اقتصاد وأعمال

مصر تواجه أزمة سد النهضة بمنع زراعة الأرز والقصب وحبس الفلاح

وافق مجلس النواب المصري الأحد، على مشروع قانون بتعديل أحكام قانون الزراعة والذي يقضي بمنع زراعة المحاصيل الأكثر استهلاكا للمياه وحبس الفلاح المخالف، في ظل مخاوف القاهرة من تقليل حصتها من نهر النيل على خلفية بناء سد النهضة الإثيوبي.

لجنة نظر تعديلات القانون، أكدت أن التعديل يهدف لحظر زراعة محاصيل معينة للحفاظ على الموارد المائية وخصوبة وجودة الأراضي الزراعية، وتنظيم الري والحد من إهدار المياه بزراعات تفتقد الجدوى الاقتصادية، مع تشديد العقوبات واستحداث عقوبة حبس الفلاح، المخالف مدة لا تزيد على 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه، ولا تزيد على 20 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما يحكم بإزالة المخالفة على نفقة المخالف.

القانون الذي حاز إجماع البرلمان؛ أثار مخاوف البعض من التضييق على زراعات الأرز والقصب والقطن وأيضا القمح، في الوقت الذي تقوم فيه السلطات المصرية بشكل يومي بعمليات إزالة لزراعات الأرز من محافظات الدلتا، ما يعني أن القانون أصبح حيز التنفيذ بالفعل.

وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة حامد عبد الدايم، الأحد، لفضائية “الحدث اليوم”: “نحن ملتزمون بتطبيق القانون، ولا استثناءات نهائيا فيما يخص زراعة المحاصيل الشرهة للمياه”، مضيفا أن “مصر دخلت مرحلة الشح المائي ووصلنا لمرحلة تحت خط الفقر بالنسبة لنصيب الفرد من المياه”.

الدورة الزراعية والانسحاب من المفاوضات

وبسؤاله حول كون منع الزراعات الأكثر استخداما للمياه هو الحل لمواجهة أزمة نقص المياه وبناء سد النهضة، قال مستشار وزير التموين الأسبق، الدكتور عبدالتواب بركات، “لا أرى أن تعديل قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 والنص بحظر زراعة بعض المحاصيل والنص لأول مرة بتاريخ هذا القانون بسجن المزارعين المخالفين؛ لا أراه حلا مناسبا لأزمة سد النهضة”.

أستاذ العلوم الزراعية، فسر رؤيته لـ”عربي21″، بقوله إن “مساحة الأرز التي قام وزير الري بتخفيضها من (1.1 مليون فدان) إلى (724 ألف فدان)، أي 400 ألف فدان لا تحتاج سوى (2مليار متر مكعب) فقط من المياه والتي تأتي من مياه الصرف”.

ويرى بركات، أن “الحل المناسب لهذه الأزمة وحتى لا يتأثر الأمن الغذائي للمصريين واستمرار زراعة المحاصيل الهامة والاقتصادية؛ هو تطبيق (المادة 4) من قانون الزراعة والذي ينص على تطبيق الدورة الزراعية”، مؤكدا أنه “يوفر 25بالمئة من مياه الري، أي حوالي (10 مليار متر مكعب)، ويزيد إنتاجية الأرض الزراعية بمعدل 30 بالمئة، وعليه يمكن زيادة مساحة محصول الأرز إلى (1.5 مليون فدان) بدون أزمة مياه”، مشيرا إلى أن “وزير الزراعة الأسبق يوسف والي، أوقف العمل بالدورة الزراعية في تسعينيات القرن الماضي”.

وأوضح الأكاديمي المصري، أنه “بدلا من تعديل قانون الزراعة (وما يترتب عليه من آثار) يجب تطبيق المادة (44) من الدستور والخاصة بالمحافظة على حصة مصر التاريخية من مياه النيل وعدم التفريط فيها من خلال مفاوضات سد النهضة العبثية، والانسحاب من اتفاقية المبادئ التي وقعها السيسي في آذار/ مارس 2015، ولا تلتزم بها إثيوبيا”.

وأشار إلى أنه “إذا تمسكت إثيوبيا بملء خزان سد النهضة في 4 سنوات؛ فلن يجدي تعديل قانون الزراعة ولا حظر زراعة بعض المحاصيل في حماية الشعب المصري (وأمنه الغذائي) مما سيلحق بهم من خراب بسبب سد النهضة”.

ويرى الخبير في معالجة المياه الدكتور عمر الحداد، أن “النيل نهر دولي، وهناك حادثة مشابهة عند بناء الصين سدا لها على نهر الهندوس بإقليم التبت”، موضحا أن “بكين راعت تماما عدم التأثير على كمية المياه المتدفقة لباكستان، التي لم تشعر ببناء السد إلا بعدما نشرت الصين خبر انتهاء بناء السد وتشغيله”.

الحداد، أكد لـ”عربي21″، أن محاصيل مصر الزراعية قد لا تتأثر لو تمت عملية ملء خزان سد النهضة بصورة بطيئة لا تؤثر على معدل السريان، منتقدا تعنت السلطات الأثيوبية في هذا الأمر، مشيرا إلى أنها “تمضي متعمدة في خط المعاندة وليس في طريق حل المسألة، وتنظر فقط لمصلحتها الاقتصادية متجاهلة تماما تأثير عملية ملء الخزان على الحياة والزراعة في مصر”.

وحول اعتبار القانون ومنع الزراعات الأكثر استهلاكا للمياه حلا للأزمة، قال الأكاديمي المصري، : “للأسف مشكلة السد مثل السرطان، إذا بدأ المصاب في العلاج مبكرا، أمكن الشفاء منه بسرعة، لكن إذا بدأ في العلاج بعد انتشاره في الجسم فاحتمالات الشفاء قليلة جدا”، موضحا أن “مصر بدأت التحرك لإيجاد حلول للأزمة متأخرة جدا”، قاطعا بقوله: “إن أي حل نتحدث عنه الآن مهما كان ناجحا لن يمكنه حل الأزمة بكفاءة”.

وبسؤاله حول احتمالات نجاح المفاوضات في تقليل مدة ملئ خزان السد وعدم التأثير على الزراعة والمحاصيل المصرية، أكد الحداد، أن “كل هذه المحادثات لا قيمة لها، فالسيسي قدم لأثيوبيا مطلع 2018 ما لم تكن تحلم به في 2015″، موضحا أن “طلب مصر كان أن يتم ملء الخزان في 10 سنوات، وكانت أثيوبيا تريد الوصول إلى 5 سنوات فقط، ولكن اتفاق 2018، يعطي أثيوبيا الحق في ملء الخزان في 5 سنوات.

وأشار إلى أن بعض الخبراء المصريين بالملف وبينهم أستاذ الموارد المائية والري، الدكتور نادر نور الدين، الذي هو على اتصال مباشر بالفريق المفاوض في أمر سد النهضة؛ يؤكد أن “إثيوبيا لن تحترم حتى هذا الاتفاق وستقوم بملء الخزان في 3 سنوات فقط”.

عربي21

‫2 تعليقات

  1. منع الاخوة المصريين لزراعة المحصولات التي تستهلك مياه كثيرة هي خطوة عاقلة نتوقع ان يتبع الارز والقصب محاصيل اخري بما يتماشي مع توقعاتهم لفقر مائي بسبب التدفقات المائية في فترة ملئ بحيرة السد وما يلي ذلك من استفادة السودان من كامل حصته المائية مع حجز الخيران والانهار الموسمية التي تنشأ في ارضنا ..نريد برمجة جيدة لحصتنا لري شرقنا الحبيب بما فيه حلايب والتي نتمني ان يشد اخواننا في مصر الرحال منها اليوم قبل الغد..

  2. استاذ العلوم الزراعيه قال المساحه التى خاضها وزير الرى لا تحتاج سوى 2 مليار متر مكعب فقط التى تأتى من مياه الصرف (إنشاء الله اثيوبيا تملأ الخزان فى سنه واحده )عشان تشربو من مياه الصرف الصحى