عثمان ميرغني

العبرة في (الكورة) !!


زمان.. طالب بجامعة الخرطوم من أبناء الأقاليم البعيدة.. عاد في العطلة إلى القرية.. وفي العصر ارتدى )فانلة( رياضية جميلة أهدتها له الجامعة.. وجاء ليلعب مع أبناء القرية الذين هابوا )الفانلة(.. ولكن الهيبة ضاعت تماماً عندما نزل إلى الميدان وتلاعب به زملاؤه من أولاد القرية.. فما كان من أحد المشجعين إلا أن صرخ فيه )الفانلة من غانا.. والكورة من ود عطانا(..
)بصراحة تصرفت في اسم القرية.. تحسباً لا احتساباً(
قرأت في الأيام الماضية – في أثير الواتساب- أكثر من مرة قصصاً منسوبة للسيد الزعيم إسماعيل الأزهري.. توضح كيف كان نزيهاً عفيفاً في ممارسته للحكم وإدارة الشأن العام.. ومنها كيف أنه كان مديناً لبعض التجار الذين استدان منهم ما يكمل به بناء منزله.. وكيف أنه سدد فاتورة عطور ومشتريات خلال رحلة خارجية بعد أن طالبه المراجع المالي بذلك.. وكلها قصص جميلة..

وكذلك الرئيس الأسبق المشير جعفر نميري تروى عنه قصص كثيرة بذات السياق، كيف انتقل إلى رحاب الله في بيت متواضع بحي ودنوباوي حيث ترعرع وعاش..
يظل السؤال الصريح الذي أدرك أن كثيرين لن يرحبوا بطرحه.. كيف نحكم على سيرة الزعماء؟
مثلاً..
الرئيس الأسبق المشير جعفر نميري.. صحيح عاش زاهداً في المال ولم تتلوث يده أو سيرته قط بفساد مالي مهما قل أو كثر.. لكن الأصح أن استئثاره بالسلطة وحرصه عليها وانفراده بها.. كان سبباً في إفقار السودان كله.. فعندما تولى الحكم في 1969 كان الاقتصاد السوداني في أفضل حالاته.. وفي الاحتفال بمرور عام على تسلمه السلطة أصدر قرارات المصادرة والتأميم الشهيرة التي دمر بها الاقتصاد السوداني فلم تقم له قائمة منذ ذاك التاريخ.. رغم تراجعه عن القرار بعد فترة وجيزة..

الصفات الشخصية التي لا تمس جوهر الممارسة العامة لا تصلح مقياساً لصلاح الحكم والإدارة.. تماماً مثلما لا ينتفع فريق كرة قدم من كرم مهاجمه الذي يتبرع بكل مخصصاته للفقراء.. طالما أنه لا يحرز أهدافاً في الشباك.. صحيح هو رجل محسن.. لكنه هداف فاشل.. فليستمر في حسن خصاله وإحسانه لكن فليترك موقعه في الفريق لغيره..
في العمل العام العبرة بالرجل المناسب في الموقع المناسب.. صاحب الصوت الجميل موقعه في منصات الفن.. وصاحب المال الكثير مقياسه في جوده وكرمه وعائد استثماراته على المجتمع.. والقاضي في عدله ونزاهته.. وهكذا.. فلينفق كل من سعته..

لهذا يحيرني مثلاً؛ عندما اختير الدكتور فيصل حسن إبراهيم نائباً لرئيس حزب المؤتمر الوطني فأسهب البعض في الحديث عن صرامته وبعض صفاته الشخصية.. دون ربط ذلك بأية إنجازات في العمل العام..
ودرج البعض على الثناء وحساب النقاط لصالح كبار المسؤولين بصفات لا علاقة لها بالمنصب.. فهذا )شيخ عرب(.. وهذا )رجل الإحسان والبر( بعيداً عن قياس درجات الأداء في العمل العام المكلف به.

حديث المدينة
‏‏‏عثمان ميرغني


تعليق واحد

  1. زمان كان المرحوم الزبير محمد صالح شخصية سودانية اصيلة ومتواصع جدا ومحبوب من العامة لانو صريح وواضح . طيب عندك عبدالرحيم حسين دا مشهور بي شنو ؟