مزمل ابو القاسم

كدايس بكل الأحجام!


* أضحكتني القصة الطريفة التي رواها الزميل الطاهر ساتي في مقاله بالأمس، وتطرقت إلى حكمٍ رادع أصدرته إحدى محاكم العُمَد على متهم أدين بالسجن والجلد والغرامة، بسبب إقدامه على سرقة دجاجة، وعندما احتج المُدان وتساءل عن هوية القانون الذي عوقب به، أهو مصري أم إنجليزي، رد عليه القاضي قائلاً: (يا زول مصري شنو وفرنسي شنو، نحن كجمناك كجم)!
* القصة شبيهة بمحكمة عُمد أخرى، تضم قاضياً كبير السن، تعوّد أن يغفو أثناء المحاكمات، وعندما يستيقظ ويجد المتهم يتحدث، يرفع يده مشيراً إليه، ويصيح فيه بأعلى صوته قائلاً: (تحلف؟)، ليثبت للحاضرين أنه مستيقظ ومتابع، مع أنه كان في (سابع نومة)!
* نحن لا ندعو (لكجم) المتهمين بالفساد بطريقة محكمة الدجاجة، ولا للتفريط في متابعتهم بنهج العُمدة النُوّام، بل نطلب ملاحقتهم بالقانون، ومحاسبتهم بالقسط، وتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم بما يلزم لإقرار العدالة، وعدم أخذ البريء بجريرة المذنب.
* الملاحقة ينبغي أن لا تقتصر على القطط السمان فحسب، بل تشمل متوسطة الحجم، ولا تستثني صغار (الكدايس).
* مسؤولية مكافحة الفساد يجب أن لا تنحصر في جهاز الأمن وحده، لأنها مهمة كل مواطن يتوافر على معلومة عن تجاوزٍ يتعلق بالمال العام.
* كتبنا من قبل مطالبين باقتفاء آثار تجربتين رائدتين في مجال مكافحة الفساد، أثبتتا نجاعة فائقة في تحجيمه بنسبٍ عالية.
* التجربة الأولى حدثت في إثيوبيا، عبر مفوضية مختصة لمكافحة الفساد، أنشأها رئيس الوزراء الراحل ميلس زيناوي، وخصص لها مكاتب في كل المؤسسات الحكومية، ومكّنها من الاستعانة بمئات الآلاف من المخبرين المتطوعين، لجمع المعلومات والتبليغ عن التجاوزات.
* بوجود تلك المفوضية لا حصانة لفاسد، ولا كبير على الخضوع لحكم القانون.
* التجربة الثانية تمت في السنغال، عبر لجنة اضطلع بتكوينها البرلمان، وضمت مجموعة من الخبراء في مجالي القانون والاقتصاد من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، وهي تختص بمراجعة وتدقيق كل العقود الحكومية، والتأكد من تقيدها بالضوابط التي تحكم إبرام تلك التعاقدات، وخلوها من التجاوزات.
* اللجنة المستقلة عن الجهاز التنفيذي نقضت عقودا أبرمها ابن الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد استغلالاً لنفوذ والده، وقررت إحالته إلى القضاء، الذي أدانه ووضعه خلف القضبان.
* يصعب على إدارة الأمن الاقتصادي أن تحيط بكل قضية فساد، ويستحيل عليها عملياً أن تغطي كل أرجاء السودان، ولو تم تمكين المواطنين من مراقبة أداء السلطة التنفيذية والمؤسسات الاقتصادية الوطنية فسيحدثون اختراقاً هائلاً في القضاء على الفساد، و(مضايرة الكدايس)، قبل أن يشتد عودها وتبرز كروشها وتتضخم قدرتها على إخفاء معالم الجريمة.

مزمل ابو القاسم – صحيفة اليوم التالي


‫2 تعليقات

  1. يا ابو الشباب، ديل فاسدين من كبيرهم الذي علمهم السحر ، متبطح في السعوديه لمدة خمسة أيام بعد إنتهاء القمة العربية. الرؤساء المحترمين كلهم رجعوا بعد انتهاء القمة مباشرة يمشوا يشوفوا اشغالهم ورعايتهم . الا زولك دا