سعد الدين إبراهيم .. لسة الناس بتبكي عليك بـ(أسى ما اعتيادي)
مرت أمس الذكرى الثانية لرحيل الشاعر والإعلامي والكاتب بصحية (المجهر) سعد الدين إبراهيم الذي وافته المنية ذات صباح غائم النسمات صبيحة 12-5- 2016 وفجع فيه كل أحبابه وأصدقائه وزملائه، ولايزال حزنهم على صاحب (العزيزة) أخضر (يتاور) كل من عرف سعد الدين.
*مدرسة متميزة
الشاعر سعد الدين يعد صاحب مدرسة متميزة في الشعر الغنائي، فقد تغنى بكلماته الكثير من مبدعي الأغنية السودانية مثل محمد عثمان وردي (نتفق أو نختلف)، ومصطفى سيد أحمد، وزيدان ابراهيم “لما تشتاق للمشاعر”، وأبو عركي البخيت “حكاية عن حبيبتي”، وفتحي حسين (العزيزة)، كما غنت له كل من آمال النور، ومنى الخير “أبوي”، ومجموعة عقد الجلاد “حصار”.
ولد الراحل في مدينة أم درمان، ودرس الابتدائية في بيت المال، والتحق بالمدرسة الأميرية الوسطى، فمدرسة الخرطوم الثانوية العربية، قبل أن يدرس في جامعة القاهرة فرع الخرطوم سابقاً، وتخرج في كلية الآداب قسم الاجتماع.
وسلك سعد الدين بعد تخرجه من الجامعة طريق التدريس، وعمل معلماً في عدد من مدارس أم درمان، قبل أن يتحول إلى الصحافة.
وبدأ سعد طريقه الإعلامي من مجلة “الإذاعة والتلفزيون والمسرح”، ثم مجلة “الملتقى”، و”الحياة والناس” رئيساً لتحريرها، فرئيساً لتحرير “ظلال”، وصحيفة “الدار”، كما ترأس تحرير صحيفتي “الحرية” و”دنيا”، كما عمل كاتباً في صحف “الصحافة” و”الرأي العام” و”حكايات”.
لا يقف على تعريف واحد، فهو شاعر وكاتب صحفي ورئيس تحرير ودرامي، استلهمته البساطة من عامة الناس، فصاغها في قوالب فنية متعددة، سهلة، تصل إلى القلب وتستلهم المشاعر، مضى عامان على رحيله منذ أن شق النبأ الأليم وسائل الاتصال إلى الأهل والأحباب وجمهوره العريض.
*ابنه محمد يبكيه بدمعه ويكتب (تداعي إليك في البرزخ الآخر):
(لاقيت أمبارح في المواصلات أستاذ صلاح، وسلمت عليهو فبكى، اكتشفت إنو ما برانا الطوالي صورتك معانا وذكراك..
كيف ونحن معظم ذكرياتنا ومواقفنا الحلوة والمرة أنت مشاركنا فيها، لما نقعد نتونس في البيت أنت صاحب أقوى حضور، لأنك في كل القصص موجود، بس بقينا نضيف لي كلمة أبوي جملة اللّه يرحمه..نفتقدك جداً لكن مساحات الحب والحميمية الخليتا وراك هي البنتحرك فيها..
لسه أصحابك يتحدثون عنك بكل حب ويذكرونك في كل المحافل، أستاذ عادل الباز طراك في عمودو الأسبوع الفات.. وعركي يفتققدك جداً في فقده الجلل، فقد توفت رفيقة دربه أستاذة عفاف رحمها اللّه لما لاقيتو في البكا وعزيتو وريتو إني ولدك احتضني وبكى، كأنني زدت من غير قصد مساحة الجرح، وكأنه شافك ودموعك القريبة، ومر شريط من الذكريات فأنا أعلم حبك لهذه الأسرة وأظنهم يعلمون..
معليش بقيت بتفادى تجمعات العائلة لأنو وجود أعمامي وعماتي وباقي الشمل يجعلني افتقدك شديد)..
ولسه عم هلاوي وسوركتي وحسن بتفادوا يجونا في البيت، عشان ما يفقدوا جّلدهم قدامنا، يا ريتم يعرفوا فرحنا بي جيتهم فنحن بنشم ريحتك فيهم.. ومنتصر بجينا طوالي بس نحن عارفين سبب استعجالوا الدائم .. د. من اللّه بقا كويس الحمد اللّه ربنا يقدرنا نبره تأسيا بك..
وأولادك في الصحافة كلهم يحفظون جميلك ويشكرونك دايماً هيثم كابو، هيثم الطيب، سراج مصطفى، دندش، محمد إبراهيم الحاج، محمد عبد الماجد، هناء إبراهيم..
الديوان قرب والطبقات المعاصرة جاهزة والرواية اطبعت وبتتصحح..
كل ما يغلبني بكتب ليك عسى رسالتي تجدك في الفردوس الأعلى في نعيم دائم).
وكتب عنه الزميل الصحفي هيثم أحمد الطيب: (واحدة من مميزاته ككاتب قدرته الفائقة على صناعة شخصيات رمزية لكتاباته، فعندما بدأ يكتب (الطبقات)، كان يرسم الشخصيات، ومع قراءتك لكل شخصية تحس كأنك رأيتها أو تعرفها..
عقلية الكاتب عنده مبدعة، صناعة الشخصية عنده يأخذها من وجدان الناس، لذلك كل الناس تعشق شخصياته (ود الشواطين مثلاً)،أو (الطريفي زول نصيحة)..
والطبقات سلسلة كتابية، تشكيلها روائي بالكامل..
بالمناسبة أنجز الراحل سعد الدين إبراهيم رواية في ظني أنها فتح مجيد في عالم الرواية السودانية، لأني قرأتها على الورق، اسمها (صاحبة الجلالة عفاف)، محورها الصحافة السودانية وإشكالياتها وتفاصيلها، وضع فيها كل تجاربه وعمله في الصحافة..
تحس فيها بتجسيد كل جراحات الصحافة السودانية ومحاصراتها وانتصاراتها وانكساراتها.)
ارتبط الراحل بعدد من الصداقات القوية داخل الوسط الصحفي والإعلامي والفني، وكان أقواها مع عبد الوهاب هلاوي وأبو عركي البخيت الذي كتب له واحدة من أجمل أغنياته (عن حبيبتي بقول لكم)
* كان الراحل رجلاً من طينة كبار مبدعينا الذين يعيشون بين الناس، يركب المواصلات حتى تتنسم خياشيمه بعبق البلد.. فقد كان رجلاً يحب البلد على طريقته الخاصة، لايحمل حقداً لأحد .. ولديه قدرة عجيبة على التواصل مع كل الأجيال وكل المجتمعات دون أن يفقد وقاره وطيبته وحنيته وأبوته..ولهذا السبب لايزال كل الناس يبكون (أسى ما اعتيادي) رغم رحيله منذ عامين.
كتب – محمد إبراهيم
صحيفة المجهر السياسي
رحل كغيمة ظللت وما دامت