تحقيقات وتقارير

التحرُّش اللفظي.. شباب في مرمى النيران وفتيات على خط الدفاع!!

ارتفع صَوتها وهي تُهدِّده وتتوعّده بما لا يسره وسط دهشة الجميع حتى تفاقم الأمر لأكثر من ذلك عندما شدّته من ملابسه بقوة وهي تصرخ بصوت مُتقطِّع: (يا منحط احترم نفسك.. دي ألفاظ تقولها لي؟!).. هنا تبيّن للمارة في الشارع العام من حولهما أنّ الشاب قام بفعل غير محمود يستحق عليه التوبيخ والإساءة!
تتكرّر مثل هذه المَشاهد بصورة شبه يومية سواء داخل الأسواق المُكتظة بالناس أو بعض الجامعات والمُؤسّسات أو أيِّ مكان فيه اختلاطٌ مُكثّفٌ للشباب من الجنسين، دائماً ما تكون المرأة أو الفتاة ضحية التّحرُّش اللفظي الذي يتفوّه به بعض ضِعاف النّفوس الذين يتبعون غريزتهم التي تسيطر عليهم في كل زمان ومكان ولا يستطيعون كبح جماحها.

(1)
هناك مجموعة من السلوكيات غير المرغوب فيها التي تتراوح ما بين المُضايقات اللفظية والاعتداءات الجنسية في الشارع العام، التي جَعلت عدداً من الفتيات يُدافعن عن أنفسهن من المُتحرِّشين بهم لفظياً من الإساءة والتّوبيخ بالرَّد على المُتحرِّش لتلقينه درساً وإن دعا الداعي يتطوّر الأمر لمُشاجرة لفظية!

(2)
(الشئ إذا فَاتَ حدّه انقلب الى ضده) هو مثل يطبِّقنه بعض الفتيات بعد أن يصل بهن التوتر حدّته وهو ما أكدته الطالبة الجامعية (ر. م) قائلةً: (أنا أدافع عن نفسي بأيِّ طريقة يكون في مقدوري، ويصل الأمر في بَعض الأحيان الى اقتياد المُتحرِّش لقسم الشرطة لأن اللفظ يكون جارحاً)، مُوضِّحةً: (في كثير من الأحيان أتفاجأ بتحرش لفظي لم أكن أتوقّعه على الإطلاق بأن يتفوّه به الشخص ولا أدري كيف تلفّظ به دُون خجلٍ)!

(3)
من جانبها، قالت الخريجة الجامعية مريم عبد النبي: (كنا وصديقاتي أيام الجامعة نتعرّض للتحرش اللفظي داخل الحرم الجامعي، والغربية من طلاب بذات الكلية، ومرات أخرى في المُواصلات العامة، مثلاً أن يقوم أحدهم بالمشاغلة العادية وإن لم نعره اهتماماً يبدأ التحرش بألفاظ فظيعة جداً نخجل منها، وفي أحيانٍ أخرى نَضطر للرد عليه حتى نفش غبينتنا، مُختتمةً حَديثها: (لكن في رأيي ما نفعله ليس حَلاً للمَوضوع للتّمادي والجُرأة التي نجدها من البعض حتى على مُستوى كبار السِّن، فلا بُدّ من قانون يَردعهم ومُجتمعِ يُوبِّخهم)!

(4)
عددٌ من المُوظّفات أكّدن على استخدامهن أساليب بعينها للدفاع عن أنفسهن ضد من يتحرّشون بهن لفظياً من الرجال، وذلك بالرد عليه وتوبيخه بصوت عالٍ حتى ينتبه من حَولهم، هذا ما أكّدته المُوظّفة هدى مكيائيل لتكرار تلك المواقف معها بصورة، قالت إنّها شبه يومية، وذات مرة ردّت الشخص الذي تحرش بها بلفظ بذئ لا أخلاقي بـ(عضّة) ولم يُعاتبها أحدٌ من المَارة على ما فعلته ولم ينطق الشاب بشئٍ، غير أنّه استطاع الفَكاك من أسنانها وأطلق ساقيه للريح.

(5)
بعضٌ من علماء النفس والاجتماع، أوضحوا أنّ ظاهرة (التّحرُّش اللفظي) مُرتبطةٌ بعدّة جوانب تتعلّق بسُلوكيات الفرد، التي غالباً ما تكون تحت تأثير ظروفٍ ضاغطةٍ أو انفلات أخلاقي والخُرُوج عن طوق مُوجِّهات الأم والأب، وشُعُور البعض بالفراغ والملل ما يجعلهم ينحرفون سلوكياً في الوقت الذي يمتلكون فيه طاقة لم تُوظّف التوظيف الصحيح، لذا يكون تفجير تلك الطاقات في سلوكيات عشوائية بغرض التسلية وتفريغ ما بداخلهم من إحباط ليحدث التحرُّش باللمس ثم التحرش اللفظي، مُشيرين إلى الآثار التي يترتّب عليها هذا التصرف بأنّها تحدث تغييرات فسيولوجيّة ونفسيّة مثل الخجل والشعور بالعار الشديد والانكفاء على الذات واضطراب في العلاقات الاجتماعية.

الخرطوم: محاسن أحمد عبد الله
صحيفة السوداني

تعليق واحد