مكاوي أحمد محمد .. رجل أعمال تعرّض للإفلاس القسري ..
حب البطيخ والسمسم أخرجاه من السوق
الأردن تقدّر مجهوداته وتعتبره من أميز الموردين
ثلاثة بنوك ضالعة في قضيته
موظفة تقف حجر عثرة في طريق استرداد أمواله
مكاوي أحمد محمد، بدأ نشاطه التجاري بين السودان والمملكة الأردنية قبل 37 عاماً مصدراً للسمسم وحب البطيخ، كان التعامل حرًا بشراء المحاصيل من بورتسودان وتسليمها على ظهر السفينة للتصدير للمملكة، الحكومة الأردنية بدورها قدرت هذا العمل ومنحته مستودعاً في المنطقة الحرة بالأردن، كان يطلق عليه مستودع السودان، وتم منحه حق البيع بالداخل، كانت الأمور تسير بصورة طبيعية، وعندما وقع الاتفاق بين حكومة السودان والمملكة على برتكول عام 1986م بغرض توفير الدواء مقابل السمسم والسلع الأخرى حسب سياسة الاتفاقية، وقد عزز هذا الاتجاه من نشاط مكاوي مما دفعه للدخول في التعامل عبر الدولة للاستفادة من الاتفاقية وأصبح مستورداً للأردن السمسم من شركة السودان للحبوب الزيتية مقابل توفير الدواء عبر شركات الأدوية عن طريق بنك النيلين، وإشراف شركة كبتريت من الجانب السوداني، والمركز التجاري من الجانب الأردني، الميزة التي جعلت مكاوي أكثر شجاعة في الدخول في هذا العمل أن البرتكول يتيح له فرصة بيع المنتجات السودانية بأعلى سعر ممكن باستفادة الطرفين.
إيقاف معاهدة
اثنا عشر عاماً عمر البروتكول الذي كان يعمل مكاوي تحت ظله حتى تاريخ 9/6/1998م، جلست اللجنة المشتركة في محضر ضم مجلس وزراء البلدين، وأصدر قراره بوقف العمل بالبرتكول مع تأمين المعاهدات المضمنة في حسابات الصفقة من بنك النيلين والخرطوم والبنك الأردني على أن يتم تنفيذها حسب شروط الاتفاقية التي أعفتها من جميع الرسوم الجمركية والرسوم الأخرى.
حب البطيخ والاسمنت
وقبل تلك الأحداث بفترة وجيزة كان مكاوي قد بدأ في الشروع في تنفيذ صفقة تصدير ألف طن حب بطيخ تم تنفيذ 500 طن منها وتبقت الـ500 طن الأخرى والتي كانت بمقابل عشرة آلاف طن اسمنت والتي أصدرت بموجبها وزارة التجارة خطاباً لمدير التخطيط بالجمارك لتنفيذ حسب شروط الاتفاقية وخطاب آخر لمدير بنك النيلين المنفذ للاتفاق وآخر لمكاوي حوى نفس المعنى والذي بموجبه قام بالسفر للأردن لمقابلة وزير الصناعة والتجارة الأردنية والذي طلب منه تأمين الأسمنت أولاً الذي كلف 240 ألف دولار كمقدم للصفقة البالغة (10) آلاف طن والذي بموجبه أصدر مصنع الأسمنت الأردني خطاباً لوزير الصناعة والتجارة الأردني التزامه بتكملة العقد، وبموجب ذلك أصدر السيد وزير الصناعة والتجارة الأردني خطاباً لمدير الجمارك الأردنية لتنفيذ الصفقة حسب شروط الاتفاقية والتي كانت بمثابة اكتمال الاستعدادات من الجانب الأردني.
مفاجأة غير سارة
كانت هنالك مفاجأة تنتظر مكاوي بالخرطوم، كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بإصدار قرار بتبعية الجمارك لوزارة المالية لتبدأ رحلة معاناة مكاوي في الحصول على حقه في الصفقة، بداية توجه مكاوي لوزارة التجارة لإطلاعها على ما حدث وبموجب ذلك أصدرت الوزارة خطاباً لوزير المالية آنذاك محمد خير الزبير بشأن تنفيذ الصفقة حسب شروط الاتفاقية وبدوره أحال وزير المالية التنفيذ إلى وكيل الوزارة.
تماطل وتسويف
ويقول مكاوي إنه بطريقة ما تم تسليم الورق إلى مدير الإيرادات بالمالية في ذلك الوقت والتي قال إنها تأخرت في الرد حتى طلب السيد الوكيل منها الرد والذي جاء بالاعتذار بخط اليد عن إكمال الصفقة مدفوع تكاليفها مقدماً ضاربة بخطاب وزير التجارة ووزير التجارة والصناعة الأردني وقرارات اللجنة المشتركة بين البلدين عرض الحائط متجاهلة توصيات مجلس وزراء الدولتين بشأن البرتكول، في وقت كانت البلاد تشهد إيقاف الاستيراد والاعتماد على الذات لم توقف الحكومة الحالية هذا البرتكول باعتبار أنها معاهدات دولية وقراراتها تصدر في محضر يجمع مجلس وزراء البلدين، وبناء على اعتذار مديرة الإيرادات بالوزارة اعتذر أيضًا وزير المالية من إكمال الصفقة.
رحلة شاقة
بدأت رحلة مكاوي في الحصول على حقه منذ ذلك الوقت في العام 2000م وحتى تاريخه ظلت أمواله التي قام بدفعها لدى المصنع الذي أعلن إفلاسه وبيع للفرنسيين، يقول مكاوي إنه بداية توجه صوب وزارة العدل لإصدار فتوى قانونية لإثبات حقه في إكمال الصفقة وبدورها أصدرت الوزارة فتوى من ثلاث جهات بالوزارة وهي الدائرة القانونية بوزارة المالية والمحامي العام لوزارة العدل والسيد وزير العدل فتوى ملزمة لوزير المالية بتنفيذ الصفقة، وبموجب الفتوى تم اجتماع بين مكاوي ووزير المالية الذي أصدر قراراً فورياً بتنفيذ جزء من الكمية بحوالي 2500 طن أسمنت مقدماً معفاة من الرسوم الجمركية قبل تنفيذ الصادر، بعد ذلك شرع مكاوي في تنفيذ الـ2500 طن أسمنت إلا أن إدارة الجمارك ألزمته بسداد رسوم 2000 طن رغم قرار الإعفاء الصادر من وزير المالية على أساس استيرادها من وزارة المالية بالخرطوم وعند مقابلة قسم المصروفات اتضح أن مديرة الإيرادات بالوزارة منى أبو حراز علقت على قرار وزير المالية بعدم إمكانية تطبيق المادة (54/أ/ط) الخاصة بالإعفاء، ضاربة بذلك قرار وزير المالية وفتوى وزارة العدل عرض الحائط أي أنها ألغت القرار.
وزارة العدل على الخط
يقول مكاوي أنه عاد مرة أخرى لوزارة العدل التي خاطبت الدائرة القانونية بالمالية للإفادة بما تم بشأن القرار الذي أصدره وزير العدل في هذا الشأن، تمت إحالة الملف برمته إلى المستشارة القانونية بوزارة المالية حينها الرسالة محمد توم والتي خاطبت إدارة الجمارك فورًا للإفادة عن قرار وزير المالية بإعفاء 2500 طن أسمنت، وجاء الرد من الجمارك بسداد الرسوم الجمركية لـ200 طن أسمنت وتحفظت وزارة المالية على الكمية الباقية والبالغة 500 طن، قامت المستشارة بإصدار قرار بتنفيذ 500 طن المتبقية معفاة من الرسوم الجمركية حسب شروط الاتفاقية وأحيل الأمر الى المصروفات للتنفيذ والتي طلبت من مكاوي تجهيز الأسمنت واستلم خطاباً بذلك، وبموجبه الذهاب لمدينة بورتسودان للتنفيذ والعودة للخرطوم لمتابعة التنفيذ.
استغلال
المفاجأة الأخرى التي كانت تنتظر مكاوي في إدارة المصروفات بالمالية بغرض إخطارهم بتجهيز الأسمنت وكله أمل في استلام مستندات التنفيذ أن المستندات قام باستلامها رئيس الدائرة القانونية حينها جمال المبارك لتبدأ عملية الابتزاز واستغلال ضعف موقف مكاوي الذي لا يملك أوراق التسليم للتنفيذ وبحسب قوله إن رئيس الدائرة القانونية قال له بالحرف الواحد إن الأوراق بحوزته وتم قفلها في الخزنة ويصعب إطلاق سراحها إلا في حالة تنازل صاحب الصفقة عن جميع حقوقه المتبقية في حصة الأسمنت الكلية والبالغة 9500 طن، كانت ظروف الوقائع جميعها تقف ضد مكاوي الذي وجد نفسه أعزل في مواجهة رئيس الدائرة القضائية ودخول موسم الأمطار والذي يشكل خطراً كبيراً على شحنة الأسمنت التي قبعت مكشوفة في عراء بورتسودان، ذهب مكاوي مهرولاً لوزارة العدل التي دائماً ما يجد بها ملاذه الآمن في إثبات حقه، وقام بمخاطبة الوزير وإطلاعه على آخر التطورات في قضيته، إلا أن الوزارة جاء ردها بمخاطبة الدائرة القانونية بالمالية للإفادة عن ما جاء في التعهد عن التنازل عن الحصة المتبقية من الأسمنت إلا أن الدائرة القانونية بالمالية ممثلة في رئيسها قامت بحجز المستندات ولم ترد على وزارة العدل ليجد مكاوي نفسه مذعناً للطلب الظالم والمجحف في حقه وتنازل عن المتبقي من الحصة الكلية للأسمنت تحت الضغط مجبراً غير راضٍ عما حدث تفادياً منه لتقليل الضرر والخسارة.
بموجب التنازل استلم مكاوي المستندات، وذهب لبورتسودان لتخليص الـ500 طن من الأسمنت بالإعفاء التام.
عودة وأمل
وعند العودة للخرطوم كتب مكاوي خطاباً للدائرة القانونية بالمالية لاسترداد الجمارك التي قام بدفعها في 2000 ألف طن والتي خالفت قرار وزير المالية وأحيل الأمر للمستشار التي خاطبت سلطات الجمارك للإفادة عن هل تم سداد الرسوم جاء رد الجمارك بأن دفعت الرسوم 2000 طن وبموجبه أصدرت الرسالة قراراً باسترداد الرسوم لـ 2000 طن وأمن على ذلك رئيس الدائرة القانونية وأحيلت للمصروفات للتنفيذ والتي أمن على ذلك الإدارة بمديرها، ونسبة لسفر وكيل وزارة المالية خارج البلاد أحيل القرار للوكيل بالإنابة حينها منى أبو حراز وكأن مكاوي قدر له أن تكون أبو حراز حجر العثرة في الحصول على حقه حيث قامت دون تردد بحفظ الملف حتى تاريخه، ولم تصدر قرارًا بشأنه.
مطالبات وحقوق
ملخص القضية، أن مكاوي يطالب بحقه في استرداد الرسوم الجمركية حسب قرار وزير المالية ووزير العدل، بجانب مطالبته بحقه في باقي الصفقة البالغ 7500 طن أسمنت قام بسداد مبلغ 240 ألف دولار أمريكي كمقدم للصفقة وتجميد نشاطه 18 عاماً وجبر الضرر في ذلك، ويؤكد مكاوي أن ما تقدم كان مثالاً لتعثر سير تنفيذ البرتكول ليس بسبب القوانين والاتفاقيات ولكن بسبب بعض الموظفين بتعطيل مصالح الوطن والمواطن.
ثلاثة بنوك وقصة
قصة أخرى يرويها مكاوي أحمد محمد في معاملته في الاستيراد والتصدير للمملكة الأردنية بطلها ثلاثة بنوك كبرى بالبلاد قام أحدهم بتزوير وتحويل ألف طن من البطيخ لصالحه. بدأت القصة عندما تعامل مكاوي مع البنك بتصدير شحنة ألف طن بطيخ للأردن عن طريقه، الا أن البنك قام بإرسال مستندات لبنك أردني بها (7) مخالفات منها الفواتير وشهادات المنشأ دون علم مكاوي الذي أجرى اتصالاً بالعميل الأردني لإرسال المستندات لمد الاعتماد وتفاجأ برده بوصول مستندات مسبقاً من البنك فى السودان وبها 7 مخالفات تم رفض الشحنة التي وصلت للأردن، يقول مكاوي إنه قام بالسفر إلى الأردن ومقابلة العميل وتم التوصل الى اتفاق بقبول البضاعة بمخالفتها للمستندات وطلب مهلة أسبوع لدفع قيمة المستندات، وعقب مرور المدة المتفق عليها، ذهبت إلى البنك الأردنى الذي طلب الملف لتسديد المستندات تفاجأ بأن البنك السودانى أيضاً قام بإرسال (تلكس) للبنك الأردني لتحويل المستندات للبنك ولشخص يدعى وهبة تماري، وبالتالي قام البنك بالاعتذار لمكاوي في العام 1996م.
شكوى ضد بنك
وفور عودة مكاوي للخرطوم قام بتقديم شكوى ضد البنك الشهير لدى البنك المركزي الذي شكل لجنة عبر رقابة النقد لتفتيش ومراجعة البنك، إلا أن اللجنة تفاجأت باختفاء ملف الصفقة من البنك، لجأت لجنة رقابة النقد بإشراف ربيع لدفتر الجمارك الموجود ببنك السودان المركزي الذي وجد أن الحصيلة مسجلة بتاريخ 15/6/1996م بحضور قرشي عضو لجنة التفتيش، وطالب مكاوي بنك السودان المركزي بإصدار خطاب بالحصيلة من واقع دفاتر البنك كما أكد قسم الجمارك بالإحصاء ذلك، ومنحه خطاباً بذلك لإثبات حقه، ويؤكد مكاوي أن عدم المصداقية في التعامل المصرفي أثر كثيراً في التعامل الدولي.
شكوى وظلم
يجأر مكاوي بالشكوى لله، ثم المسؤولين بالدولة ممثلة في رئاسة الجمهورية من تسبب البنك المعني في السودان والبنوك الثلاثة الأخرى في إفلاسه وعملائه بالأردن نتيجة للتلاعب بالمستندات، وما زالت المبالغ والتي تفوق العشرة ملايين دولار ذمة البنوك الثلاثة السودانية، ولم يتخذ بنك السودان المركزي أي إجراءت تجاه البنوك المخالفة أو الرد على البنك المركزي الأردني عندما ذهب إليه مكاوي مطالباً بحقه وجد أن عملاءه في الأردن أعلنوا أفلاسهم، وتم تسليمه خطاباً من البنك المركزي الأردني لمحافظ بنك السودان محمد خير الزيبر حينها بإثبات أحقية مكاوي، وتم تشكيل لجنة لحل القضية، إلا أنه لم يمنح خطاباً بالحصيلة المسجلة في دفاتر بنك السودان لإثبات حقه قضائياً، وشكلت عدة لجان كان الغرض منها التعتيم على القضية.
طالب مكاوي بمقابلة محافظ بنك السودان المركزي لمتابعة الأمر، وختاماً أشكر وزير المالية الفريق محمد عثمان الركابي بالتوجيه بالنظر في الشكوى المقدمة لاستيرداد حقوقي لكن هذه القضية بها كثير من التعتيم ومخالفات أبعدت القضية عنه تماماً. ملتمساً تشكيل لجنة تحكيم لتنفيذ سياسة الحكومة الجامعة لجميع الأطراف.
الخرطوم: مروة كمال
صحيفة الصيحة.