حوارات ولقاءات

مساعد الرئيس السابق: المؤتمر الوطني لم يضعف ولم يشخ وهو في أفضل حالاته

فترتي كانت من أفضل مراحل الحزب

إذا تمسك (الوطني) بلوائحه وقوانينه “ما بتجيهو عوجة”

لا يوجد من يعارض ترشيح البشير، ولكن (….)

(الوطني) حزب كبير وأكثر حرصاً على الاستقرار السياسي

لا يمكن حصر أسباب التغييرات الأخيرة في ترشيح البشير

حديث إشراقة (عني) مردود عليها وموقفنا كان سليماً

خيار التفرغ للأسرة والأعمال الخاصة هو الراجح لي

أحزابنا لم تصبح حقيقية حتى الآن

استبعد مساعد رئيس الجمهورية السابق المهندس إبراهيم محمود حصر أسباب التغييرات الأخيرة بأمر ترشيح البشير، مؤكداً وجود مؤسسات بالحزب ومواقيت للترشيح، وأن هذا أوضحه مجلس الشورى في اجتماعه الأخير، مستبعداً أن يعمل سلفه الدكتور فيصل حسن إبراهيم بعيداً عن مؤسسات ولوائح وقوانين الحزب، مؤكداً أن اتهامات إشراقة سيد محمود له مردودة عليها لأنها أكدت أن أحمد بلال هو الرئيس، وألمح إلى أن فترته تعتبر من أفضل المراحل السياسية في تاريخ الحزب.

وشدد على أن القوى السياسية في السودان لم تصل بعد مرحلة الأحزاب الحقيقية لعدم التزامها بقوانينها ونظامها الأساسي ولوائحها ومؤسساتها.

*اتهمتكم إشراقة سيد محمود بالتدخل في الشؤون الداخلية للاتحادي المسجل؟

نحن في المؤتمر الوطني لا نتدخل في شؤون الأحزاب الأخرى، ولا يمكن أن نعمل على دعم تيار على حساب الآخر، وما جهرت به إشراقة يبدو غريباً فهي تعلم بوجود مشاكل وخلافات في حزبها، وهذا الأمر لا يعنينا في شيء.

*وجّهت إليك الاتهام مباشرة بأنك كنتَ من الداعمين لتيار الدكتور أحمد بلال عثمان؟

عندما يفشل الإنسان، فإنه يبحث عن مبررات يعلق على مشجبها إخفاقه، وهنا لابد من الإشارة إلى أنني كنت أتبوأ موقعاً يحتم علي التعامل مع المؤسسات وليس الأشخاص .

*ماذا تعني بذلك؟

– أعني أن تعاملنا مع مؤسسات الاتحادي الديمقراطي، وهي التي نأخذ ونعتمد ما تقرره في مكاتباتها الرسمية، وهذا يعني عدم علاقتنا بإشراقة أو أحمد بلال، وهذا هو التعامل المؤسسي الذي يرتكز بشكل مباشر على الخطابات الرسمية.

*ولكن المؤتمر الوطني يُتهَّم دائماً بدعم تيارات ضد الأخرى داخل القوى السياسية من أجل إضعافها وحديث إشراقة مثال؟

-لا.. هذا حديث أعتبره عارياً تماماً من الصحة، وكما أشرتُ لك أن المؤتمر الوطني حزب كبير وحاكم، وهذا يعني أنه الأكثر حرصاً على الاستقرار السياسي، ولا يمكنه أن يدعم طرفاً على حساب الآخر.

*إذن ماذا كانت تحوي خطابات الاتحادي المسجل من قرارات أشرتَ إلى أنكم أخذتم بها لرسميّتها؟

– ما حدث في الاتحادي المسجل كانت له علاقة بالمشاركة في الحكومة، ومؤسساته وعبر خطابات رسمية هي التي حددت من يمثلها ويشارك في الحكومة وقراراتها لم نتدخل فيها، لأن هذه خيارات داخلية للحزب.

*ولكن من قبل تدخلتم في خيارات الاتحادي الأصل الذي حدث فيه خلاف بوجود قائمتين للمشاركة في الحكومة دفع بكل واحدة منها تيار مختلف؟

لا، لم نتدخل في هذا الشأن الداخلي، وما حدث أنه ورغم وجود مساعد رئيس الجمهورية مولانا محمد الحسن، إلا أن رئيس الحزب مولانا محمد عثمان الميرغني أشار إلى وجود لجنة معتمدة من جانبه برئاسة الدكتور تاج السر لاختيار من يشاركون في الحكومة، وطالبنا بالتعامل معها، ولأن هذا قرار رئيس حزب، فقد أخذنا به، وهذا يؤكد أن المؤتمر الوطني والحكومة بصفة عامة تتعامل مع المؤسسات وليس الأشخاص.

*هل تنفي بحديثك هذا دعم تيار داخل المؤتمر الوطني كنت تقوده أنت بحسب حديث إشراقة لأحمد بلال؟

– الأخت إشراقة أشارت في حديثها إلى أننا كنا نتعامل مع رئيس الحزب المكلف، هذا يعني أن موقفنا كان سليماً، لأنها أكدت أن أحمد بلال هو الرئيس الشرعي، وفي تقديري أن هذه الجزئية من حديثها تدحض اتهاماتها وترد عليها، فهي أكدت أن أحمد بلال هو الرئيس المعتمد، وهذا يعني أن نتعامل معه لأنه الشخص المسؤول.

* تعمدون في المؤتمر الوطني إلى إضعاف الأحزاب عبر إثارة الصراعات داخلها لتستمروا في الحكم؟

– لا.. هذا حديث غير منطقي.. الدليل على ذلك أن حزبنا شهد من قبل خلافات قادت لخروج شخصيات فلم نتهم أحداً أو حزباً بالوقوف وراءها، وجود تيارات في الأحزاب ليس بالأمر الغريب لأن التباين في الأراء من السنن الكونية، والمؤتمر الوطني تعرض من قبل لأحداث قادت إلى خروج شخصيات كبيرة مثل الدكتور الترابي عليه الرحمة، واختار تكوين حزب المؤتمر الشعبي، وكذلك خرج الدكتور غازي صلاح الدين، والمهندس الطيب مصطفى وغيرهم، فهل اتهمنا أحد من خارج حزبنا بدعم تيار على حساب آخر.

*وبماذا تفسر هذا؟

– هذا جزء من طبيعة الأحزاب السودانية التي تعرّض معظمها إن لم يكن جلها لانقسامات، والحزب الذي يشهد صراعات على قادته أن يرموا باللائمة على أنفسهم وليس على الآخرين.

*حسناً.. إلى ماذا تعزو ظاهرة التشرذم والانقسامات التي ظلت طابعاً مميزاً للأحزاب السودانية؟

– لأنها لم تصبح حتى الآن أحزاباً حقيقية .

*وما هي الأحزاب الحقيقية كما أشرت؟

هي التي تلتزم بقوانينها ونظامها الأساسي ولوائحها ومؤسساتها.

*هل ينسحب هذا الأمر على المؤتمر الوطني أيضاً؟

ينطبق عليه بالتأكيد إذا لم يلتزم بالقوانين والمؤسسات والنظام الأساسي واللوائح، وهذه الأشياء هي التي تنظم العلاقات، ولكن على الأقل، فإن المؤتمر الوطني يختلف عن الأحزاب الأخرى بامتلاكه لنظام أساسي معروف ولوائح وهياكل ومؤسسات.

*رغم ذلك، فإن القرارات تصدر بشكل أقرب للفردي بالمؤتمر الوطني؟

أيضاً هذا حديث غير صحيح.. في المؤتمر الوطني لا يتم إصدار القرارات الكبيرة إلا عبر مجلس الشورى والمؤتمر العام، وأيضاً من المستحيل أن نختار رئيساً للحزب دون انعقاد المؤتمر العام، كما لا يمكن أن تتم إجازة حكومة قبل أن ينظرها المكتب القيادي ويجيزها، وليس انحيازاً لحزب أنا أحد منسوبيه، ولكن أستطيع التأكيد أن المؤتمر الوطني يعمل بشكل مؤسسي.

*حسناً.. من أي زاوية تقرأ التغييرات الأخيرة التي حدثت بالمؤتمر الوطني وتلك التي يتوقع أن تشهدها المرحلة القادمة؟

قراءتي لها لا تخرج عن سياق أنها تغييرات تعتبر عادية تحدث في الحزب من وقت إلى آخر، وما حدث لم يأت بصورة فردية أو مفاجئة، بل عبر مؤسسات الحزب التي أخضعتها للتداول بالمكتب القيادي، لأن هذه من سلطاته وصلاحياته، وفي تقديري أنه وفي ظل تمسك المؤتمر بلوائحه وقوانينه ونظامه الأساسي فلن يواجه عقبات “وما بتجيهو مشكلة”.

*وماذا إن حدث خروج عن اللوائح والقوانين؟

– إذا حدث ذلك، فهذا يعني أن الحزب سيواجه مشكلة، ولكن لا أعتقد بخروج المؤتمر الوطني عن نظامه الأساسي ولوائحه وقوانينه، فهو حزب كبير ومؤسسي.

*البعض يرى أن عهدك شهد تفلتات داخل الحزب لنهجك المرن في التعامل؟

– لا بالعكس .. نحن موجودون في المؤتمر الوطني منذ نشأته، وقد شهدنا فترات كانت الوفود المحتجة على الأداء تأتي بصورة راتبة من الولايات مثل النيل الأبيض وغيرها، كما مر الحزب بلحظات عصيبة أفضت إلى خروج شيخ حسن كما أشرت وغازي والطيب مصطفى وغيرهم، وحمل قيادات أخرى السلاح مثل خليل إبراهيم وآخرين، كما وقعت أحداث أخرى كبيرة مثل عزل والي القضارف والجزيرة نتيجة صراعات داخلية وغيرها من أحداث جسام شهدها الحزب في الفترات التي سبقت تكليفي بمنصب مساعد الرئيس .

*هل تريد القول إن فترتك الأقل تفلتات بالحزب؟

– بصفة عامة أي حزب طبيعي أن يشهد حراكاً، كما أنه لا يمكن أن يكون الجميع على قلب رجل واحد وهذا أمر بديهي في ظل الاختلاف في وجهات النظر، وفترتي مقارنة بالسابق تعتبر أنها الأقل تفلتات.

*هل هذا يعني أن فترتك حقق من خلالها الحزب نجاحات كبيرة؟

– نعم، بل كانت من أفضل المراحل السياسية في تاريخ الحزب، والدليل على ذلك الإنجازات الكبيرة التي تحققت، وقد ذكرت منها جزءاً يسيراً، وما تم بالتأكيد لا يحسب لشخصي الضعيف بل لمنظومة الحزب بصفة عامة.

*كثيرون يؤكدون أن المؤتمر الوطني شاخ وتراجع أدائه؟

– هذا مجرد انطباع واعتقاد لا تسنده حقائق، المؤتمر الوطني لم يضعف ولم يشخ وهو في أفضل حالاته، لا اقول هذا الحديث لأنني كنت آخر مسؤول عن شؤونه التنظيمية، ولكن هذه حقيقة واضحة وماثلة للعيان، والدليل على ذلك أنه الحزب الذي يقود حالياً الساحة السياسية عبر برنامج واضح المعالم تمخض عن أعظم إنجاز سوداني وهو الحوار الوطني.

*ما هو دليلك على قولك هذا؟

ما يؤكد صدق حديثي بأن المؤتمر الوطني هو صاحب التأثير الأكبر في الساحة السياسية أن الجميع متمسكون بمخرجات الحوار الوطني، وبكل صدق كنت أشعر بسعادة حينما أرى مبارك الفاضل أو حاتم السر ينافحان ويدافعان عن الميزانية، وهذا يعني أن البرنامج المطروح لم يعد ملكاً للمؤتمر الوطني بل كل الشركاء الذين يعضون عليه بالنواجذ وهو من بنات أفكار المؤتمر الوطني.

*العقد الحالي لم يشهد إنجازات تذكر للمؤتمر الوطني؟

– الفترة الماضية بخلاف إنجاز الحوار الوطني والاستقرار السياسي في البلاد الذي أعقبه فإن المؤتمر الوطني حقق الكثير من الإنجازات التي لا يمكن تجاوزها أو غض الطرف عنها أبرزها الجهود الكبيرة التي تم بذلها في دارفور حتى عاد إليها الأمن والاستقرار وانتظمتها التنمية، وكذلك فإن المنطقتين تشهدان استقراراً أمنياً واضحاً وكبيراً، والبلاد منذ عام وستة أشهر لم تعد تعرف الحروب، وكل هذا يوضح أن المؤتمر الوطني موجود وفعال وأعماله تتحدث عنه.

*ضعف واضح في الجانب الاقتصادي؟

– “مقدور عليه بإذن الله”، والحزب يعمل لإيجاد علاج له، وإذا حدثت الترتيبات المطلوبة ستعبر البلاد إلى الأفضل وذلك لأنها تمتلك موارد كبيرة.

*إعفاء إبراهيم محمود وتعيين الدكتور فيصل حسن إبراهيم وحسبما يرى البعض أنه جاء في إطار إعادة ترشيح البشير، في هذا إشارات إلى أنك ربما كنت من الرافضين للتجديد لرئيس الجمهورية؟

– لا، الأمر ليس كذلك.. والتغييرات الأخيرة لا يمكن حصر أسبابها في ترشيح الرئيس، كما أنه في الأصل لا يوجد من يعارض ترشيح البشير، ولكن توجد مؤسسات بالحزب ومواقيت للترشيح، وهذا ما تمت الإشارة إليه في اجتماع مجلس الشورى الأخير، ولا أعتقد أن الأخ فيصل سيعمل بمعزل عن مؤسسات الحزب وقوانينه.

*وماذا عن تغييرات الولاة التي تردد أن خلافاً بينك وفيصل قد حدث من قبل لتمسكك بعدم تغييرهم ومطالبته بخلاف ما ترى؟

– رؤيتنا كانت تذهب ناحية أن يتم تغيير الولاة بعد أن ينالوا فرصة كافية للحكم عليهم، لأن التقييم السياسي لا يمكن إجراؤه من خلال أشهر معدودة.

* الآن يقول الواقع إنهم أخذوا فرصة كافية واقتربوا من إكمال الثلاثة أعوام في إدارة الولايات؟

– إذا حدث، فإن هذا لا يخرج عن سياق أن ترتيبات المرحلة القادمة هي التي فرضته لأن العام القادم سيشهد اختيار المؤتمر الوطني لمرشحيه، وهذا يعني أن حدوث تغيير حالياً يعني أنه سيكون مؤقتاً، ولكن في حالة وجود ضرورة، فالأمر يبدو مختلفاً.

*ختاماً.. إبراهيم محمود لم يعد مسؤولاً سياسياً أو تنفيذياً، ما هي خططك للمرحلة القادمة؟

– بالتأكيد سيكون خيار التفرغ للأسرة والأعمال الخاصة هو الراجح.

الصيحة.