يسعد الكاتب الصحفي حينما يجد لرأيه ومقاله صدىً عند القراء بالتفاعل نقداً أو مدحاً أو مساهمة مضافة بالتعليق أو تقديم المقترحات.
وتكون السعادة أكبر إذا جاءت المساهمة والتعليق وتقديم المقترحات من شخص من ذوي الاختصاص والخبرات النوعية.
أسعد جداًً بنشر هذه الرسالة القيمة لواحد من أهم رجالات الاقتصاد في بلادنا ورائد من رواد العمل المصرفي بخبرة نوعية تقارب النصف قرن.
في هذه المساحة يقدم الخبير المصرفي المعروف السيد صلاح أبو النجا روشتة علاجية مختصرة ودقيقة وواضحة بلا تعقيد أو إسهاب.
أدعوكم للاطلاع عليها.
ضياء بلال
الأستاذ/ ضياء الدين بلال ـ رئيس تحرير صحيفة السوداني
السلام عليكم وحمة الله
أنا من قارئي صحيفة السوداني المنتظمين ويعجبني ما أجد فيها من كلمات تتسم بالموضوعية من معظم كتابها المحررين أو غيرهم من المطلين على حين وقت وآخر على الكتابة فيها.
فى عدد الثلاثاء 21 نوفمبر، اطلعت على تعليقك على الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي اتخذها المسئولون، وأود أن أثنِّي على ما جاء في حديثك عن سعر الصرف، ورأيت أيضاً أن أعيد ما سبق أن تناولته في مقالات عدة، وفي أزمان مختلفة عن توحيد سعر الصرف وتحريره أو تعوميه، وأقصد بالتوحيد أن يكون للدولار سعرٌ واحدٌ لا أن يكون هنالك سعر لدولار القمح وسعر لدولار الدواء وسعر لدولار الذهب، فإذا كانت الحكومة تريد أن تدعم بعض السلع فينبغي أن يكون الدعم بالجنيه السوداني من وزارة المالية وليس عن طريق الأسعار المتعددة التي يحددها بنك السودان.
وأقصد بالسعر المحرر السعر الواقعي وتحريره، فالقصد أن يبتعد بنك السودان عن التحديد، ويترك هذا الأمر لسوق النقد الأجنبي (العرض والطلب). ولقد اقترحنا أن تقسم البنوك والصرافات إلى مجموعات (صناع السوق) ويجتمع رؤساء هذه المجموعات على ما يتوفر لديهم من العرض والطلب ويحددوا سعر الصرف صباح كل يوم، وتعمل به كل المؤسسات المالية ولا يتغير السعر إلا صباح اليوم التالي.
ثانياً: ينبغي أن يطبق السعر المعلن على كل المؤسسات الحكومية ومبيعاتها ومشترواتها مما يؤدي إلى ترشيد منصرفات المؤسسات الحكومية وتأسيس موازناتها من النقد الأجنبي على السعر المحرر (الواقعي).
ثالثاً: المغتربين: من خلال تجربتي الطويلة في هذا الميدان فإن المغترب لن يلجأ إلى البنوك إذا كان التعامل بالسوق الموازي يعطيه أكثر، أما إذا تعاملت المصارف بالسعر المحرر فإن تحويلات المغتربين سوف تدخل إلى المصارف وسوف تقوم المصارف بالتصرف في هذه الحصيلة حسب أولويات الاقتصاد وبالوسائل السليمة.
رابعاً: إن السعر الواقعي هو أكبر مشجع للمصدِّرين، إذ أن المُصدِّر ليست له رغبة في أن يحتفظ بجزء من العملة الأجنبية لبيعها (تحت التربيزة) إلى مستورد آخر ليحصل على سعر السوق.
خامساً: الذهب والتهريب عبر الحدود الواسعة المكشوفة لن يوقفه إلا تطبيق السعر الواقعي، سواء كان المشتري بنك السودان أم التصدير عن طريق العامة.
في الواقع الحالي فإن أي صاحب وديعة بالنقد الأجنبي إن رَغِبَ في بيع جزء منها فإنه يلجأ إلى البنك للسحب بالدولار لكي يبيعها بسعر السوق.
أما إذا طبقت البنوك السعر المحرر اليومي فسوف تنتهي مسحوبات الدولار النقدي وتحل محلها حصيلة كبيرة من المشتروات لدى البنوك لاستغلالها الاستغلال الأمثل حسب أولويات الاقتصاد.
لا أدري لماذا يخاف المسؤولون من كلمة التعويم ويتجنبون الخوض فيها، وإذا كان ما أوردته في رأيي هو ما يوقف نشاط السوق الأسود ويحول هذا الكم الهائل من الموارد إلى المصارف العاملة؛ فلا أرى سبباً للابتعاد عن هذا الأمر، وحتى سَوق المبررات في رأيهم والتي تمنعهم من التعويم، ولقد طبقت جمهورية مصر تحرير الصرف وكانت النتائج باهرة. وأصبح التعامل يجري بسعر واحد في الصرافات والمصارف والمطار وسهل على السياحة والمستثمرين بل استقر سعر الصرف على 17 جنيهاً بعد أن وصل ما يقارب الـ20 جنيهاً.. فهل من مستمع؟؟
صلاح أبو النجا
من عمود الكاتب ضياء الدين بلال
