الصادق الرزيقي

عودة السفير

يوم غدٍ الإثنين، يعود السفير عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان لدى جمهورية مصر إلى القاهرة لمزاولة عمله بعد أن قضى شهرين بالبلاد جاءها مستدعياً للتفاكر والتشاور مع قيادة الدولة ورئاسة الوزارة على خلفية التوترات والأزمة التي نشبت بين البلدين،

واتهامات الخرطوم للقاهرة بالعمل على تخطيط وتنفيذ أعمال عدائية ضد السودان، وكان واضحاً منذ أول يوم تم فيه استدعاء السفير أنه سيعود إلى مقر عمله حالما تنتهي المشاورات، وربما كانت الأحداث أسرع مما هو متوقع خاصة لقاء الرئيسين البشير والسيسي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال مشاركتهما في القمة الإفريقية آخر يناير الماضي، ثم اجتماع اللجنة الرباعية التي ضمت وزيري الخارجية ومديري جهازي الأمن والمخابرات في البلدين.
> وتعد عودة السفير مؤشراً إيجابياً للوهلة الأولى، لكن بقاء السفير في الخرطوم أو في القاهرة لا يغير من واقع الحال شيئاً، فهناك حالة من البرود في العلاقة وجمود بائن الله وحده يعلم متى ينتهي، خاصة أن ما تم الاتفاق عليه في (8) فبراير الماضي خلال الاجتماع الرباعي لم يحرز فيه أي تقدم ملموس، بل هناك تصعيد مصري متواصل ومتلاحق ومستمر في مثلث حلايب المحتل، ولَم تتخذ القاهرة أية خطوات عملية نحو الحل في النقاط الست عشرة التي جرى بحثها في آخر اجتماع رسمي رفيع بين البلدين.
> لكن المؤكد أن السفير عبد المحمود الذي يعود إلى القاهرة وصدره مزين بوسام الجدارة الذي منحه له رئيس الجمهورية المشير البشير في محفل دبلوماسي ضخم في ختام مؤتمر سفراء السودان، سيعود ــ أي السفير ــ وهو أكثر ثقةً في الطريقة والمنهج الذي تُعالج به أزمة العلاقة مع مصر، فالصورة الآن مكتملة والمطلوب أكثر وضوحاً من ذي قبل، وستكون مهمته بعد العودة هي النظر وانتظار الأفعال المصرية لا الأقوال.
> الخرطوم تريد أن ترى القاهرة جادة وعملية في كل النقاط الخلافية، بدءاً بملف حلايب حيث لا يوجد إلا ثلاثة خيارات فقط، هي إنهاء الاحتلال فوراً، أو التحكيم أو الجلوس للتفاوض الثنائي، وكل هذه الخيارات لا تريدها القاهرة ولا تعتزم حتى مناقشتها.
> وفي الجانب المتعلق بالمعارضة السودانية التي تحتضنها القاهرة وتوفر لها المأوى والدعم السياسي والمالي والشقق السكنية والتسهيلات الإعلامية وتنسيقات التنقل الخارجي من وإلى القاهرة، فضلاً عن محاولات تجميع المعارضة في ليبيا ودولة جنوب السودان وأخيراً إريتريا، غني عن القول هنا أنه توجد قضايا أخرى اقتصادية وأمنية ومسائل تتعلق بمعاملة السودانيين في القاهرة ومنافذ العبور ومطاراتها.
> إذا كانت مصر الرسمية والإعلامية قد فهمت واستوعبت ما جرى من أحداث في مبتدئها استدعاء السفير ثم المواقف السودانية المترتبة على ذلك، ومواقف السودان الأخرى المتقاطعة مع المواقف المصرية في قضايا إقليمية ودولية، ولأننا نفهم العقلية السياسية والإعلامية المصرية، فلن نستغرب إذا خرجت علينا وسائل الإعلام في مصر، تصور عودة السفير وكأن استدعاءه لم يكن شيئاً، وتسعى للتقليل من أهمية الخطوة السودانية وإفراغها من مضمونها الحقيقي كتعبير سياسي واحتجاج دبلوماسي على مسلك القاهرة مع الخرطوم في كل نقاط الخلاف.
> والسؤال المهم.. ما الذي سيحدث وما هي الخطوة التالية في حال تراجعت الحكومة المصرية عن كل تعهداتها ونكصت على عقبيها وحنثت بوعدها وعادت سليمة إلى عادتها القديمة؟!
> الإجابة بالطبع سهلة.. لن يكون أمام الخرطوم من خيارات إلا أن تبدأ بسحب السفير وبقية الخطوات معروفة!!

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة

تعليق واحد

  1. نتمنى أن تكون بقية الخطوات معروفة … وأن يكون البيان بالعمل