئة، التزمت الحكومة بالتخلص من العمالة الزائدة.

وترك أكرم عمله في أكتوبر تشرين الأول الماضي بعد أن أدى التباطؤ الاقتصادي في قطاع البناء إلى توقف مجموعة بن لادن عن دفع أجور مقاوليها من الباطن وعشرات الآلاف من العاملين الوافدين.

لكنه قال إن الشركة لم تقم قط بتجهيز حسابه أو أوراق إقامته واحتفظت بجواز سفره تاركة إياه والرجال الآخرين البالغ عددهم 300 شخص في مخيمهم دون وثائق إقامة سارية. ولم ترد الشركة على طلبات للتعليق.

وتشير أرقام جُمعت من وسائل إعلام محلية إلى أن المملكة عرضت أول فترة عفو في عام 2013 بعد تطبيق نظام الحصص لتوظيف السعوديين في القطاع الخاص. وتم ترحيل ما لا يقل عن 800 ألف شخص في الحملة التي تلت ذلك.

وفي بعض الحالات تحولت الحملة إلى العنف وسادت اضطرابات في مناطق حضرية ومراكز احتجاز. وزاد الضغط من أجل الإصلاح الاقتصادي بعد أن انخفض سعر النفط إلى النصف منذ عام 2014.

*التسلل من ثغرات المهلة

شرعت السلطات في مهلة أكثر تنظيما هذه المرة فيما يبدو على الرغم من أنها لم تستجب لطلبات رويترز للتعليق على الحملة المقررة. ويتحدث عاملون في الریاض عن احتجاز أفراد لكن لم تنفذ مداهمات جماعية أو عمليات ترحيل حتى الآن.

ومع ذلك نجح آلاف العمال في التسلل من ثغرات فترة المهلة. ولم يُسمح لهم بالمغادرة وكثير منهم ضحايا فيما يبدو للبيروقراطية أو لمشاكل قانونية معقدة أو لكليهما.

وقدمت ويلما (43 عاما)، وهي خبيرة تجميل فلبينية اكتفت بذكر اسمها الأول، طلبا لتحصل على عفو بموجب المهلة لكن طلبها قوبل بالرفض بسبب قضية لم يتم الفصل فيها بشأن نزاع على الأجور ضد صاحب عملها السابق.

وكسبت ويلما القضية قبل عامين لكنها لم تحصل على جواز سفرها بعد وكذلك على راتب ما يعادل ستة أشهر. وفي غضون ذلك انتهت إقامتها.

وعثرت على عمل بشكل غير مشروع في صالون آخر العام الماضي مما ساعدها على دفع ثمن السرير الذي تستأجره في شقة مع عاملات أخريات من الفلبين في وسط الرياض.

لكن ويلما تركت العمل مع انتهاء فترة المهلة خشية أن يتم القبض عليها دون إقامة سارية.

وقالت فاني ساراسواثي من منظمة حقوق المهاجرين وهي منظمة حقوقية مقرها الخليج “الفرضية التي تقوم عليها فترة المهلة هذه هي أن الوضع غير القانوني للعامل هو خطؤه أو خطؤها…في الواقع معظم العمال ليس لديهم سلطة على وضع تأشيراتهم”.

وأضافت “من المرجح أن تكون هناك حملة لكن بالنسبة لمعظم العمال فإن هذه مخاطرة تستحق الخوض”.

من كاتي بول

الرياض (رويترز)
(إعداد ليليان وجدي للنشرة العربية – تحرير محمد محمدين وعلي خفاجي)