الاتجار بالبشر .. مأساة احتجاز 177 ضحية في غرفتين وصالة
التاريخ مارس الماضي ومسرح الحادثة (6) منازل متجاورة بمنطقة ود أبو صالح بشرق النيل، وبحسب الإدعاء توجد بداخلها غرفتين صغيرتين شيدت من الجالوص، مساحتها 3 ونصف متر مربع وتقابلها برندة معروشة بمشمع بلاستيكي وأعواد من(الحطب) ، أما المجني عليهم فهم (177) ضحية بجنسيات أجنبية رجالاً ونساءً وأطفالاً عثرت عليهم السلطات محتجزين داخل الغرف الصغيرة دون نفاج للتهوية سواء كان طبيعياً أو كهربائياً ، يفترشون الأرض ويتوسدون حقائبهم الصغيرة متراصين جوار بعضهم البعض وهم في حالة ضعف وأعياءً. هكذا وردت إفادات شهود اتهام بمحكمة الإرهاب بجنايات الخرطوم شمال بالأمس في محاكمة (6)أشخاص بينهم أجانب بالاتجار بالبشر.
التخطيط
عقارب الساعة كانت تشير إلى الحادية عشرة من صباح أمس (الإثنين) ذاك النهار الرمضاني، حيث مثل رئيس قسم شرطة حلة كوكو العقيد مصطفى عمر، مؤدياً القسم بالمحكمة التي يترأسها القاضي د.إسماعيل إدريس، بأن يقول الحق ولاسواه. كاشفاً للمحكمة تخطيط السلطات في الإيقاع بالمتهمين واحداً تلو الآخر والقبض عليهم، وقال بأنه وفي يوم الثالث من مارس الماضي، بناءً على تكليف من مدير شرطة محلية شرق النيل أفاد عن تواجد عدد من الأجانب في منطقة ود صالح التابعة لمحلية شرق النيل؛ وكشف بأنها منطقة بعيدة ونائية تبعد(70) كيلو من الخرطوم. مبيناً بأنه وعقب ذلك وردت معلومات أخرى تفيد بوجود أجانب داخل (6)منازل غرب مسجد ودالقندول بالمنطقة؛ مشيراً إلى تجهيز (9)دوريات وقوة مكونة من المباحث المركزية والاحتياطي المركزي وعمليات شرطة ولاية الخرطوم ودوريات محلية شرق النيل. لافتاً إلى أن الفريق كان على رأسه (4)ضباط و(72) فرداً ؛ منوهاً إلى إصدارهم أمر تفتيش من القاضي المشرف لمحكمة جنايات الحاج يوسف مولانا حامد محمد سعيد.
ساعة الصفر
ومن ثم تحركت القوة عند الساعة الواحدة ظهراً ووصلت منطقة الحادثة عند الثالثة والنصف عصراً؛ لافتاً إلى توزيع أتيام الشرطة على محيط المنازل التي بها الأجانب المحتجزين؛ وكشف بأنه وبوصولهم عثروا على غرف ببناء جالوص صغيرة بمساحة صغيرة لا تتعدى 3 أمتار ونصف للغرفة الواحدة ؛ منوهاً إلى عثورهم أيضاً على رواكيب من الحطب، مبيناً بأنه وبوصولهم شاهد أحد النظاميين بالتيم المتهم الخامس داخل غرف بالمنزل وعند رؤيته لهم حاول الهروب إلا أنه ألقي القبض عليه ، موضحاً بأنه وعند توغلهم بالبحث داخل المنزل ضبط المتهم السادس وعثر بحوزته بندقية خرطوش بها عيار ناري واحد حرزت كمعروضات في البلاغ بجانب مبلغ مالي قدره (14)ألف جنيه.
أكثر من 40 شخصاً بالغرفة
العقيد شرطة مصطفى بوصفه شاهد اتهام أول في القضية، كشف عن توزيع قوتهم وقوامها (120) فرداً وعثورهم على (177) ضحية بينهم (136) إرتيرياً وآخرين صوماليين، منبهاً بعثورهم على (50) شخصاً داخل الغرفة الواحدة، مشيراً إلى قيامهم بعملية فرز للضحايا ووجدوا عدد (25) ضحية من الأطفال و(57) سيدة أجنبية ، وآخرين رجالاً. وقال بأنهم عثروا على الضحايا محتجزين بغرفتين صغيرين وفرندة مشيدة بحطب وشمع يفترشون الأرض بجوارهم حقائب صغيرة.كاشفاً بأن فترة احتجاز الضحايا تتراوح بين 9 أشهر إلى 20 يوماً .
الغذاء والمشرب والعلاج
وبمواصلة البحث داخل المنزل المحتجز به الضحايا وقعت أعين التيم على بوكس دون لوحة موديل (92) به (قربة) ماء حسب إفادة العقيد مصطفى، وأضاف بقوله إن حوض العربة البوكس يستخدم للماء بالإضافة إلى ضبطهم موقدي غاز كبير وأسطوانتي غاز وكمية من المواد الغذائية من دقيق وعدس وشعيرية وبصل ، بالإضافة إلى العثور على كمية من الأدوية والدربات والشاش وعقاقير مضادات حيوية، مع المتهم الخامس، واتضح بأنه صومالي الجنسية يقيم مع السادس سوداني صاحب المنازل الستة مسرح الحادثة. كما عثر على كمية من الدفاتر مكتوب عليها بالإنجليزية واللغة الإرتيرية ومدون عليها مبالغ بالدولار، منوهاً إلى أن الدفاتر مدرج بها كمية من الأسماء ومرصود بها مبالغ مالية عبارة عن مبالغ فدية مقابل إطلاق سراح الضحايا.
علاج الضحايا
العقيد مصطفى ، قال للمحكمة، إنهم رحلوا الضحايا بدفارين إلى رئاسة شرطة محلية شرق النيل وتم تسليمهم للمباحث المركزية الجنائية ودون بلاغ بالحادثة ، وأضاف بأنه وبحلول اليوم الثاني وزع الضحايا على خمس حراسات بقسم شرطة (الحاج يوسف /حلة كوكو/ التكامل /الشقلة / الجريف شرق ) ، ومن ثم بدأت رحلة علاج بعضهم بمستشفى الشرطة والبان جديد بشرق النيل _ لأنهم كانوا يشكون من أمراض جلدية وغيرها ، كاشفاً بوصفه رئيس قسم شرطة حلة كوكو إسعاف (5) فتيات من الضحايا لمستشفى البان جديد وعلاجهن بدربات بعد الكشف عليهن بموجات صوتية ، ورسم قلب ،وغيره . مشدداً علي أن الضحايا كانوا في حالة ضعف شديد ، منوها إلى أنه وعقب علاجهم أحيلوا لنيابة أمن الدولة .
التحريات الميدانية
وكشفت التحريات الميدانية بحسب إفادات المتهمين بأن الضحايا دخلوا البلاد عقب تحركهم من الحدود السودانية الارتيرية وصولا لكسلا ومنها سلموا لوكلاء بحلفا ولآخرين بقيلي ثم وصولهم الخرطوم عبر وكيل آخر ، وأكد أنهم دخلوا متسللين دون أوراق ثبوتية.وكشف شاهد الاتهام الاول مصطفى ، للمحكمة عن معلومات وردت إليهم تفيد بأن المتهم السادس والمعروف بود الشاعر يعمل في الاتجار بالبشر وهو من منطقة علوان بيد أنه جاء لود أبو صالح وشيد المنازل التي تخصه واحتجز بها الضحايا ، مبيناً أن المتهم الخامس يعمل معه وضبطت بحوزته الدفاتر ، وأن المتهم الأول يعمل كطباخ يعد الغذاء للضحايا بعد مجيئه لمنزل الضحايا من معسكر ود شريفي بكسلا ، فيما نوه الشاهد إلى أن المتهمين الثاني والثالث والرابع ، وبالتحريات هم حلقة الوصل بين الضحايا والمواطنين (ذويهم) في طلب الفدية المالية .
رفض طلب ضمانة متهمين
مع اقتراب الثانية ظهراً بالامس تقدم ممثل دفاع المتهمين (الاول والسادس) بطلب للمحكمة لاطلاق سراحهما بالضمان العادية ، ملتزماً بضامن من ذويهما بحضورهما عند جلسات المحاكمة، هنا اعترض وكيل أعلى نيابة أمن الدولة معتصم عبدالله محمود ، على طلب ممثل دفاع ، واعتبره يفتقد للمسوغ القانوني ، مبرراً ان قضية الاتهام مازالت مستمرة ولايحق للدفاع تقديم الطلب حالياً ، وقتها حسمت المحكمة التي يتراسها القاضي د.اسماعيل ادريس، طلب الدفاع في هذه المرحلة ، وارجأت النظر فيه لاحقاً عقب قضية الاتهام، وحددت جلسة الاسبوع القادم لسماع شهود الاتهام (ضحايا /ومعالجة نفسية) وآخرين.
صحيفة السوداني.