رأي ومقالات

المتعافي.. البراعة في الزراعة

مرت الزراعة عموماً فى العقد المنصرم بفترات عصيبة، حيث تضعضع عزم المزارعين حتى اصبحت الزراعة مسألة ثانوية فى اهتمامات المزارع نفسه،

والسبب الرئيس وراء ذلك هو ارتفاع تكاليف الانتاج ومدخلاته ازاء عوز المزارع وفقره، وبما ان الزراعة بوصفها الجديد باتت حرفة الشركات الكبيرة ورجال الاعمال الذين يتوافرون على قدر كبير من الممتلكات والمعدات والمبالغ السائلة، فهذه المشكلة لم تعد مشكلة السودان وحده، بل مشكلة كل العالم. وهناك دول فى استعدادها لمواجهة ازمة الغذاء العالمية جمعت شركات صغيرة فى وحدات ضخمة وكذلك رساميل تضمن تحقيق رأس المال المطلوب، مثال لذلك دولة البرازيل التى تعد الدولة الاهم فى المساهمة فى الناتج الاجمالى العالمى، اذ ساهمت فى عام 2012م بما يفوق مئتي الف طن، فضلاً عن توفيرها الاحتياج المحلى للاستهلاك والتصنيع، ويتضح من ذلك ان مشكلة الزراعة فى السودان مشكلة تمويل فى توقيت محدد، حيث ان الفشل كان يتجسد فى كون التمويل يتدفق فى الغالب الاعم فى شهر سبتمبر، اى بعد فوات ميقات نجاح الزراعة، كما ان حاجة التربة للتحضير الجيد والميكنة واستجلاب الكيميائيات من اسمدة ومبيدات حشائش يحتاج لرؤوس أموال ضخمة، وفى ظل هذا الاحتياج تحولت المفاهيم من ان الزراعة حرفة الى استثمار.

والتكاليف العالية اخرجت الحكومة من تمويل المشروعات المروية الكبيرة، لأن تمويلها بات عبئاً على الخزانة العامة بسبب الخسائر المتكررة، وتبعاً لذلك فقد المزارع اسباب النجاح وتدهورت المشروعات على النحو الذى بات معلوماً للجميع، وعاش المزارعون فترة ضياع ليست بالقصيرة، ولم يستطيعوا تأمين قوتهم ناهيك عن انتاج فائض، وتدهورت التربة وانطمرت القنوات، واخذ الخراب يتسع حتى كاد يبتلع كل المشروعات، خاصة عندنا فى النيل الابيض، حيث انتشر المسكيت بصورة فاقت التصور، وتضاءلت آمال المزارعين بعد ان فاقت الصعوبات امكاناتهم المحدودة واستعصت المشكلة على الحل، فكان لا بد من منقذ، ولذلك فكرت قيادات المزارعين بعد تعديل قانون الزراعة وفتح الفرص امام القطاع الخاص فى ايجاد شركات للاستصلاح الزراعى والاستثمار فى مجال الزراعة، فكان الدكتور عبد الحليم المتعافى خير معين لاهله فى بحر ابيض، حيث تصدى لمشكلة الزراعة وهى مشكلة حياة ووجود بالنسبة لانسان بحر ابيض، خاصة المزارعين فى القطاع المروى، حيث استطاع المتعافى، بفضل الله وفكره، احياء مساحات واسعة وتأهيل القنوات، وبات المزارع يمتلك ارضاُ يرجى منها بالفعل، وكانت هذه ضربة المتعافى الاولى فى النيل الابيض، وبما ان الاستفادة من الارض بعد التأهيل باتت ممكنة جاء التضامن بين الدكتور المتعافى والدكتور ابراهيم يوسف هبانى ومجموعة شركات صغيرة اخرى محلية للأعمال المساعدة فى الزراعة مثل شركة المريا.

فقد استطاع هذا التجمع ان يحدث ثورة زراعية حقيقية وقف عليها رئيس الجمهورية عمر البشير بنفسه اثناء زيارته الاخيرة للنيل الابيض ومحلية قلى، حيث تتمدد زراعة مجموعة أفى والرياض الخضراء فى مساحة خمسين الف فدان موزعة بين الذرة والقطن والقمح وزهرة الشمس، وقد اكد لنا الاستاذ مهدى رحمة النور والاستاذ عبد الله موسى الشايب والاستاذ احمد عبد الله عطرون عن شركة المريا، ان انتاج الفدان فى القمح حقق (28) جوالاً، وهذا مؤشر جيد جداً إلى ان المنطقة معطاءة، وان مستقبل زراعة القمح فى مناطق الفردوس الشور وقلى والفتوح الى ابقر شمالا مبشر بخير كبير للمنطقة واقتصادياتها، بفضل الانتاج الوفير الذى تحقق لمجموعة أفى والرياض الخضراء فى محصول القمح، مما ادى لتوفير اسباب الحياة الرغدة للانسان والحيوان معاً، وتحرك النشاط التجارى بفضل المبالغ الضخمة التى صرفت فى هذه المناطق لأكثر من (10) مليارات دخلت السوق المحلى، وانتعشت صناعة الأجبان بفضل انتاج الالبان الوفير لتوفر الاعلاف، كذلك انتعشت معها تجارة الحيوان، والفائدة الاعظم انك تجد جراراً مقابل عشرة من المزارعين، وفى ذلك بالطبع احياء للمنطقة باسرها، واعادة تأهيل هذه المشروعات لم تأخذ مدة طويلة، لأن علاقة الانتاج كانت منصفة جداً بين المزارع والمستثمر، فالمستثمر عليه توفير المدخلات والمزارع عليه تجويد العمليات الزراعية، وذلك بفضل مجموعة شركات وطنية لعبت دوراً مهماً وساهمت فى هذا النجاح، ولا بد لنا هنا ان نحيي جهدهم، فالشركة مستحق للأستاذ الطاهر الطيب يونس وبنك الجزيرة الأردني ومجموعة الفلل وقريت توبس وإرادة، اما البنك الزراعى فهو رائد التنمية الذى لم يكذب اهله، فقد وعد واوفى، وظل الاستاذ صلاح احمد المدير العام مهموماً ومتابعاً باستمرار وحريصاً على اعادة تأهيل المشروعات المروية، وهذا التناغم والتضامن ولد الانتاجية الكبيرة التى رأيناها قد انعشت المنطقة، وكانت النتيجة اكتفاء البلاد من انتاج التقاوى، وهذا يدفعنا الى ان نؤكد ان التجربة فى الشراكة مع المزارعين التى كان المتعافى رائداً لها ناجحة وواعدة، وبما ان النيل الابيض تزخر بالمشروعات المروية ذات الاراضى الخصبة من ادنى الولاية لاقصاها كمشروع ام جلالة وابقر الفطيسة وام جر والسيال والظليط والجبلين وجودة وقفا الضخم جداً، كل هذه بجانب تجمع الملاحة والهشابة، تجعلنا ندعو وزارة الزراعة بالولاية التى كانت الراعى الاساسي لهذه النجاحات بفضل خططها وعونها للمزارعين والمستثمرين على حد سواء، تجلعنا ندعوها لتمويل مثل هذه المشروعات، فإن عجزت عن توفير المال الحكومى لن تعجز عن استجلاب المستثمرين بعلاقات انتاج منصفة جداً للمزارعين.

البروفيسور محمد عبد الله عمر راعى هذا الإنتاج وموفر اسبابه يستحق التكريم, وشكراً دكتور المتعافى على جهدك وصبرك وعملك الدؤوب لاحياء مناطق كادت تندثر فى بحر أبيض.

هدية علي
صحيفة الانتباهه.

‫3 تعليقات

  1. ولماذا لم يقدم المتعافي للزراعة ما تحتاج من جهد وتخطيط عندما كان وزيرا لكن برع في العمل الخاص في الزراعة؟؟ لأنه نفعي ولا تهمه سوي مصلحته. هدية علي… الله يهديكي.

  2. كيب ما دام كده وبعد التاكد
    من الكلام ده صحيح ومن الاهالي نفسهم. طوووووااالي مفروض الريس
    اعين المتعافي وزير زراعه واقول ليهو عندك ملف واحد بس نفس العملتو ده اعملو ف كل السودان وكبر المواعين والمساحات ع ان يكون الملف د ه برعايه الريس شخصيا
    سنه واحد ه بحول الله البلد دي بتمشي
    وتجربه المتعافي دي لو حصلت بره
    كان رئيس الدوله طوالي اجتمع بيهو وعينو

  3. المتعافي فيه خير كثير لكن السودانيين مضحوك عليهم من اصحاب المصالح المتعارضة مع نهضة السودان فتعرض لهجوم ظالم وتشويه سمعته.