رهانات خاسرة
لا يكرر التاريخ نفسه، لكن يبدو أن جارتنا الشمالية مصر تظن وفي ظنونها آثام جسام، وتحسب أن عجلة الزمن بتواريخها يمكن أن تستنسخ ذاتها ولا بد من عودة عقارب الساعة إلى الوراء، فمحاولة القاهرة مرة أخرى تجميع المعارضة السودانية كما فعلت من قبل مطلع التسعينيات عندما كانت اجهزة المخابرات المصرية
تنقل قيادات وعناصر المعارضة من شتاتهم الاختياري وتقوم بإغوائهم وإرغامهم على الوجود في اريتريا للتدريب وشن الحرب على الخرطوم من معسكرات قائمة تم تجهيزها، فطيلة سنوات وجوده بارتيريا ظل التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان يتألف من كل أحزاب وحركات المعارضة بما فيها الحركة الشعبي بقيادة جون قرنق، مجرد بنادق للإيجار ومرتزقة حرب بالوكالة لصالح الاجندة المصرية، ولم يفلح ذاك المخطط طيلة السنوات الغبراء تلك، وانتهت لعبة الحرب من بوابة الشرق وكان حصاد القاهرة هو الهشيم.
> اليوم تعيد مصر الكَرّة، وتعاود ذات اللعبة، للأسف بنفس اللاعبين القدامى والوجوه اليائسة والنفوس الحاقدة، لضرب السودان من شرقه وتهديد أمنه واستقراره ومحاولة إضعافه وإنهاكه حتى يسقط النظام القائم فيه، مصر بكل قوتها السابقة وتماسك نظام مبارك يومئذٍ وجوار السودان كان كله ضده أخفقت في مخططاتها ومؤمراتها، فكيف وهي الآن على ما هي عليه من حالة راهنة معلومة للقاصي والداني، والسودان يكسب جيرانه ويوسع تحالفاته الإفريقية ويصير أهم عنصر في كيمياء الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة، وجيران السودان ينشدونه في ساعة المحنة والعسرة وجيشه الذي يعد السابع بين الجيوش الافريقية يتطور كل يوم ويجري تحديثه ويستمسك بعقيدته القتالية الدفاعية لردع الأعداء ، فقد ظل لأكثر من ستين عاماً يقاتل بلا هوادة او استراحة محارب، وانهارت جيوش في المنطقة العربية والافريقية لكنه ظل صامداً قويا لأن روحه مستمدة من ترابه وشعبه ..
> فإذا كانت مصر عبر مخططها الجديد تريد تجميع بعض فصائل المعارضة السودانية في إريتريا وتدريبها وتسليحها ثم الزج بها في مغامرة عسكرية غير محسوبة النتائج، فإنها ستخسر كل رهاناتها، وستدفع ثمناً باهظاً لهذا التهور الأحمق، كما سيتحمل حلفاؤها الاقليميون كلفة عالية جراء هذا الطيش الاستراتيجي الذي يعد الأكثر بلاهة في عالم السياسة والمنظور الجيوستراتيجي .
> لماذا نقول إن الرهانات المصرية خاسرة خاصة أنها تريد حرباً بالوكالة، ولا تريد أن تتورط أو تلوث يديها بلزوجة وحل هذه الحروب التي لم تجربها قط ، لأن رهانها على المعارضة السودانية من حركات متمردة في دارفور او قطاع الشمال بالحركة الشعبية او أية مرتزقة آخرين، أمر تجاوزه الزمن، فالحركات في دارفور انتهت قضيتها في دارفور وطردت من كل المناطق التي كانت توجد فيها، وقصم ظهرها بل كسر عظمها، وما هو موجود في ليبيا او دولة جنوب السودان هو حفنات من المقاتلين كبار السن، فقد توقف المورد البشري لهذه الحركات، وليس في مقدورها الآن تجنيد قوات كما كان في السابق، ونتيجة لتمزقها وتشظيها وتشتتها وانقساماتها لم تعد جاذبة لمن يريد الحرب والقتال، بالإضافة الى ان الظرف السياسي والاقليمي والدولي بات مع السلام والتسوية السياسية والاستقرار، ولن يسمح بحرب جديدة في اراضي السودان، خاصة إذا كان ملعبها شرق السودان الذي يؤدي فيه السودان دوراً متقدماً في إحباط عمليات تهريب البشر ومكافحة الهجرة غير الشرعية التي تؤرق الحكومات الغربية.
> عملية إحياء الحركات المتمردة من جديد عملياً غير ممكنة وذات كلفة عالية، وتحتاج الى ايقاظ خطاب سياسي جديد تقدمه الحركات نفسها لمن تستهدفهم لتأييدها، فسلام الشرق أنهى قضية التخلف التنموي والمشاركة في السلطة واقتسام الثروة مع مواطني الولايات الشرقية، بينما سلام دارفور ووثيقة الدوحة وما تحقق على الأرض في الولايات الخمس جعل حالة الرضاء لدى مواطني دارفور تتجاوز أي اتجاه لعمل مسلح لم يجنوا منه الا الخراب والدمار ومعسكرات النزوح وآلاف اللاجئين، فضلاً عن ان بعثة اليوناميد الأممية تتأهب للمغادرة إيذاناً بانتهاء القضية.
> فما الذي سيدفع الحركات او من يود الانتماء اليها للقتال مرة اخرى؟ وقد بات السلام قريباً بعد الموافقة على خريطة طريق الوساطة الإفريقية التي تمكن من تحقيق السلام في أية جولة تفاوض قادمة؟ ومن الذي سينضم ويقف مع بعض الفصائل الصغيرة من شرق السودان مثل فصيل عمر محمد طاهر أو مريم أو زينب كباشي، للقتال في أرض كسلا والبحر الأحمر انطلاقاً من إريتريا؟
> إذا كانت مصر تراهن على زراعة فتنة وحرب بين السودان إريتريا، فإن أسمرا تعلم علم اليقين أنها قد جربت من قبل وكان موقفها أكثر قوة من الآن وأوضاعها مستقرة، فما الذي ستفعله اريتريا وهي بهذا الوضع الداخلي الهش القابل للاشتعال في أية لحظة وبينها وإثيوبيا ما صنع الحداد؟!
> لو كان هناك عقل سياسي واستراتيجي راشد وراجح في القاهرة لأوقفوا كل هذا العبث والمؤامرات الخبيثة وجلسوا مع السودان وبقية دول حوض النيل وخاصة إثيوبيا وعمروا من جديد العلاقات الثنائية والجماعية وفق المصالح والمنافع المتبادلة، ولحصنوا مصر من مخاطر ماحقة ومترتب خطير على الأمن القومي والمائي المصري في حالة نشوب حرب خاسرة في أهدافها وفاشلة في تخطيطها وخائبة في بيادقها!!
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة
كل ما ذكرته يا استاذ الصادق هو حقيقة . فالحركة الشعبيه شاخت وحركات دارفور انتهت وقوات افورقي التي قاتلت في حرب إثيوبيا هربت وغرقت في البحر الأبيض اثناء هجرتها لي دول أوروبا واسياس افورقي
قد نهش مرض السرطان جسده والجيش المصري منهك ما بين سيناء ورفح وصحراء ليبيا
والمال الخليجي يستنزف في اليمن والسودان تمكن أن استنساخ جيش قوى متمرس لا يهاب الموت .. وهو الدعم السريع ذو عقيدة قتاليه جيده وتسليح متطور
نتمنى أن تعيد الحكومة النظر في كل الاتفاقيات مع مصر وأهمها اتفاقيه سنة 59 الخاصة بالمياه وإغلاق ما يسمى بالنقل النهري مرتع الجواسيس المصريين وإلغاء ما يسمي بالحريات الأربعة وتغليص العلاقات لدرجه قائم بالأعمال وليس سفير ولسوف يركع السيسي ويستجدي المياه واللحوم والخيرات الزراعيه
عودة حلايب وشلاتين وابورماد مسألة وقت فقط
إذا أحسنت الحكومة إدارة ملف العلاقات
مصر الحالية التي لازالت تديرها مخابرات حسني مبارك تعيش في عالم من الاوهام و المغامرات الخطيرة. انها مخابرات مغترة و مخبولة وتطرفت في احساسها بالقوة و البطش عندما نجحت في سحل المصريين في رابعة و مؤخرا عندما سحلت اكثر منهم في الكنائس و المساجد و لازالت تقتل الناس هناك كالخراف دون ان يردعها احد. وصل بها الامر ان قتلت الطالب الايطالي روجيني و ظنت انها بالكذب و المراوغة و الخداع يمكنها الحاق اليأس بالحكومة الايطالية و يدفعها لقفل ملف مواطنها المغدور. و لكن خاب امل المخابرات المصرية المسعورة اذ لم تغلق ايطاليا الملف بل لازالت تواصل التحقيق في الجريمة. بما ان العقلية المخابراتية المصرية تاريخيا تتوهم ان السودان بلد الاغبياء التابعين ففي اعتقادها ان يد بطشها لا محالة ستتمكن من الشعب السوداني عاجلا ام اجلا و انها ستزيقه فنون العذاب و الالام، كما فعلت في ابناء جلدتها، عقابا له على محاولاته التخلص من “مخدراتها” التي تأتي باسماء مختلفة “كابناء وادي النيل” و “المصير المشترك” و “العمق الاستراتيجي” و غيرها من الافكار المتخلفة. غباء المخابرات المصرية انها ترتكب الاخطاء و تظن انها ستنجو من التبعات بالكذب و الخداع و المراوغة وتظن انها لو سنحت لها الفرصة لممارسة بطشها هذا مع الشعب السوداني ستخرج منها “كالشعرة من العجين”. لكنها تضع نصب عينيها اولا الرئيس عمر البشير فهو عدوها رقم واحد و تحاول جاهدة عزله عن شعبه حتى يسهل عليها الانقضاض عليه ثم بعدها تأتي بنظام عميل يقوم بدور الراعي الذي يعيد “القطيع” للحظيرة. لكن هيهات.نعم فقد نجحت مخابرات مبارك في ادخال الشعب المصري في الهرم و اغلقت عليه لسبعة الاف عام قادمة و لكن لا محالة سيخيب سعيها مع السودان. كان الله في عون مصر القابعة الان في ظلمات الهرم.