تحقيقات وتقارير

الحكومة وانتظار (الحلو) .. إغلاق الباب في وجه (عقار)

«فشل في التوفيق بين رؤى الطرفين( الحكومة والحركة الشعبية بقيادة الحلو) ،ربما هذا هو الوصف الراتب الذي ظل يجثم على صدر ملف التفاوض بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية-قطاع الشمال حول منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ العام 2011 .
الحكومة والحركة الشعبية بقيادة (الحلو)، الأسبوع الماضي لم تفلحا في التوصل إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية، خلال جولة مفاوضات جرت بالعاصمة الاثيوبية أديس ابابا، الا ان الحكومة اعلنت أمس الاول عن استعدادها لإعطاء الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة (عبد العزيز الحلو)، فرصة أخرى للتفاوض خلال الجولة المقبلة لأجل التوصل لسلام في المنطقتين.

فرصة لجولة مقبلة
اتجاه الحكومة بإمهال (الحلو) فسحة من الوقت ربما بقصد تفويت الفرصة على غريمه (مالك عقار) الذى استغل فرصة عدم نجاح الجولة السابقة، لتحريض الوساطة الافريقية على الطرفين والتشكيك فى قدرتهما فى التوصل الى اتفاق يطوى امد الازمة .
عقار فى بيان له دعا الوساطة الافريقية الى اتباع طرق جديدة لمخاطبة الأزمة السودانية على نحو شامل، تبدأ بمعالجة القضايا الإنسانية والابتعاد عن الحلول الجزئية.

عضو الوفد المفاوض بالنيل الأزرق، عبد الرحمن أبو مدين، في تصريح صحفي (السبت) الماضي اكد تكثيف الجهود والمضي في اتجاه تحقيق السلام بالبلاد وإعطاء الحركة الشعبية فرصة للجولة المقبلة من أجل التوصل إلى سلام، وزاد «سنعطيهم فرصة لأن أعضاء الوفد جميعهم جدد». وشدد على تأكيدات الحكومة بعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية للمنطقتين إلا عبر حدود السودان وذلك في إطار حماية سيادة البلاد.

اختلاف الرؤى
وبالنظر الى اس الخلاف بين الطرفين يبدو ان الشقة ليست ببعيدة ، حيث تمسك وفد الحكومة وفي الجولة الماضية بأن يكون وقف العدائيات ممهدا الى وقف دائم لإطلاق النار يسهل إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وفي المقابل شدد وفد الحركة الشعبية على أن يقتصر الاتفاق على الترتيبات الأمنية، مؤكدين عدم الاستعداد لبدء مفاوضات سياسية كما تمسك مفاوضو الحلو بأهمية نقل المساعدات من خارج الحدود.

وتبادل الطرفان في الحكومة والحركة الشعبية جناح (الحلو)، الاتهامات بفشل الجولة السابقة، وفيما حملت (الشعبية) الحكومة مسؤولية انهيار جولة المفاوضات التي علقتها الوساطة الاسبوع الماضي دون التوصل لاتفاق، قال مساعد رئيس الجمهورية إبراهيم محمود في مؤتمر صحفي بمطار الخرطوم عقب عودته من اديس ابابا « مفاوضات الحكومة مع الحركة الشعبية فشلت في التوصل لاتفاق حول وصول المساعدات عبر الحدود». وأضاف «وفد الحركة كان حذراً وتمسك بقضية قديمة». ورأى مساعد الرئيس في سلوك وفد الحركة الشعبية محاولة لعرقلة وتعطيل المساعي للوصول لاتفاق، موكدا على أن قضية ايصال المساعدات الإنسانية محسومة لدى الحكومة وأنها ترفض تماما ادخالها للسودان إلا عبر الحدود والمنافذ الرسمية. وزاد أن الحركة الشعبية ارادت أن تأتي المساعدات للمنطقتين عبر حدود تشرف عليها بنفسها دون علم الدولة وبلا رقابة. واردف محمود «كيف لنا أن نعلم إن بها سلاح أم ذخائر أم ممنوعات أخرى إن لم تكن هنالك رقابة وفرض لسيادة الدولة». وكشف محمود عن رفضهم مقترح الحركة الشعبية الذي طالب بأن يصدروا تأشيرات وأذونات دخول خاصة تسمح لها بالتعاون الخارجي ككيان مستقل عن الدولة. وطالب محمود الحركات المسلحة التي تتفاوض مع الحكومة بأن «تسرع في حسم ملفاتها والوصول لاتفاقات لأن الوقت ليس في مصلحتهم و سيفقدون فرصتهم في المشاركة بانتخابات 2020م».

(عقار) محاولات العودة
وكرد فعل لمخرجات جولة التفاوض ، عقدت الحركة الشعبية جناح (مالك عقار) مؤتمراً للإدارة المدنية والأهلية بإقليم النيل الأزرق انتهي أمس الاول شاركت فيه القيادات السياسية والإدارية والتنفيذية والعسكرية، بمشاركة قيادات فئوية ورجال دين.
خطوة (عقار) بدا واضحا انها فى سياق التحريض ضد طرفى التفاوض والضغط للعودة لطاولة التفاوض.

البيان الختامي الذي اصدرته الحركة الشعبية جناح (عقار) (السبت) الماضي، قال إن المؤتمر فوض رئيس الحركة الشعبية مالك عقار، ونائبه ياسر عرمان، والأمين العام اسماعيل جلاب، تفويضاً كاملاً للتحدث واتخاذ القرار نيابة عن جماهير وعضوية الشعبية والجيش في القضايا السياسية والعسكرية، داعيا الوساطة لعدم اعتماد التقارير التي اعتبرها غير واقعية لخلق مزيد من تفكيك وتصديع النسيج الاجتماعي في المنطقة والتي تدعمها الحكومة بحسب البيان. وأضاف البيان «أمن المؤتمرون على ضرورة الالتزام بوقف العدائيات المعلن من رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال الفريق مالك عقار بين الحركة والحكومة». وأكد البيان دعوة المنظمات الإنسانية لزيارة مناطق سيطرة الحركة لتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين وللمتضررين من الحرب والأحداث الأخيرة بالنيل الأزرق دون محاباة أو تمييز. كما أمن المؤتمرون بحسب البيان على نهج الحركة الشعبية الرامي إلى إعادة هيكلة الدولة السودانية وبنائها على أسس السودان الجديد وتأمين حقوق شعب المنطقتين الداعية إلى الحكم الذاتي.

المؤتمر ناشد الوساطة الأفريقية لاتباع طريقة جديدة لمخاطبة الأزمة السودانية بطريقة شاملة، تبدأ بمعالجة القضايا الإنسانية والابتعاد عن الحلول الجزئية.
كما قدم المؤتمرون دعوة للوساطة الأفريقية لزيارة المناطق المحررة بالنيل الأزرق حتى تقف على حقيقة الأوضاع بنفسها.
ولكن موقف الحكومة التى اعطت الحركة الشعبية جناح (الحلو) فرصة ثانية لتجاوز خلافات الجولة السابق ، و اقرار الوساطة الافريقية مجموعة (الحلو) طرفا اصيلا فى التفاوض ربما يعصف بمحاولات مالك عقار بالعودة لطاولة التفاوض باستغلال فشل الجولة الاولى للتفاوض بين (الحكومة) و (الحلو) .

الخرطوم: اسمهان فاروق
صحيفة الصحافة