إريتريا.. مترجمون لكن جواسيس
“تبحث عن حماية من الحكومة لتجد أمامك شخصا يترجم حديثك وتعرف أنه يمثل الحكومة نفسها التي تهرب منها” بهذه الكلمات يتحدث سيد نيغاش وهو متحدث باسم منظمة غير حكومية تدعى “تنسيقية إريتريا الديمقراطية” عن تغلغل مترجمين تابعين لحكومة إريتريا في مراكز استقبال لاجئين إريتريين في إيطاليا يتولون ترجمة حديثهم للسلطات الإيطالية ضمن إجراءات طلب اللجوء.
وقد تفاجأ الصحفي السويدي الإريتري الأصل ميرون إستيفانوس والأب موسيي زيراي عندما توجها في أكتوبر/تشرين الثاني 2013 إلى مقر شرطة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية لمساعدة السلطات على التعرف على ضحايا حادث غرق قارب للمهاجرين الإريتريين بالبحر المتوسط بأن الكثير من المندوبين عن الحكومة الإريترية سبقوهما إلى هناك لتسجيل أسماء الضحايا.
وقبل ذلك بخمس سنوات، قال ناشطون إريتريون إن حكومة الرئيس الإريتري أسياس أفورقي زادت من حضور ممثليها في إدارات الهجرة الأوروبية، ويقول سيمون ريزن وهو مترجم ومتحدث باسم مجموعة لاجئي شرق أفريقيا إن أكثر من نصف المترجمين العاملين في إدارة الهجرة الإيطالية وظفتهم الحكومة الإريترية.
ويقول إستيفانوس إن النسبة أعلى من ذلك، ويقدرها بـ 80% في عموم أوروبا. ويتولى هؤلاء المترجمون ترجمة شهادات طالبي اللجوء في مراكز اللجوء في إيطاليا ومراكز تحويل اللاجئين في عموم أوروبا.
ويقول بعض طالبي اللجوء الإريتريين في إيطاليا إنهم تعرضوا للترهيب وتلقوا تهديدات بحق أفراد أسرهم في إريتريا داخل مراكز اللجوء بإيطاليا، ويضيفوا أنه أسيئت ترجمة شهاداتهم أمام سلطات روما، ويقول تسفاهويت وهو لاجئ في عقده الرابع وقد هرب من إريتريا في العام 2015 إلى السويد إن شكوكه بشأن المترجمين داخل مراكز استجواب المهاجرين بإيطاليا تأكدت عندما بحث عن نص ترجمة شهادته على الإنترنت، ليجد أن المترجمين وضعوا فقرات تدعم الحكومة الإريترية.
الأب زيراي سبق أن أثار مع مسؤولين إيطاليين موضوع مترجمين توظفهم إريتريا يترجمون شهادات طالبي لجوء بأوروبا (الجزيرة)
وعقب ذلك، اختار تسفاهويت الكشف عن الحد الأدنى من المعلومات أثناء جلسات الاستماع إليه، وبعدما اقترح عليه ناشطون محليون بإيطاليا مترجما موثوقا اتصل به استطاع أن يدلي بشهادته كاملة، ويقول “عندما تخبر قصتك كاملة لمترجم ولاؤه غير معروف فإنك تضع أسرتك التي تعيش في إريتريا في وضع خطر”.
ويقول ناشطون إريتريون إن الخبراء المرتبطين بمؤسسات الحكومة الإريترية لا يخفون ولاءهم، إذ يضعون صورا لهم على شبكة الإنترنت أثناء حضورهم مؤتمرات بأوروبا من تنظيم شبيبة الحزب الحاكم بإرتيريا “الجبهة من أجل الديمقراطية والعدالة”.
شكاوى مهملة
ويشير ناشطون إلى أنهم أبلغوا السلطات الإيطالية والمكتب الأوروبي لدعم طالبي اللجوء ومنظمات غير حكومية بموضوع المترجمين الذين توظفهم الحكومة الإريترية، ولكن هذه الشكاوى قوبلت بالتجاهل.
وفي مايو/أيار 2016، التقى الأب زيراي -وهو وجه بارز في الدفاع عن اللاجئين الإريتريين- بماريو موركون كبير موظفي وزارة الداخلية الإيطالية وأخبرهم بهذه المشكلة وقدموا له لائحة بأسماء مترجمين موثوقين، ولكن لم تحدث أي تغييرات عقب الاجتماع.
وفي سبتمبر/أيلول 2017، أثار مسألة المترجمين مجموعة من الإريتريين في اجتماعهم مع مسؤولي المكتب الأوروبي لدعم طالبي اللجوء في روما، وبعثوا برسالة في الموضوع ولكن لم يتلقوا أي جواب من المكتب، وقد قال الأخير في تصريح للجزيرة إن أحد المترجمين قدم استقالته عقب فتح تحقيق، غير أن الاستقالة لا تشكل بالضرورة دليلا يثبت الادعاءات بشأن دور المترجمين الإريتريين.
المصدر : الجزيرة