مقالات متنوعة

الدواء ليس من حق للفقراء


* تفاقمت أزمة الدواء مرة أخرى، بارتفاع سعر العديد من الأدوية الى أكثر من 300% ما يؤكد أن حياة الموطنين باتت في خطر حقيقي مع تزايد نسبة الفقر وارتفاعها لمعدلات خطيرة.
* يأت هذا وسط صمت حكومي مطبق، ولأول مرة لا نسمع جعجعات ولا نرى تصريحات مضللة كما جرت العادة.
* وكلما تناقلت المجالس خبر الزيادة غير المعلنة في أسعار الدواء، تنتعش الذاكرة الهرمة بحديث نائب رئيس الجمهورية، حسبو محمد عبدالرحمن، عقب أزمة الدواء الأخيرة وإضراب الصيادلة قبل عام، وهو يتحدث عن أهمية نقل العلاج المجاني إلى التأمين الصحي وضبط العملية العلاجية لضمان ذهابه لأصحابه لأن هناك من يشارك أصحاب الحق في مجانية العلاج، على حد زعمه.

* ولا زال العرض مستمراً، وسياسة التخدير وطق الحنك هي المسيطرة على المشهد، وهو يتهم وبشدة جهات لم يسمها إنها من تختلق الأزمات وتعمل ضد تحقيق سياسة العلاج المجاني، وأن إحدى الولايات “كدست” أدوية العلاج المجاني بقيمة (60) مليار جنيه دون أن توصله للمحليات.
* بحديثه هذا، سيادة النائب حسبو، يريد أن يقول لنا أن هناك من يتسبب في كل هذه الأزمات، دون أن يكشف لنا ما هو (الهناك) خاصة وأنه في وضعيته كنائب لرئيس الجمهورية يفترض فيه أن يسمي الأشياء بأسمائها بدلاً عن التمويه والطعن في ضل الفيل، لأن الفيل موجود ومعلوم للكل.

* وعلى ذكر التأمين الصحي الذي يتحدث عنه النائب، فهو يظل مجرد لافتة مظلمة لما تسمى (مجانية العلاج)، والتي يراد بها تغبيش الصورة الحقيقية للوضع الصحي بالبلاد، وتجميل صورة النظام الكالحة، وهو يعلم تمام العلم أن أدوية التأمين الصحي ليس من بينها الأدوية (الحقيقية) التي يبحث عنها المواطن، ومعظم الأدوية لا تخرج من نطاق البندول والإسبرين والمضادات الحيوية، (غير المهلكة لخزينة الدولة) ولكنها بالتأكيد مهلكة لجيب المواطن.
* فالوضع الطبيعي وفي إطار تدعيم مبدأ الشفافية ومحاربة الفساد الذي تصرح به الحكومة بمناسبة وبدون مناسبة، كنا نتوقع من سيادته كشف أسماء الذين تسببوا في هذا الفساد والعمل اللا إنساني وتقديمهم إلى المحاكمة، إلا إن كانت التقاطعات السياسية والمصالح المشتركة حالت دون إعلان ذلك، وبالنسبة لأي مواطن عادي فالأمر لا يخرج من نطاق صرف الأنظار عن القضية الأساسية التي أدخلت النظام في عنق الزجاجة.

* وكنا نتمنى من السيد النائب أن يفتينا في العلاج على حساب الدولة بالخارج، والذي تنعم به فئة دون غيرها، الطائرات التي تقل الأكابر إلى الأردن وألمانيا ومصر ومصروفات العلاج التي تدفع هناك كافية لإنقاذ حياة مئات المرضى بالسودان.
* الهجرة العكسية من الخرطوم لمدني طلباً للعلاج يبدو أنها ستنتهي بعد أن يقل عدد المرضى (بالموت) بحسب مخطط النظام، ومن لم يمت في سريره، مات بإنعدام الدواء.

* عندما تحين ساعة الحقيقة، ستقولون أن وزير المالية هو من أودى بالمواطنين إلى الهاوية بسياساته الطائشة غير المدروسة، وستجدون من يرد عليكم بأنكم شركاء في هذه الجريمة الإنسانية بصمتكم المخجل ومشاركتكم في الموت البطئ لشعبكم الذي ستُسألون عنه يوم الحساب.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. والله إنك صحفية بمائة صحفي وحسبنا الله ونعم الوكيل