بهذه الطريقة سيصور العلماء جوف الأرض
أعد الخبراء في معهد “ميسيس” الروسي للبحوث العلمية طريقة جديدة للتصوير الإشعاعي الميوني، تمكنهم من تصوير أجسام تقع على عمق كيلومترات في جوف الأرض.
وتقوم هذه الطريقة على استقبال الميونات بصفتها جسيمات أولية إشعاعية تنتج عن اصطدام الأشعة الكونية بالغلاف الجوي للأرض، حيث إن بروتونات الميونات، بعد دخولها إلى طبقات الجو الكثيفة التي تقع على ارتفاع أدنى من 40 كيلومتراً، تصطدم بالجزيئات التي تكون الغلاف الجوي.
وعند اصطدامها تنحرف مكونة جسيمات جديدة مختلفة، يتحول جزء منها سريعاً إلى الميونات التي لا تلبث أن تختفي هي الأخرى، لكنها لا تتمكن من النفاذ عبر الغلاف الجوي كله فحسب وإنما تتوغل إلى جوف الأرض الصلب (بعمق كيلومترين) وإلى أعماق البحر (بعمق 8.5 كيلومتر)، علماً بأن كل متر مربع من سطح الأرض يستقبل نحو 10 آلاف ميون في الدقيقة.
ومع زيادة كثافة المادة الصلبة، يقل تدفق الميونات، فإذا ما كان هناك جسم صلب ما في طريق هذه الميونات في المجال بين الفضاء وجهاز مستقبل إلكتروني، فإن هذا الجهاز سوف يستطيع طباعة صورة مقلوبة لملامح هذا الجسم. وفي حال وجود تجويفات داخله فإنها ستظهر أيضاً، نظراً لأن الميونات العابرة لها ستتجاوز طبقات مختلفة الكثافة.
فإذا ما وضعت هذه المستقبلات الإلكترونية على أسطح مختلفة، فإن ذلك كفيل بوضع خارطة ثلاثية الأبعاد لهذا الجسم.
ويتم تسجيل الميونات بواسطة ألواح بروميد الفضة، التي يتعرض بعضها للضوء. ثم يتم تحميض هذه الألواح ومقارنة الأجزاء التي تعرضت للضوء، وكلما قلت حبيبات البروميد حجماً كلما ازدادت المقارنة دقة، حتى تتحسن صورة الجسم المراد تصويره.
وقام العلماء في معهد “ميسيس” الروسي للبحوث العلمية بالتعاون مع العلماء في معهد الفيزياء النووية للبحوث العلمية برئاسة دكتورة علوم الرياضيات والفيزياء، ناتاليا بولوخينا، بتصميم عملي لهذه المستقبلات الخاصة بعملية التصوير الإشعاعي الميوني، لا تسمح برؤية الميونات فحسب بل وتحدد اتجاه حركتها بدقة.
وقالت مديرة معهد “ميسيس” للبحوث العلمية، أليفتينا تشيرنيكوفا، إنه يمكن عن طريق فك شفرة قراءة المستقبلات وضع صورة ثلاثية الأبعاد لأي جسم بدءاً من الأجسام الواقعة داخل القشرة الأرضية بعمق متر واحد، وانتهاء بخارطة كهف داخل جبل.
ومن جانبها، أوضحت مديرة المشروع، ناتاليا بولوخينا، أنه من الممكن الآن تقييم حالة فوهة بركان والتنبؤ بوقت ثورانه وحالة مفاعل نووي. كما يمكن التنقيب عن الغاز الطبيعي في جوف الأرض والتنبؤ بنشوب حريق في منجم ما، والحيلولة دون وقوع كوارث طبيعية مختلفة.
وقد أكدت التجارب التي أجريت مؤخراً في مدينة أوبنينسك في مقاطعة كالوغا الروسية فاعلية هذه التكنولوجيا. ويتم الآن إعداد مجموعة من الكاشفات التي تستهلك كمية بسيطة من الطاقة وتتصف ببساطة الاستخدام، والتي ستنصب داخل المناجم وآبار النفط والغاز والمفاعلات النووية القديمة.
المواطن نت