التمويل العقاري.. جدلية الإلغاء والشرعية
ثار جدل كبير بشأن ما أصدره بنك السودان المركزي في اجتماع رئيس الجمهورية الراتب لمتابعة وضبط سعر الصرف بسماحه للمصارف بتقديم خدمات التمويل العقاري للسودانيين العاملين بالخارج، وسبقه قرار البنك للسماح للبنك العقاري بالتمويل العقاري، ونشرت بعض وسائل إعلام محلية أن هيئة علماء السودان ألغت قرار التمويل باعتبار أن به شبهة ربا، ليقطع بنك السودان المركزي المضي في هذا الاتجاه بإصدار الهيئة العليا للرقابة الشرعية على المصارف والمؤسسات المالية تعميماً بخصوص المنشور رقم 1/2018 الخاص بالتمويل العقاري للسودانيين العاملين بالخارج، أفادت فيه بأن ما تناولته الصحف ووسائط الإعلام بشأن صدور فتوى أو قرار بإيقاف المنشور ليس له أساس من الصحة.
وكيل أكاديمية السودان للعلوم المصرفية والمالية دكتور علي خالد الفويل قال لـ(الصيحة) إن جميع العقود الخاصة بالتمويل العقاري يتم تدقيقها من قبل هيئة الرقابة، وتتم صياغتها مسبقاً لتكون خالية من الجهالة، وأضاف أن عملية التمويل العقاري ليست بالصعبة، فهي تتيح للمرابح سلعة وسط شروط معينة، مؤكدًا أن هيئة الرقابة بالمصارف متخصصة في عمل التمويل، وتلقت جرعات كبيرة وعملية تدريب تختلف عن بقية الهيئات التي تحرم المعاملات بصورة مباشرة.
الدعوة بإعادة النظر في قرار إيقاف التمويل العقاري الذي كان بواقع 13% من حجم تمويل البنوك السودانية، ظلت تردد في جميع منابر الإسكان خاصة وأن القرار أصاب القطاع العقاري إصابة مؤثرة لجهة أن أي عملية لتطوير البناء وتخفيض تكلفته لا بد من المرور بالتصنيع الذي يحتاج إلى تمويل، حيث وصف تنفيذيون في الدولة قرار إيقاف التمويل للعقارات بغير المبرر، وناشدوا بنك السودان المركزي بإصدار منشور يقضي بفك التمويل العقاري خاصة بالسكن الريفي وسكن الفقراء، ويعد توجيه مساعد رئيس الجمهورية والمشرف على الإسكان بالسودان المهندس إبراهيم حامد إلى دراسة رفع حظر التمويل العقاري في ضوء التطورات الاقتصادية بالبلاد والقرارات الأمريكية الأخيرة التي تتعلق بفك الحصار الاقتصادي بتشكيل آلية تضم الصندوق القومي للإسكان والتعمير وبنك السودان والجهات ذات الصلة لدراسة سلبيات وإيجابيات قرار بنك السودان الخاص بحظر التمويل العقارى وشراء السيارات خطوة جادة في اتجاه رفع الحظر خاصة وأن القرار أملته ظروف تتعلق حينها بتوجيه النقد الأجنبي لدعم وتشجيع الإنتاج وبخاصة الزراعي .
المدير العام لصندوق للإسكان والتعمير عبد الرحمن الطيب أيوبيه قال لـ(الصيحة) لم يتم رفع الحظر حالياً وإنما هناك اتجاه لتكوين لجنة لدراسة إيجابيات وسلبيات القرار تضم اتحاد اصحاب العمل والصندوق القومي للإسكان والتعمير وبنك السودان المركزي وأن بنك السودان المركزي سبق أن أصدر قرارا بمنع التمويل العقاري في فترة سابقة لجهة أن جميع البنوك في البلاد تعمل في هذا القطاع، مما أدى إلى تأثيره على سعر الصرف إضافة إلى أن بنك السودان المركزي اعتبر هذا التمويل لأنشطة غير أساسية (شراء أراض- سيارات-تجارة محلية)، ولا يستفيد منه المجتمع ولا يساهم في الإنتاج أو التنمية، وبالتالي أصدر البنك المركزي منشور 3 للعام 2014م حظر بموجبه تمويل الأراضي والعربات ما عدا تمويل الإسكان الاقتصادي والشعبي عبر الصندوق القومي للإسكان والتعمير، مبيناً أنها آلية لضبط تمويل الإسكان عبر القنوات الرسمية المختصة في تمويل السكن الاجتماعي الذي تحتاج إليه الشرائح الضعيفة في المجتمع وليس تمويل أبراج وإنما سكن لديه علاقة بتنمية المجتمع، لافتاً إلى أن قرار الحظر أثر على نشاط البنوك في اتجاه محدد، وأضاف: أثبتت دراسة أن التمويل الذي تم تنفيذه بواسطة قرار الحظر أكبر مقارنة بقبل صدور القرار، مشيراً إلى أن بعض رجال الأعمال في القطاع الخاص والتجار الذين يعملون في قطاع العربات تأثروا بالقرار لجهة أن القرار وجه نسبة من التمويل لشرائح مستهدفة من اتحادات مهنية وضباط إداريين ونقابات وغيرها، ونوه إلى أن بنك السودان يعكف حالياً لدراسة القرار لجهة أن هنالك أشخاصاً يعتقدون أن القرار وتوقيف التمويل العقاري يؤثر على 112 صناعة مرتبطة بقطاع المنشآت متمثلة في الأبواب والشبابيك والحديد والبوهيات، فيما يرى البعض في فك التمويل العقاري تحريكاً للنشاط التجاري، وبالتالي تحريك للتنمية العمرانية وتحريك قطاعات كبيرة من المواطنين سواء كانوا عمالاً مهرة أو فنيين ومهندسين يعملون في المشاريع مما يزيد من معدل دخلهم، وبالتالي تحريك الاقتصاد القومي. ونوه إلى أن تمويل السيارات ليست له علاقة بالتمويل العقاري، وإنما تم ربطها في منشور بنك السودان المركزي بإيقاق التمويل إلى حين.
ويرى مسؤول باتحاد المقاولين السودانيين ـ فضل حجب اسمه ـ أن الاقتصاد السوداني متباطئ، والتالي رفع الحظر عن التمويل العقاري يسبب عجزاً إضافياً ولا يلعب دوراً كبيراً، وكشف أن الإمارتي التزم بمنح التمويل من قبل بنك الخليج مقابل وضع قوانين للحفاظ على حقوق الجهات الممولة، وأضاف أن أموال البنوك ملك لأشخاص وعقب مرور 15 عاماً سوف تفقد قيمتها مما يعني خسارة الممول لجهة أن التضخم عالٍ بصورة خيالية بواقع أكثر من 40% وعند تمويل بنك لمدة 15 عاماً كأنما قام بالتمويل المجان، وقال إن فك الحظر يعمل على تقوية نسبة التضخم، واصفاً القرار بالسياسي، وليس الاقتصادي، جازماً بأن الأجور أو الدخول لا تتناسب مع مستوى البناء في ظل عدم وجود إنتاج، إلا أنه عاد وقال إن رفع الحظر يقوم بتحريك سوق العمل للمقاولين، لافتاً إلى أرتفاع أسعار الأراضي إلى أكثر من 30% خلال الشهر الماضي.
تقرير: مروة كمال
صحيفة الصيحة.