منوعات

الذكاء الصناعي والقوة الصينية


تناول مقال بمجلة فورين أفيرز سباق الذكاء الصناعي المحتدم بين الولايات المتحدة والصين، وقال إن تفوق أميركا التكنولوجي الذي عزز هيمنتها العسكرية فترة طويلة دون منازع كان تحت مراقبة دقيقة من قبل الصين لسنوات، حيث قامت بتطوير أدوات غير متماثلة، بما في ذلك الفضاء والقدرات السيبرية والإلكترونية، التي تستغل نقاط الضعف في الجيش الأميركي.
بيد أن جيش التحرير الشعبي الصيني يواصل اليوم الابتكارات في العديد من التكنولوجيات الناشئة التي جعلها الجيش الأميركي أولويته. ومن أبرزها الذكاء الصناعي.

وأشارت كاتبة المقال إلسا بي كانيا إلى أن الذكاء الصناعي في العقود القادمة يمكن أن يغير شكل الحرب بابتكار قدرات جديدة مدمرة، وأن يغير طرق قيادة الجيوش والتدريب ونشر القوات. وأضافت أن تلك التغييرات ستشكل التوازن العسكري بين القوى العظمى في العالم.

ومع أن الولايات المتحدة لا تزال في الوقت الراهن رائدة العالم في الذكاء الصناعي، بفضل دينامية قطاعها الخاص، إلا أن الصين تسعى إلى تجاوزها، وربما تكون قد اقتربت من القيام بذلك.

فقد بدأت القيادة الصينية في إعطاء الأولوية للذكاء الصناعي على أعلى المستويات. ففي يوليو/تموز الماضي نشرت بكين خطة تطوير الجيل الجديد من الذكاء الصناعي، حيث وضعت جدول أعمال طموح لـ”قيادة العالم” في هذا المجال بحلول عام 2030. وتقوم بدعم هذا الالتزام بتمويل هائل لأبحاث الذكاء الصناعي المتطورة. ومع تقدمها في هذا المجال ستواجه أميركا تحديا من نوع جديد من المنافسين المناظرين لها.
روبوتات قتالية وطائرات مسيرة بالمؤتمر العالمي للروبوتات بالصين (الجزيرة)

وبكل المقاييس تبرز الصين اليوم بوصفها قوة كبيرة في الذكاء الصناعي. فهي تنتج من طلبات براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الصناعي أكثر مما تنتج أي دولة أخرى باستثناء الولايات المتحدة، وقد نشر العلماء الصينيون بالفعل أبحاثا في هذا المجال أكثر من نظرائهم الأميركيين.

الذكاء الصناعي في العقود القادمة يمكن أن يغير شكل الحروب وطرق قيادة الجيوش والتوازن العسكري بين القوى العظمى في العالم

وأضافت الكاتبة أن صعود الصين في هذا المجال ليس مسألة كم فقط. ففي عام 2017 قَبِل المؤتمر السنوي لرابطة النهوض بالذكاء الصناعي العديد من دراسات الباحثين الصينيين للمرة الأولى مثلما فعل مع الباحثين الأميركيين، مما يعتبر علامة على التطور المتزايد لأبحاث الذكاء الصناعي الجارية في الصين.

ورأت أن القادة العسكريين الصينيين لديهم سبب وجيه للاستفادة من تقدم القطاع الخاص، لأنهم يعتقدون أن الذكاء الصناعي يمكن أن يغير طبيعة الحرب، بحيث يصبح أساسيا في صراعات المستقبل، وهذا يشمل تغيير الأساليب العملياتية للجيوش وأنظمة المعدات وغير ذلك. وفي نهاية المطاف يمكن أن يدعم الذكاء الصناعي روبوتات مستقلة، بما في ذلك أسراب الطائرات المسيرة. كما يمكن أن يحسن المناورات الحربية وممارسة تدريبات المحاكاة من خلال إيجاد خصوم صناعيين أذكياء، وهو ما يعد فائدة كبيرة للقوات الصينية.

وأفاضت الكاتبة في ذكر فوائد الذكاء الصناعي للصين في المجال العسكري في المستقبل وخلصت إلى أنه ينبغي على مسؤولي الدفاع الأميركيين دراسة تقدم جيش التحرير الشعبي الصيني، بعناية، في سياق الأهداف الإستراتيجية الأوسع للصين.

وفي نفس الوقت ينبغي أن تحافظ واشنطن على المزايا الأساسية التي ستشكل قدرتها التنافسية في المستقبل، بالاستثمار أكثر في الأبحاث الطويلة الأجل عن الذكاء الصناعي وتطبيقاته. وثانيا يجب على واشنطن التأكد من الحفاظ على تفوقها في الرأسمال البشري في هذا المجال، وهذا يتطلب بذل المزيد من الجهد لاجتذاب كبار المواهب العالمية في الذكاء الصناعي للعمل فيها وتطوير برامج تعليمية في المدارس الثانوية والجامعات المطلوبة لتشكيل مهنيين مستقبليين في هذا المجال.

الجزيرة نت