الصادق الرزيقي

حروب تخسرها الحكومة..!!


من السهل على الحكومة المواجهة السياسية مع خصومها، فميدان السياسة الغلبة فيه بالحجة وقوة التأييد بوزن وحجم الجماهير، ومن اليسير أن تتعامل الأجهزة الشرطية والأمنية مع ما يعكر صفو الأمن من إثارة للشغب أو الاحتجاجات والتظاهرات لأن الحكومة تمتلك وسائل هذا التعامل وتحتكرها في أغلب الأحيان وتنجح في ذلك،

لكن بات من الصعب على الحكومة كما يبدو خلال الفترة الماضية مواجهة حرب المعلومات التي تشن ضدها والأخبار الكاذبة والشائعات التي تملأ المسامع والفضاء الإلكتروني الفسيح، وكثيراً ما تلهث وتنساق الحكومة وراء غبارها وتقوم بواجب الرد والايضاح والتوضيح بعد أن تكون قد تلقت ألف ضربة على وجهها وبطنها وظهرها!!
> لا يعني ذلك عدم كفاءة وقدرة الأجهزة الإعلامية التي تملكها الدولة في الرد والمبادرة وصنع المناخ المواتي للروايات الرسمية، فهي أدوات وأجهزة مهنية قادرة وتستطيع، ولديها كل ما يمكن أن تفعله ومؤهلة للقيام بدورها المنوط بها، لكن العلة في الرواية الرسمية وتوقيتاتها وطريقتها، قياساً بزمانها ومكانها المناسبين.. فآخر ما تلجأ إليه الحكومة هو النطق بلسانٍ مبادر ومبين، فلسان المؤسسات الحكومية أخرس، وصوتها مبحوح وخفيض وبعيد لا يأتيك إلا بعد خراب سوبا.. ففي كل الأزمات الاقتصادية أو السياسية أو الأحداث العارضة، تتفضل الحكومة وتترك المجال واسعاً ترتع فيه الروايات غير الرسمية والأخبار الكاذبة رغم سذاجتها، وعندما يأتي الرد والتوضيح الرسمي متأخراً، يتزيأ بزي القول الشهير أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي ..! لكن ذلك هو الغياب بعينه في عالم اليوم والسيول المتدفقة من المعلومات.
> خلال الأيام الفائتة وفي أكثر من اتجاه، لعبت الحرب المعلوماتية الشعواء والسجال المعلوماتي بالأخبار الكاذبة وما يوضع على شبكات التواصل الاجتماعي من ترهات وتزييف وتضليل ومدونات، لعبت هذه الحرب دوراً كبيراً في تعقيد المشهد السياسي وتعاطي المواطنين مع قضايا الاقتصاد وارتفاع سعر العملات الأجنبية وانخفاض قيمة الجنيه، بالإضافة إلى ما ينشر عن الحكومة نفسها من معلومات أنباء تزرع الإحباط وتشيع أجواء سالبة تسبب تراكماتها حالة احتقان عامة.
> في الأوضاع الاستثنائية التي تمر بالحكومات والأنظمة سواء كانت حالات أمنية أو عسكرية كالحروب مثلاً أو الوضع الاقتصادي الضاغط والمؤامرات الخارجية التي تستهدف السيادة الوطنية والاستقرار والسلم الاجتماعي، تقوم السلطة أي سلطة كانت، بمهمة أولى وابتدائية، هي تمليك مواطنيها الحقيقة، وأخذ زمام المبادرة الإعلامية، وعدم ترك المضمار والحلبة للمعلومات التي يتم تناقلها من الجبهة الأخرى المعارضة، نحن نعيش هذه الأوضاع إن لم تكن كلها فهي جلها، لكننا لا نجد رواية أو تصريحاً رسمياً يومياً أو يوماً بعد يوم أو معلومات طازجة ومفيدة من وزارة المالية والبنك المركزي ووزارات القطاع الاقتصادي المعنية حول الوضع الاقتصادي المتقلب والمتطور كل ساعة والحالة المعيشية والمعالجات التي تتم، صحيح هناك عمل وإجراءات تمت بالفعل، لكنها غائبة وغير حاضرة أمام سمع وبصر المواطنين الذين باتوا يتلقون المعلومات والأخبار من مصادر شتى هي بين أيديهم يحملونها ومعهم في كل آن ومكان ..! ولا نسمع للسياسة في غمرة الانشغال بها، وتمر أحداث عاصفة تأخذ بتلابيب البلاد فلا نجد بياناً مفيداً ولا تصريحاً سديداً ولا قولاً رشيداً .. الكل صامت إلا حين تجيء مناسبة يكون فيها الكلام ضرورياً ولازماً، فيصلح هنا للأخذ منه وصناعة أخبار فيها القليل والمقتر والمضنون به معلومات.
> تعرف الحكومة خصومها جيداً، بارعون في نسج الأخبار الكاذبة، ماهرون في تسميم الأجواء بالمعلومات غير الصحيحة، لكن الحكومة أبرع وأمهر منهم في الإضرار بنفسها، فمن بالله الذي ينصح الحكومة بألا تتكلم؟ أو يحجب الرواية الرسمية من الخروج هيفاء تمشي في الهواء الطلق؟ فالأمثلة كثيرة لا تحصى، والمقاربات والمقارنات أكثر من أن تعد وترصد، ولنا في دول عديدة عبرة ومثال، فقضايا أصغر مما نمر به تجدها في دول مستقرة وراسخة الأقدام هي محل اهتمام الرأي العام من كثرة ما يقال عنها من روايات وتصريحات رسمية.
> هذه الأمور لا تحتاج إلى عبقريات ولا جدال نظري كثير وما يقال عن التقديرات السياسية، نشر المعلومات الصحيحة لا يضر أبداً، قول الحقيقة في زمانها ووقتها يفيد وينفع، تمليك المواطن الصورة كاملة هو من أهم حقوقه، وهو أيسر الطرق لكي تكسب المواطن وتجعله يطمئن اليك ويؤيدك ويقف معك.. أرجو ألا تفقد الحكومة مواطنها بقلة المعلومات.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة


تعليق واحد

  1. هو الحكومة عندها 5 سنت خليه دولار تطلع تقول شنو يعني…ناس بتشتري دولار لانو الاقتصاد ينهار نتيجة طباعة كميات خرافية من الجنيه عشان يعالجو الميزانية المخرومة زايدا شرا اسلحة من روسيا…احسن ليك انت كمان تسكت اذا عندك ريحة دم.