تحقيقات وتقارير

بعد زهاء 3 أشهر .. المعتقلون السياسيون .. الحرية على متن قرارات جمهورية

بصدور قرار من الرئيس البشير يوم أمس (الثلاثاء) بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، تتنسم آخر دفعاتهم نسمات الحرية، عقب زهاء الثلاثة أشهر قضوها وراء القضبان موزعين بين عدة مدن.

وبحسب القرار الجمهوري، المقرر أن يدخل حيز التنفيذ بصورة فورية ونشرته وكالة السودان للأنباء (سونا)، ومن على موقعها الألكتروني انتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم؛ كانت بواعث إطلاق السراح مركوزة على تلبية مناشدة تخص أحزاب وقوى الحوار الوطني.

وكانت أحزاب الحوار الوطني قد حمّلت يوم (الإثنين) مساعد الرئيس، فيصل حسن إبراهيم، نقل مناشدتهم لمؤسسة الرئاسة بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، لتهيئة المناخ لتشكيل اللجنة العليا للدستور والتي تتطلب مشاركة الجميع بمن فيهم الحركات المسلحة.

دفعات

في عدة دفعات؛ تم إطلاق سراح المعتقلين السياسيين المشاركين في التظاهرات الرافضة لسياسات الحكومة الاقتصادية أعلى الدفعات المسرحة شأواً جرى إطلاق منسوبيها في فبراير المنصرم، حيث تم إطلاق سراح جميع المعتقلات من العنصر النسائي، بجانب قيادات ونشطاء في حزب الأمة، كان في استقبالهم مساعد الرئيس اللواء عبد الرحمن الصادق، الذي بشّر بإطلاق سراح كافة المعتقلين.

بيد أن احتفاظ الحكومة بعدد من المعتقلين السياسيين، وإطلاق قيادات الأمة، زاد من شائعات وجود صفقة بين الحكومة والأمة، وهو ما رفضه الحزب وكيان الأنصار، واصفين ما جرى بأنه محاولة لشق مصفوفة المعارضة التي تماسكت في رفض موازنة 2018.

لقاء نادر

ثم بعدها صار الناس يستيقظون -في فترات- على وقع أنباء إطلاق سراح عدد من المعتقلين، فيما ظل الحزب الشيوعي يفتقد جل قياداته من لدن سكرتير عام الحزب محمد مختار الخطيب، مروراً بالحارث أحمد التوم، وصدقي كبلو، وصالح محمود، وليس انتهاءً بعلي الكنين.

بيد أن المفاجأة الكبرى كانت في اللقاء النادر بين مدير جهاز الأمن والمخابرات، الفريق أول مهندس صلاح عبد الله (قوش)، وقادة الشيوعي المعتقلين وانضم إليهم عضو اللجنة المركزية المهندس صديق يوسف.

وعقب اللقاء الذي التأم قبيل أسبوع، توقع الشيوعي إطلاق سراح كافة المعتقلين في غضون (48) ساعة تزيد أو تقل، وهو ما حدث بالأمس.

وفي اللقاء تعهد قوش بإخلاء المعتقلات من الساسة، وضمان مشاركة الجميع في حل أزمة الوطن. موقف إزاءه طالب الشيوعي بمزيد من الوقت لدراسته وتقييمه وإن أعلن تمسكه بثوابته بما فيها المناداة بإسقاط النظام.

انتظار

دعونا من اجترار التاريخ، ولننظر لخطوة إطلاق سراح المعتقلين وتأثيراتها على الساحة السياسية بادئين ذلك بالحزب الشيوعي السوداني صاحب النصيب الأكبر من المعتقلين الباقين في السجون.

وفي حديثه عصر أمس إلى (الصيحة)، أمسك عضو اللجنة المركزية، يوسف حسين، عن التعليق، وقال إنهم ما لم يتسلموا جميع كوادرهم المعتقلين فلن يطلقوا أية تصريحات صحافية.

ويبدو أن التجارب السابقة حيال (إطلاق السراح) جعلت الريبة تتسلل إلى نفوس (الزملاء) من الخُطى الحكومية.

بيد أن قياديًا شابًا في الشيوعي، تحدث من منصة شخصية، وطالب بمواراة اسمه، قائلاً لـ (الصيحة) بضرورة توخي الشيوعي لكامل الحذر في تعاملاته مع الحكومة وأجهزتها، مضيفاً بأن الأمن أدخل الحزب في حرج بالغ جراء اجتماع الطرفين في مقراته دون أدنى مراعاة لموزانة الحرية التي كانت تقتضي أن يتم اللقاء بعد إطلاق سراح القيادات وليس قبله.

وحث القيادي الشاب قادة الشيوعي لمواصلة العمل الجماهيري بعدما ثبتت جدواه وتأثير الحزب وتغلغله في الشارع السوداني، وعدم القبول بالحلول التي تزيد من التشرذم السياسي.

صفحة جديدة

أعرب نائب رئيس حزب الأمة القومي، اللواء (م) فضل الله برمة ناصر، عن تمنياتهم بأن يكون إطلاق سراح المعتقلين السياسيين بداية لفتح صفحة جديدة.

وقال برمة لـ (الصيحة) إن البلاد تحتاج إلى تجاوز كل ما سبق، وفتح باب الحريات على مصراعيه، دون هيمنة واعتقالات، ومن ثم مناقشة كل القضايا في طاولة حوار سودانية.

مكافاة

يقول الأمين السياسي لحزب منبر السلام العادل، محمد أبوزيد، إن إطلاق سراح المعتقلين هو تصحيح لوضع سياسي مختل، نجم عن احتجاز مشاركين في احتجاجات يكفلها الدستور.بيد أن أبا زيد عبر في حديثه إلى (الصيحة) من خشيته أن يكون القرار عبارة عن مكافأة لمن أسماهم ورثة (أحزاب حكومة الوحدة الوطنية) في مطالبتهم بالتجديد للرئيس البشير في انتخابات 2020.

الخرطوم : مقداد خالد
صحيفة الصيحة.