العيادات العشوائية..الاتجار بصحة المواطن
تتجدد ظاهرة انتشار العيادات العشوائية والأطباء المزيفين من فترة لأخرى لتثير حالة من الخوف والقلق وسط المواطنين نسبة لأنه لا توجد اسرة لا تلجأ الى العيادة للاستشفاء. لكن حالات الغش والفوضى التي يعج بها الحقل الطبي يفقد المصداقية والطمأنينة في نفوس المواطن تجاه الأطباء الذي أصبحوا داخل دائرة الاتهام ،
ولحساسية الأمر وما يتعلق بها من حياة وصحة المواطن بشكل مباشر كان لابد لـ»الإنتباهة» ان ترجع للجهات المعنية لمعرفة التدابير والإجراءات التي ستقابل بها مثل هذه الجرائم لنجد ان كل جهة ترمي عن عاتقها المسؤولية .
تخوف المواطنين
كل المخالفات التي تصدر وتنتشر وسط المجتمع لتصل درجة انشاء عيادات يديرها اطباء مزيفون يروح ضحيتها المواطن الغلبان ما دعا “الإنتباهة” ان تستنطق فئة من المواطنين لمعرفة آرائهم ومدى ادراكهم لخطورة الأمر ليقول المواطن ابوعاصم لـ”الإنتباهة” ان الخبر وقع عليهم مثل الصاعقة لوصول درجة الغش والتلاعب بأرواح وصحة الشعب من اجل كسب المال. واضاف من المؤسف ان تكون أخلاق اولاد البلد بهذه البشاعة والطمع بجانب افتراء الأجانب الذين فتحت لهم البلاد ذراعيها لاحتضانهم بينما هم يقابلون الاحسان بالسوء, وتابع لابد من إعادة نظر الجهات القائمة على الامر في السماح للأجانب بمزاولة المهن في قطاع الصحة على وجه الخصوص ، أما المواطن ابراهيم الشفيع يقول لـ”الإنتباهة” ” يعني لما نمشي عيادة تاني نطالب بشهادة الطبيب والترخيص ؟” وتابع: هذه ليست مسؤولية المواطن وانما نحمل قطاع الصحة كل المخالفات والتفلتات التي تحدث في الحقل الطبي باعتبارها الجهة المعنية بالرقابة وتوفير بيئة صحية ومعينات للمواطن. بينما تؤكد المواطنة أم خالد أن التلاعب من قبل العيادات خاصة التجميل, وقالت ” تجربتي مريرة مع عيادات التجميل ” وفي فترة سابقة ذهبت لعيادة تجميل وسط احد الأسواق بعد ان دلتني على مكانها إحدى صديقاتي وبعد قابلت الطبيب وعرضت له مشكلة بشرتي كتب علاجاً بمبلغ كبير ومع ذلك كنت أنفذ توجيهاته بالحرف, لكن عندما استعملته ساء الأمر اكثر مما هو عليه لأعرف بعد فترة ان العيادة تم إغلاقها لمزاولتها العمل بصورة عشوائية. وأضافت نطالب الجهات المعنية بفرض رقابة مكثفة على تلك الأحياء والعمل معها بضوابط احترازية واكثر صرامة, فالمواطن ليس لعبة بأيديهم .
فخ الجريمة
لخطورة الجريمة وعواقبها التي يمكن ان تنتج عنها بما يضر بصحة الإنسان نجد ان وزارة الصحة تلوح بتحذيراتها للمواطنين من الوقوع في فخ الأطباء المزيفين وعياداتهم التي لا تتضمنها لائحة التسجيل والتصديق لها بالعمل, وسبق ان حذر وزير الصحة الولائي مامون حميدة المواطنين بعدم التعامل مع الأطباء غير المسجلين في المجلس الطبي، ومن لا يحملون ترخيصا من إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة.
محضر التحري
انتشرت ظاهرة الأطباء المزيفين والعيادات العشوائية بصورة مزعجة دعت السلطات الشرطية والأمنية ان تكثف حملاتها لتوقف ذاك النشاط المميت. وكشفت سجلات الشرطة عن توقيف عدد من الأطباء المزيفين الذين اقتيدوا إلى أقسام الشرطة المختلفة نتيجة لكثرة الضبطيات التي تمت في مواجهة هذه الظاهرة, وكان شهود الاتهام قد كشفوا خلال التحري عن وجود ممارسات تتم داخل عدد من العيادات وأن أصحابها لا علاقة لهم بالمجال الطبي وتم التنسيق مع مباحث حماية المستهلك بعمل كمين للتأكد من ذلك، وعند مداهمة العيادة التي اختير لها موقع وسط العاصمة ,وجد بداخلها أعداد كبيرة من المرضى أغلبهم من مختلف ولايات السودان والمناطق الطرفية بولاية الخرطوم, نتيجة لقلة قيمة رسوم الكشف والمقابلة لتتوافق مع أوضاعهم المادية، لتتم مداهمة العيادة والقبض على الطبيب المزيف الذي اتضح أنه لا يحمل بطاقة طبيب وإنما كان مساعدا طبيا ما جعله يقدم على خطوة الطب بحجة أن له من الخبرة الطبية الكافية ويحمل تسجيلاً مؤقتاً بينما الممرضة لا تحمل أية شهادة طبية بالإضافة إلى أن العيادة غير مرخصة كما أسفرت بعض الحملات التي قامت بها شرطة المباحث وحماية المستهلك عن مداهمة ثلاث عيادات بالخرطوم كادرها العامل من دول الجوار (طبيب ـ ممرض ـ تقني معمل) ولا يحملون شهادات تؤهلهم للعمل الطبي كما داهمت مباحث شرطة حماية المستهلك عيادة بها طبيب أجنبي مزيف إضافة لمخالفات أخرى تتعلق بعدم الترخيص والتأهيل للممارسة المهنة.
أصابع الاتهام
وجهت جمعية حماية المستهلك أصابع الاتهام للمحليات التي تمنح التصاديق لمثل تلك العيادات العشوائية والعشبية , وقال رئيس جمعية حماية المستهلك د. نصرالدين شلقامي لـ”الإنتباهة” ان قطاع الصحة يعاني ضعف الرقابة ما يجعل المحليات تمنح تصاديق دون ضوابط رقابية في الوقت الذي لا يحق للمحليات بتلك الصلاحيات وليس لديها امكانيات للقيام بذلك. ولفت شلقامي الى وجود “200” عيادة عشبية تندرج في قائمة “العشوائي” . وقال ان الجمعية من صميم مهامها نشر التوعية وسط المواطنين وتعريفهم بالمخاطر التي يجب ان يتفادوها. واضاف انه الجمعية سبق ان نبهت لمثل تلك المخاطر من خلال الندوات والمقابلات التي تتم بينهم وبين المسؤولين, وكشفنا عن الكثير من العيادات المتفلتة والمخالفة للقانون وبالرغم من ذلك نجد اقبالا كبيرا من قبل المواطنين عليها . وشدد شلقامي على ضرورة المتابعة والرقابة الدورية بدلاً من الموسمي من قبل وزارة الصحة لتفادي الأضرار المحتمل وقعها على صحة الإنسان, فالدواء ان لم يتناول بوصفة طبية متخصصة يصبح سماً ينهي حياة البشر . ونبه بأهمية المتابعة من وزارة الصحة وألا تترك للمحليات زمام الأمور بجانب توعية المواطن بان يكون رقيباً على صحته وينتبه للتفاصيل الدقيقة . وعزم شلقامي على العمل في متابعة القضية بالتعاون مع وزارة الصحة للحد من انتشار العيادات العشوائية والتخلص من الاطباء المزيفين لسلامة المواطن .
أقاويل باطلة
بعد ان فتح باب الاتهام على المحليات كان لابد لـ”الإنتباهة” ان تصل اليهم باعتبارهم جزءاً اصيلا في عملية انتشار العيادات العشوائية ليصد معتمد جبل اولياء ذاك الباب وينفي ما قابلته المحليات من اتهامات وأقاويل باطلة, وقال معتمد جبل اولياء اللواء جلال الشيخ لـ”الإنتباهة” لا توجد محلية تستخرج تصاديق للعيادات فذلك من صميم عمل ادارة المؤسسات العلاجية بوزارة الصحة كما ان المحلية ليس من شؤونها الجانب المتعلق بوزارة الصحة, واضاف ان ادارة الصحة الموجودة بالمحليات اختصاصها المتابعة للعمل والإشراف وليس التصديق اياً كان نوعه . وكل ما أثير عن صلاحيات المحليات ومخالفاتها بمنح التصاديق اتهامات لا وجود لها على أرض الواقع .
قرارات صارمة
في حملة تفتيشية وسط العاصمة نفذتها ادارة المؤسسات العلاجية بوزارة الصحة أعلنت وزارة الصحة بولاية الخرطوم عن إغلاق ” 2″ من المستشفيات إغلاقاً مؤقتاً إلى حين إزالة المخالفات ، والتي تمثلت في الحفظ غير الآمن للدم بجانب ضبط مخالفات في مركز أسنان يملكه أجنبي يستجلب عمالة أجنبية دون الحصول على تسجيل من الجهات المختصة إضافة إلى 20عيادة و7 معامل . وكشف مدير إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة بالوزارة د.محمد عباس فوراوي لـ”الإنتباهة” أن من بين المؤسسات المغلقة 20 عيادة و7معامل تعمل دون ترخيص اضافة إلى مخالفات, وأكد عدم تهاون الوزارة في حال ضبط المخالفين. مشيرا الى تنفيذ حملات تفتيشية واسعة على المؤسسات العلاجية الخاصة المخالفة ، بالتنسيق مع نيابة ومباحث حماية المستهلك وأمن الولاية والأمن الاقتصادي تستهدف العيادات العشوائية التي تعمل بدون ترخيص ويدير معظمها منتحلو صفة الأطباء ، ومراكز العلاج بالأعشاب غير المرخصة، ومراكز التجميل العلاجي، ومحلات بيع النظارات العشوائية وباعة النظارات في الطرقات ، وعربات الإسعاف غير المرخصة. وشدد فوراوي، على جميع المخالفين بتوفيق أوضاعهم بالترخيص ووصف ما يقوم به بالمهدد للأمن الصحي للمواطن وعدم احترام لقانون الدولة، لافتاً إلى أن المخالفات التي تمس صحة المرضى بصورة مباشرة مثل المواد الطبية منتهية الصلاحية والمتعلقة بسلامة الدم والأجهزة الطبية الضرورية تضاءلت من 80% الى ٥% خلال الثلاث سنوات الاخيرة, منوهاً إلى ان عدد المؤسسات العلاجية الخاصة بالولاية تجاوز (3400) مؤسسة بينها “٨٠” مستشفى.
نجلاء عباس
الانتباهة