عثمان ميرغني

الحبس .. في (بيت الطاعة)!


نمَى إلى علمي أن )اللجنة القومية لتشييع وتأبين المناضلة فاطمة أحمد إبراهيم( أصدرت بياناً أوضحت فيه تفاصيل مراسم التشييع، الذي يبدأ باستقبال جماهيري في المطار، ثم نقل الجثمان إلى “دار الحزب الشيوعي” بالخرطوم “2”.. ومنها إلى منزل الأسرة بحي “العباسية” بأم درمان، ثم إلى “ميدان الربيع” للصلاة عليه.. ومن ثم إلى مقابر “البكري”.. ثم العودة مرة أخرى إلى منزل الأسرة لمهرجان التأبين.

بالله عليكم هل لحظتم كيف يعيد الساسة إنتاج الأخطاء؟.
الفقيدة فاطمة أحمد إبراهيم رمز قومي سوداني؛ بدليل أن لجنة التشييع والتأبين أسمت نفسها )اللجنة القومية(.. فلماذا الإصرار على حبسها في بيت الطاعة الحزبية.. بنقلها من المطار إلى “دار الحزب الشيوعي”؟.

لو كانت “دار الحزب الشيوعي” رمزاً تأريخياً، تأسس فيه الحزب وظل– مثل أندية الخريجين- أثراً تأريخيا معتقاً يستحق أن يكون مزاراً لكان مرور جثمان الراحلة عليه واجباً وشرفاً يجدر ألا يقبر جسدها قبل التمتع به.
لكن “دار الحزب الشيوعي” هي مجرد مقر )مستأجر( لا قيمة تأريخية له إلا كونه مقراً حالياً للحزب.. فيصبح إدراجه في برنامج التشييع مجرد )ترويج( إعلامي للحزب.. في مقام اعتلت فيه الفقيدة أعلى سنام القومية الواسعة التي جعلت كل السودانيين يذرفون الدمع حزناً على رحيلها.
فاطمة كانت “شيوعية” وماتت على ذلك، لا أحد ينكر للدرجة التي تجبر الحزب الشيوعي أن يؤكد ذلك، لكنها ناضلت وبذلت حياتها من أجل كل السودان، وكل نساء السودان، وليس نساء الحزب الشيوعي.

مثل هذه النظرة تضيِّق سعة )قومية( الرموز الوطنية.. فتحولها إلى مشاريع حزبية ضيقة محبوسة في قوائم العضوية.. فنفس هذا الخطأ لا يزال يرتكبه حزب الأمة.. الذي حول الإمام محمد أحمد المهدي بكل نضاله وإنجازه القومي إلى أيقونة حزبية خاصة.. من رمز )الأمة( إلى رمز )حزب الأمة(.
بالله عليكم، بعد كل أنهار الحزن القومي النبيل على وداع فاطمة، ألم يكن الأجدر أن يحمل جثمانها ليصلى عليه في )ساحة الشهداء( بالخرطوم- رمز أكتوبر التي كانت أحد أبطالها.. أو إلى ساحة مكتبة جامعة الخرطوم، التي ارتبطت صورتها بالشهيد القرشي رمز الحرية، وبضياء العِلم الذي كانت فاطمة سراجه الوهاج في عتمة ظلام الجهل.
من قال إن الحكومة تملك )ساحة الشهداء(، أو )جامعة الخرطوم(.. إن كان الحزب الشيوعي قد تنازل عنها للحكومة، أو حزب المؤتمر الوطني فالشعب السوداني لم يتنازل عنها لأحد.. تظل تلك أماكن قومية مقدسة يحج لها وجدان الشعب السوداني كلما هيجته الذكرى إلى الماضي الذي سطّر فيه “أخلد” اللوحات.. وعندما غنى الفنان محمد الأمين رائعة الأستاذ هاشم صديق لم يذكر “دار الحزب الشيوعي” أو “ميدان الربيع”.

)كان في الجامعة موكب هادر
صمم يجلو الليل السادر..(.
شح الذات الحزبية واحد من أنكى مخازي المشهد السياسي في السودان.

حديث المدينة – عثمان ميرغني
صحيفة التيار


تعليق واحد

  1. ملعون ابو الحزب الشيوعي السوداني والعالمي اما الميتة لانقول الا الله يرحمها رحمة واسعة ولكن اكرام الميت المسارعة في دفنة وليس ان نعمل له زيارات للعديد من المواقع المختلفة ولكن اين نجدالعقلال فالشوعيين لم يحسنو التصرف يوما من الايام الله يقلعهم من الارض اميييييين