لماذا أهدى مسن سعودي بشته “عبائته” لمعلم سوداني..
هي قصة وفاء نادرة.. لكنها ليست غريبة على المجتمع السعودي المتميز بالأصالة والعراقة والكرم.. فقد احتفت قرية وادي عمود بمحافظة الريث في جازان، وكرمت المعلم السوداني، أحمد شارف السلامي، الذي كان أول معلم يعمل بالمدرسة الابتدائية بالقرية، عام 1405 هـ، أي منذ 33 عاماً.
عاد “المعلم” إلى قرية عمود، بعد كل هذه السنوات الطويلة، واسترجع ذكرياته بها مع تلاميذه الذين صاروا رجالا، وأهلها الذين قدموا له أروع صور التكريم.. حتى إن دموع المعلم سالت مما لقيه من استقبال حافل وترحيب، ووفاء منهم فاق الوصف، وهو احتفال تكفل بإقامته شيخ مركز عمود الشيخ علي بن شوعان، والذي أهدى المعلم بشته.
مدرسة نائية وظروف دراسية صعبة
أوضح ذلك لـ”لعربية.نت” مدير مكتب التعليم في محافظة الريث التابعة لجازان، مفرح بن يحيى الريثي، وروى القصة كاملة، بأن المعلم السوداني عمل في المحافظة منذ عام 1405هـ، وكانت المدرسة نائية، وأقام المعلم بإحدى غرفها، في ظروف دراسية صعبة للغاية، إلا أنه استمر في تعليم أطفال المدرسة، وسط احتضان أهل القرية، وفي السنة الثانية من عمله رافقه في سكنه، زميل يدعى مغذي السلمي.
استطرد الريثي قائلاً: “بعد رحيل المعلم السوداني عن القرية، وعودته إلى السودان تشاء الأقدار أن يعود إلى السعودية مع ابنته في الرياض، ويتم التواصل معه، ويعود للقرية والمدرسة، ويستذكر أيام وجوده فيهما، فلم تنس القرية فضله..”.
شيخ القبيلة وحفاوة سكان القرية
وتابع مدير تعليم الريث، مفرح بن يحيى الريثي، أن شيخ القبيلة الشيخ علي شوعان السلمي، قام باستقبال المعلم السوداني، وأهداه بشته، مما جعله يتحدث باكياً، غير مصدق وجوده بيننا من جديد، ومتأثرا بالحفاوة الشديدة من المواطنين سكان القرية، الذين فرحوا بحضوره واحتفوا به أشد الاحتفاء، كما تمت استضافته من قبل المعلمين الذين رافقوه العمل في المدرسة أثناء خدمته بها، وهم مغذي السلمي وقاسم الزهراني.
وأشار الريثي إلى قيام رئيس مركز وادي عمود، بتأمين وسائل المواصلات للمعلم، حتى وصل إلى جازان وخصص له سائقا.
تعليم الريث وتكريم المعلم السوداني
وقال إن دورنا في التعليم بأن ساهمنا في تكريم المعلم السوداني أحمد شارف السلامي، باسم مكتب التعليم بمحافظة الريث، مضيفاً أنهم شاركوا أيضا في جميع هذه الفعاليات التي تمثل أجل صور الوفاء للمعلم والمعلمين، الذين يستحقون الحفاوة والتكريم.
وذكر المعلم مغذي جابر السلمي، مرافق المعلم السوداني في العمل بالمدرسة والسكن لـ”العربية.نت” أنه سكن مع المعلم قبل 33 سنة في قرية وادي عمود، وهي من القرى النائية في جبال جازان، وعاش معه عامين داخل المدرسة، وكان يدرس بها نحو 30 طالباً.
الشجون والغرف بالحجارة ومسقوفة بالخشب
أضاف السلمي أن زيارة الزميل أحمد شارف السلامي أثارت شجون الذكريات لفترة العامين التي تشاركا فيها السكن بإحدى الغرف، داخل المدرسة، المكونة من أربع غرف، المبنية بالحجارة والمسقوفة بالخشب.
واستذكر مغذي السلمي أنه رغم وعورة الطرق، وبُعد القرية عن جازان، فكانا يطوعان الحياة لصالحهما في توفير الخبز من صبيا، وتخزينه حتى يصبح يابسا، وبعد ذلك تسخينه على بخار الماء، وفي يوم الأربعاء من كل أسبوع، يخرجا من القرية، فيعود هو إلى الريث، ويذهب زميله السوداني إلى صبيا.
وسط أهل القرية الكرماء
وأشاد السلمي بتلك الأيام التي يعتبرها أروع سنوات خدمته في التعليم، رغم صعوبة الظروف المحيطة، إلا أنهم كانوا وسط أهل القرية الكرماء.
وبين أن زميله المعلم السوداني، خدمَ 7 سنوات، بالقرية، ومستذكرا أنهما كانا يصنعان الطعام داخل السكن، ولم يكن هناك أرز، وكانا يطهيان دقيق البر والذرة، ويطبخانه في اللبن، أو مع السكر، أو السمن الطبيعي، وكانا يتبادلان الأكلات والخبرات، وارتبطا معا في محبه وتقدير.
العربية.نت
تكريم صادف اهله ..حفظكم الله.