تحقيقات وتقارير

أصولها في الخارج «4.1» مليار جنيه سوداني.مراسلات البنوك…. صعوبات وتحديات


بالرغم من رفع العقوبات الامريكية المفروضة على البلاد الا ان البنوك السودانية مازالت تعاني من التعامل مع البنوك الاجنبية وذلك نتيجة لانعدام أو ضعف أرصدتها من العملات الصعبة في البنوك المراسلة لها بالخارج للدرجة التي أصبحت معها لا تستطيع تغطية قيمة الاعتمادات المستندية و الحوالات المصرفية الصادرة عنها و أصبحت مصنفة في كل محافظ تلك البنوك كحسابات رديئة والدليل على ذلك أن أجمالي أصول البنوك التجارية في الخارج بما فيها ودائعها في البنوك الأجنبية كما هو منشور في موقع بنك السودان المركزي في الجدول رقم «14A» ـ «الميزانية الموحدة للبنوك التجارية ـ جانب الأصول ـ مجلة العرض الاقتصادي والمالي ـ يناير ـ سبتمبر 2016م» تبلغ فقط 4.1 مليار جنيه سوداني حتى في سبتمبر 2016م. أي ما يعادل 25.7 مليون دولار بسعر البنك «15.8» في حين أن فاتورة الواردات خلال الفترة نفسها تبلغ 9.5 مليار دولار، بمعنى أن أصول البنوك التجارية في الخارج التي من المفترض أن تستخدم في تمويل الواردات تغطي فقط 0.3% من قيمة فاتورة الواردات.
آثار سلبية
وطالب خبراء الاقتصاد والمختصون بضرورة سعي المصارف الوطنية لاستعجال نشر المراسلين الخارجيين للتعامل مع البنوك السودانية التي يبلغ عددها 37 بنكا تحتاج لعدد من المراسلين يفوق الـ«100» مراسل في العالم ورغم التطور الكبير الذي تشهده المصارف السودانية خلال الفترة الماضية خاصة في الخدمات التقنية المصرفية التي من شأنها المساهمة في جذب مبالغ مقدرة من النقود الى داخل الدائرة المصرفية الا انها ما زالت تواجه ببعض التحديات في مجال تحدي التحويلات المالية مع البنوك الأجنبية الأخرى بسبب الحظر الذي ادى إلى تأثيرات سلبية على مجمل الاقتصاد السوداني.
ويرى المحلل الاقتصادي التجاني حسن ان القرارات الامريكية المفروضة على البلاد اعاقت عملية التبادل التجاري الدولي بين السودان ودول غرب أوروبا والسعودية وبلدان أخرى، وامتدت تأثيراته على مستقبل اقتصاد البلاد. والقت بظلالها على حركة الصادرات والواردات والتحويل النقدي من وإلى السودان واثر سلبا على رصيد البلاد من النقد الأجنبي ونصيبه في المنح والقروض والاستثمارات الخارجية ، مشيرا فى حديثه «للصحافة» الى ان كل البنوك السودانية وعددها 38 بنكا كان لها بنوك مراسلة في كل القارات ، لكن بعد فرض الولايات المتحدة الأمريكية الحظر والعقوبات على السودان اصبح هناك تخوف عند الكثير من البنوك الاجنبية من التعامل مع السودان خوفا من فرض عقوبات امريكية عليها
وقال إن أمريكا ظلت تعتمد تشديد العقوبات على السودان خطوة بخطوة إلى أن اكتملت الحلقة وبدأت تمتد لبقية البنوك غير الغربية الا انها عزفت عن قرارها بعد ان تأكدت من استيفاء السودان لمطلوباتها بشأن المسارات الخمسة.
والمعروف ان الرئيس اوباما في آخر ايامه قد اصدر امرا بالغاء العقوبات الاقتصادية والتجارية على السودان مع ابقاء اسم السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب وكان من الطبيعي ان تستأنف البنوك الاجنبية مراسلاتها مع البنوك السودانية ولكن لان القرار الامريكي برفع العقوبات الاقتصادية والتجارية عن السودان اعطى السودان مهلة 6 اشهر من اجل الاستجابة لشروط امريكية متعلقة بالمسارات الخمسة المعروفة فان البنوك الاجنبية في معظمها رأت عدم الاستعجال في اعادة علاقاتها مع البنوك السودانية وذلك لحين انتهاء فترة 6 اشهر.
وبعد انقضاء تلك الفترة لحقتها فترة تمديد اخرى وهي ثلا ثة اشهر التي جاء بعدها الانفراج بان السودان استوفى ما هو مطلوب منه في تلك المسارات وبالتالي تم استكمال رفع العقوبات.
وما كان من البنوك الاجنبية الا ان تعمل على اعادة علاقاتها مع البلاد حيث بدأت باتخاذ الخطوات اللازمة لاعادة علاقاتها مع البنوك السودانية
حيث أعلن بنك السودان المركزي في وقت سابق عن وصول أول تحويلات مصرفية إلى البلاد بالدولار الأمريكي، بعد قرار واشنطن رفع العقوبات المفروضة على البلاد منذ 1997.
وقال بنك السودان في بيان إن تحويلات مصرفية من الخارج بالدولار الأمريكي وصلت إلى مصرفين اثنين من المصارف العاملة في البلاد، في أول مؤشر على بدء تعافي الاقتصاد السوداني.
يأتي ذلك في وقت صعد التضخم في السودان إلى 35.13% على أساس سنوي في سبتمبر الماضي.
واوضح الخبير المصرفي التجاني فضل ان معظم البنوك المحلية في السودان تحتفظ بحسابات مع بنوك اجنبية وتسمى هذه البنوك مراسلين للبنك المحلي وقال ان العقوبات الأمريكية ادت إلى انقطاع علاقة السودان تدريجيا بالمصارف الأمريكية ثم الأوروبية، ثم المصارف الخليجية والآسيوية خوفا من تأثير العقوبات على مصالحها. فضلا عن اتساع دائرة صيرفة الظل وزيادة كلفة المعاملات المصرفية في السودان، بالإضافة إلى فقدان المصارف جزءا كبيرا من معاملاتها الخارجية وأرباحها وعملائها بالخارج، فضلا عن تراجع تحويلات المغتربين عبر القطاع المصرفي ، لذلك من الطبيعي بعد رفع العقوبات أن يمثل قطاع المصارف النافذة التي من خلالها تدخل أموال المستثمرين العرب والأجانب إلى البلاد ، ومن خلالها يتم الاستثمار في المشروعات التنموية ذات البعد الاجتماعي، وأن تسعى إلى إعادة تأسيس علاقات المراسلة مع جميع مصارف العالم تمهيداً لبدء أعمال في مجال التجارة الخارجية وتلقّي التحويلات إلى السودان، بالإضافة إلى تطبيق كل القوانين الدولية المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتسهيل فتح فروع لمصارف عربية وأجنبية، ووضع سياسات تحفيزية لاستقطاب تحويلات المغتربين السودانيين.
واوضح التجاني ان «المشاكل» التي تعمل على عرقلة طريق التحويلات المصرفية من الخارج هي اختلاف العملة ومعظم تعاملات السودان تتم بالدولار الأمريكي، وبالتالي عدم وجود تعاملات بنكية في اوربا او غيرها يشكل عقبة امام المستفيد في هذه الحالة نلجأ للدولة التي لدينا معها حساب لمعالجة الامر عبر فرعها بتلك الدولة ترتيبات للتغلب على الآثار الناجمة عن القرار، واصفا وقف المعاملات والمراسلات البنكية بين السودان وبعض الدول بالمؤثر.
وقال فضل إن كل الانشطة والمعاملات المالية والتجارية في العالم تتم عبر المراسلات البنكية مع البنوك الاجنبية بواسطة التلكس او الفاكس
واضاف ان البلاد تعرضت لمشاكل لا حصر لها بعد زيادة التكلفة على المعاملات المالية بينها وبين العالم الخارجي خاصة في مجال الواردات ما ادى لزيادة التكلفة الكلية للاقتصاد وصعود التضخم مع اشتداد حدة الأوضاع المعيشية المتردية و اثر سلبا على رصيد البلاد من النقد الأجنبي واصبحت خيارات التعاطي مع هذا الوضع محدودة جدا لأن اللجوء للتبادل السلعي غير ممكن بحكم أن السودان لا يملك ما يكفيه، ناهيك عن دعم العالم الخارجي فضلا عن توقف تدفق الاستثمار الأجنبي على البلاد، بل ذهب الامر الى اكثر من ذلك بوضع ضغوط على المستثمرين الموجودين ودفعهم لسحب رؤوس أموالهم.
واكد ان المقاطعة احدثت خللا في التبادل التجاري الكبير بين البلاد والسعودية لأنها استهدفت التحويلات بمختلف أنواعها سواء كانت للمغتربين أو عائدات الأرباح على أرصدة البلاد في الخارج، وقال إن بعض المصارف المحلية كان لديها شبكة متنوعة من المراسلين في المنطقة العربية وأوروبا وآسيا ساعدتها على تسهيل حركة التحويل والتجارة الخارجية.
واشار الى ان رفع العقوبات من شأنه يحمل البلاد الى آفاق ارحب وانفتاح على العالم الخارجي وسيعمل لا محالة إلى تعاف تدريجي للوضع المالي والاقتصادي للبلاد. ويعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور التيجاني أن سيكون له أثر إيجابي خاصة في مجال الاستفادة من القروض ومبادرات الديون الأمريكية.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن البلاد لديها إمكانات اقتصادية كبيرة وعوامل جذب كثيرة تسمح بدخول استثمارات أجنبية ، خاصة مجالات التعدين والذهب والزراعة والنقل وتجارة الصمغ العربي الذي بقي استثناء في ظل الحظر الأمريكي والاتصالات وغيرها اذا احكم استخدامها فضلا عن اتاحة استرداد الأصول المالية المجمدة بالولايات المتحدة و المعاملات المصرفية والمالية مع الخارج وذلك بدور يضمن عودة البلاد إلى النظام الاقتصادي العالمي ويفسح المجال لوجود شركاء جدد بالسوق السودانية.

الصحافة.