عثمان ميرغني

البحث عن حل !!


تذكرتُ ماضياً بعيداً ظننا أنَّه لن يعودَ.. الفريق أول بكري حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء القومي؛ نشرتْ له صحف الأمس صوراً وهو يطوفُ على عدة أسواق للبيع المُخفَّض في العاصمة أمس الأول )الخميس(..
عندما ينزلُ رئيس الوزراء بنفسه إلى أسواق )طارئة(.. هي أسواق الشدِّة.. يعني عملياً الحكومة ترفع راية بيضاء أمام الأزمة الاقتصادية، وتعلنُ أنَّها لا تملك حلاً..

فمواجهة أزمة في العام 2018 بحلول السبعينيات من القرن الماضي، فلهو إشهار أنَّ ما تبقى في يد وعقل الحكومة لن يخرجَ من حيز )إطالة عمر الأزمة( وأي أزمة.. أزمة دخلتْ في مرحلة )اللون الأحمر(.. أقصى درجة خطر مُتاحة..
فكرة )أسواق البيع المُخفَّض( تصلح لحل مشكلة قرية في أقاصي السودان، يتحركُ فيها مواطن قليل الاحتياجات مشياً على الأقدام لينال بضاعة رخيصة بسعر رخيص.. أو مثل )سوق الأربعاء( في بعض القرى التي يتجمعُ فيها التجارُ والمشترون في يوم واحد من الأسبوع.. لكن في عاصمة يقطنها ثلث سكان السودان، وتتمدَّد أفقياً بمساحة فرنسا، فلا أحد يصدق أنَّها الحل.. ربما تنفعُ الصور والأخبار المبثوثة في الإيحاء بأنَّ الحكومة )مهمومة( و)تجري على رزق شعبها(.. لا أكثر.. مجرد نكهة إعلامية لن تحل الأزمة إلاَّ للحظات الفرجة على الخبر والصور لا أكثر..

ولو كانتْ الحكومة حديثة عهد بالحكم، تتلمس خطاها في التجريب ربما لأمكن التماس العذر، لكنَّها حكومة بعمر ثلاثة أجيال، تقترب من الثلاثين عاماً أدارتْ فيها الدولة باحتكار كامل، ونفذتْ كل النظريات والأفكار التي رأتها، بلا مضايقة من شركاء في الحكم. والواقع الشاخص أمامُنا الآن هو )النتيجة النهائية( التي لا تقبل الجدال و)الغلاط(.. خلاصة أفضى إليها التجريب المستمر.. والمحير أكثر أنَّ الحكومة تطمح أن تعبرَ بكامل هيئتها إلى دوراتٍ جديدة، محمولة على ظهر كل هذا الواقع، الواقع أرضاً.

من الحكمة أن ينظر الجميع للأزمة بعيداً عن شح النفس الشخصية وحب الذات الحزبية.. فالوطن لم يعدْ يحتمل مزيداً من الكوارث.. الآن، الآن حان وقت النظر للمصالح القومية فوق أي اعتبار.
كل الحلول المطروحة الآن مجربة في الماضي وما أنجبتْ إلاَّ الفشل.. والمطلوب الآن النظر والبحث في حلول أخرى.. بكل يقين هي حلول سياسية في المقام الأول.. فهنا منبع الأزمة..
من الحكمة إخلاء الملعب لعقولٍ وأفكارٍ جديدة.

حديث المدينة
عثمان ميرغني


‫3 تعليقات

  1. من الحكمة ان يترجل البشير وطاقمه .بسلام .وتكوين حكومة انتقالية برئاسة البشير لمدة ستة اشهر .خلالها تقوم انتخابات حرة ونزيهة بمراقبة دولية .والبقاء للاصلح