أخذوا “المصل” الواقي من التغيير ولاة نالوا وضمنوا “البقاء” على “الهواء”
قطع الرئيس البشير كل التكهنات والآراء التي ظلت تتداول على مدى الفترة الماضية القائلة بوجود تحولات جوهرية في بعض الولايات بإعفاء ولاتها.. ففي كل مرة تفشل تكنهات البعض وتضعف ما تأتي به مجالس المدينة . ففي الأسابيع الماضية راجت بعض الأحاديث عن تغييرات لبعض الولاة من ضمنهم محمد طاهر إيلا ووالي جنوب دارفور وأحمد هارون والي شمال كردفان، إلا أن الرئيس البشير في زياراته لكل تلك الولايات أكد بقاء ولاتها.
بالأمس القريب أكد الرئيس البشير ذات الشيء مع والي ولاية الجزيرة محمد طاهر إيلا في نهايات العام 2017 عندما قال: “إيلا” باقٍ بموقعه والياً للجزيرة الخضراء وأن استدعى الأمر ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية سوف أقوم بدعمه.
وها هو الآن يفعلها مجددًا مع والي ولاية شمال كردفان أحمد هارون، بقوله ” أحمد هارون حيقعد والي لحدي ما يبنوا فوقه قبة”، موصداً الباب أمام أي توقعات أو ترقب محتمل قد يدفع بهؤلاء الولاة لتولي مهام بالمركز وفق ما رشح مؤخراً باعتبار أن الحكومة شرعت في تقييم بعض الحقائب الوزارية المحتمل إجراء تعديل وزاري بها.
هذه الخطوات تفتح الباب أمام سؤال عن الأسباب والدوافع التي من شأنها جعل كل من الرئيس البشير وحكومة الوفاق الوطني يتمسكون بهذه الشخصيات في مواقعها برغم من إطالة بقاء بعضهم لأكثر من دورتين.
بينما لا يفوتنا أن والي ولاية جنوب دارفور آدم الفكي، هو أيضاً أحد الذين ضمنوا حالة البقاء والياً على أحد الولايات التي باتت تشهد استقراراً أمنياً واجتماعيا في الفترة الأخيرة عقب حرب أشعلت نيران القرى والمدن فيها لسنوات وتسبب في نزوح المئات من مواطنيها، ولكن تدخل الرئيس البشير كذلك حسم المسائل بعدما اطلع على دور “الفكي” الذي هو بالتأكيد لا شيخ ولا صاحب حجاب يملك “محاية” أو لديه ” عصا موسى” إنما استطاع في فترة وجيزة إعادة الأوضاع إلى نصابها اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً.
وبالعودة قليلاً إلى ولاية الجزيرة، فإن “إيلا” كان قد عايش صراعاً محمومًا مع قيادات المجلس التشريعي لولاية الجزيرة أفضى تارة إلى رفض خطابه، ومرة أخرى يستعصم بالمركز الذي قام بحل المجلس وإعلان حالة الطوارئ بالولاية ولو إلى حين.
بخلاف أحمد هارون الذي استنفر طاقات أبناء شمال كردفان نحو عملية الإنتاج والتنمية من خلال مبادرة ” النفير” لمجابهة أهم وأبرز التحديات التي تواجه أبناء كردفان سواء من حيث رحلة البحث عن ” المياه” وإنهاء مسلسل سيناريو العطش، فضلاً عن الاستفادة من قدرات وإمكانيات الولاية اقتصادياً وبشرياً.
ويوضح الكاتب الصحفي عثمان أبو عطية في إفادة لـ(الصيحة) أن الحزب الحاكم المؤتمر الوطني والحكومة معاً في حاجة إلى شخصيات قوية قادرة على إحكام السيطرة على ولايات مثل ” الجزيرة – شمال كردفان – جنوب دارفور” باعتبار أنها ولايات بها ثقل سكاني كبير، بالإضافة إلى تعويل المؤتمر الوطني عليها مستقبلاً من حيث القواعد لإحراز أكبر قدر من الأصوات حال قيام انتخابات العام 2020
ويشير أبو عطية إلى أن جميع هذه العوامل تقتضي توفير أشخاص لهم كفاءة معينة، خاصة وأن الولاة الثلاثة الذين جزم الرئيس البشير ببقائهم حتى العام 2020 من المؤكد هم محل ثقة المركز وقادرون على إنفاذ توجيهاته.
لافتاً إلى الموقع الجغرافي لهذه الولايات سواء كانت ولاية الجزيرة مصدر الإنتاج الزراعي والتي ربما يكون استجلاب ” إيلا” جاء عقب تقييم أسباب إخفاق ولاة سابقين في تحقيق إنجازات حقيقية وواقعية على مستوى الخدمات وإنعاش المشروع الزراعي الأول في السودان مقارنة مع تجربة الحكم بولاية البحر الأحمر.
بينما أمنياً تعتبر كل من ولاية شمال كردفان وجنوب دارفور بوابات السودان الغربية لحمايته من أي خلل متوقع، لذا فإن حراستها من قبل أشخاص لهم دراية وخلفية أمنية مطلوبة بأي حال من الأحوال.
ومؤكد أن إعلان الرئيس البشير بقاء ولاة شمال كردفان – الجزيرة – جنوب دارفور جاء عقب تقييم لوجودهم وسط هذه الولايات، ولعب أدوار غير اعتيادية مقارنة مع من سبقوهم في المواقع ذاتها، حيث يلاحظ أن الرئيس البشير قد جاب العديد من ولايات السودان، ولكن تظل النقطة الفارقة الحديث عن ولاة بعينهم دونما سواهم والرهان على بقائهم باعتبار أفعالهم واقعية وملموسة، ولو شابتها بعض الأخطاء وظهور بعض المعارضين.
وهم من قد يعول عليهم البشير في مقبل الأيام دون سواهم على حد تعبير المحلل السياسي د. بهاء الدين مكاوي في حديث لـ(الصيحة) باعتبار أن برنامج إصلاح الدولة ليس قاصراً على مؤسسات الدولة بالمركز فقط إنما يشمل بقية ولايات السودان.
منوهاً إلى محاولات الحكومة على الدوام في إحداث اختراق على مستويات الملفات الداخلية والتي أضحت تمس المواطن بشكل مباشر من قضايا معاش الناس – الإصلاحات الاقتصادية – الخدمة المدنية وزيادة الإنتاج والإنتاجية والقدرة على التحول من مربع دولة المستهلك إلى المنتج.
الصيحة.