زيارة مصرية وأخرى قطرية الخرطوم.. (ملتقى) فرقاء الأزمة الخليجية
على نحو مفاجئ تحولت الخرطوم إلى قبلة قصدها فرقاء الأزمة الخليجية سراً وعلناً، حيث هبط أرضها أمس الأول مدير المخابرات المصرية اللواء عباس مصطفى الذي يعد بمثابة الذراع الأيمن للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتقى رجل المخابرات الأول بمصر بالرئيس البشير ووزير الدفاع عوض ابنعوض ومدير المخابرات صلاح قوش، ووزير الخارجية بروفسور إبراهيم غندور، قبل أن يغادر الرجل أرض السودان، وصلت طائرة وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني للخرطوم في زيارة تنتهي اليوم (الإثنين).
أكثر من سؤال؟
زيارة فرقاء الأزمة الخليجية إلى الخرطوم في وقت متزامن وضعت أكثر من سؤال أبرزها هل ما زالت الحكومة السودانية تتمسك بموقفها الحيادي حيال الأزمة؟ وهل تنوي الحكومة طرح مبادرة ووساطة لحل الازمة؟ أم إن كلا الطرفين يسعيان لفك شفرة الحياد وكسب الخرطوم إلى صفهما؟ والسؤال الأكبر هو هل ستتحول الخرطوم عن موقفها الحيادي؟
أجندة مختلفة
مؤشرات عديدة تشير إلى أن زيارة مدير المخابرات المصرية اللواء عباس مصطفى كانت ذات أجندة مختلفة، وأن الرجل تطرق خلال لقاءاته العديدة بالمسؤولين السودانيين للعديد من القضايا، وهذا ما ذهب إليه مدير المخابرات الخارجية السابق د. قطبي المهدي، الذي قال إن الزيارة لها أجندة مختلفة أبرزها مناقشة التوترات السياسية بين البلدين، خاصة قضايا الحدود والمياه والعلاقات السياسية.
وحول مدى تطرُّق مدير المخابرات المصرية في زيارته للخرطوم للأزمة الخلجية في لقاءاته مع القيادة السودانية، يقول قطبي (للصيحة) ربما تم الطرق للأزمة الخليجية في إطار ضيق من خلال لقاء مع وزير الخارجية، ولكن الزيارة هدفها الأساسي مناقشة القضايا العالقة بين البلدين خاصة وأن القيادة المصرية توصلت لقناعة مفادها التواصل مع السودان ومد جسور العلاقات بين البلدين.
انقطاع طويل
في ذات السياق عدّ قطبي المهدي زيارة وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني للخرطوم زيارة عادية بعد انقطاع طويل للقيادة القطرية عن السودان، منوهاً إلى أن آخر زيارة لمسؤول قطري للخرطوم كانت للسيدة موزا في مارس من العام الماضي أي قبل عام من الآن، بالتالي رأت الحكومة القطرية بأنه لابد من التواصل مع السودان خاصة بعدما تأكد للدوحة ثبات الخرطوم على موقفها الحيادي من الأزمة الخلجية.
وختم قطيي بالقول إن الحكومة تمسك بموقفها المحايد ولم تنحنِ للعاصفة طوال الأزمة الخليجية، ولم تنحاز لأي طرف في الأزمة.
التوقيت فقط
بينما يرى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية د. الرشيد محمد أبراهيم أن التوقيت فقط هو الذي يجمع بين الزيارتين، مشيراً إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يبحث عن تلطيف الأجواء مع دول الجوار في إطار حملته الانتخابية من أجل إخراج الانتخابات بشكل هادئ خاصة بعد شعور النظام المصري بأن الخرطوم هي الأهم في الحراك الخارجي.
ويضيف الرشيد(للصيحة) أن القاهرة بدأت تستشعر أن الخرطوم قد باتت تتعامل معها كملف أمني كما تفعل هي، لذلك سارعت لإرسال مدير مخابراتها لتلطيف الأجواء بين البلدين.
زيارة اقتصادية
ويتفق الرشيد مع قطبي المهدي في أن الزيارة التي قام بها مبعوثا مصر وقطر ليست لها أبعاد أخرى مثل مناقشة الأزمة الخليجية، ويشير الرشيد إلى أن زيارة وزير الخارجية القطري للخرطوم لها أبعاد اقتصادية وتأتي كرد فعل للزيارة التي قام بها دكتور مصطفى عثمان إسماعيل لقطر قبل فترة وجيزة وحمل من خلالها رسالة من الرئيس البشير للقيادة القطرية، وهي زيارة اقتصادية في المقام الأول، وليست لها أي أبعاد أخرى، ويستبعد بشدة أن تكون الزيارة في إطار المبادرة التي تقودها الكويت وتدعمها الخرطوم لإزالة الجفوة بين فرقاء الأزمة الخلجية.
استمرار الحياد
على كلٍّ، فإن مصر تمثل رأس الرمح في حلف السعودية والأمارات والبحرين في معركتهم ضد قطر وتوترت العلاقات بين أطراف الأزمة الخلجية إلى حد عميق فشلت كل الوساطات الإقلمية والدولية في معالجته، ومع استمرار عاصفة الأزمة الخليجية ظل السودان يتخذ موقفاً محايداً من الأزمة، ولم يتخذ موقفاً مسانداً لأي من الدول المتخاصمة، في ذات الوقت ظل فرقاء الأزمة الخليجية في حالة رضاء تام عن موقف السودان بدليل هبوط اثنين من قيادات (مصر وقطر) بالخرطوم، مما حدا بأستاذ العلاقات الدولية الرشيد محمد إبراهيم ليقول إن موقف السودان الحيادي من الأزمة الخليجية جعله في حالة رضاء من قبل فرقاء الأزمة.
بينما قال قطبي المهدي إن السودان باستقباله قيادات مصرية وقطرية أثبت أنه محايد، وسيظل على هذا الموقف .
ماذا تريد مصر
الشاهد في الأمر أن اللواء عباس مصطفى مدير المخابرات المصرية ومدير مكتب الرئيس السيسي يعد بمثابة خازن أسرار الرئيس المصري، بل يعد من القلة الذين يثق بهم السيسي، بالتالي تحمل زيارته للخرطوم أكثر من مؤشر أبرزها ما قاله د. الرشيد إبراهيم أن القاهرة شعرت بتحولها لملف أمني في إطار علاقات السودان الخارجية، بالتالي كان لابد من تحرك سريع يسبق الانتخابات المصرية من خلال تسجيل زيارة للجارة الخرطوم، والتأكيد على أزلية العلاقات بين البلدين.
الصيحة.