ما بعد كسر الجليد
تنطلق اليوم الإثنين الجولة الثانية من مفاوضات جنيف 2 بين الحكومة السورية والمعارضة وبتفاؤل أقل من الجولة الأولى التي انتهت دون نتائج ملموسة فحتى الهدنة في حمص لإدخال المساعدات الإنسانية جرى خرقها وتبادل الطرفان الاتهامات بخرق الهدنة، الأمر الذي يشير إلى اتساع هوة الثقة بين الطرفين وكذلك المصداقية، حيث طالب أحمد الجربا رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض بمشاركة فاروق الشرع نائب الرئيس السوري في الجولة الثانية، واصفًا وفد النظام الحالي بأنه (ليست لديه مصداقية)، ولكن في المقابل أكد وزير الإعلام السوري عمران الزعبي بأنه سيشارك في الجولة الثانية من جنيف 2، إذ قال “لدينا فهمنا بما يتعلق بهيئة الحكم الانتقالي الواردة في بيان جنيف”. وأضاف في لقاء له مع الفضائية السورية أمس “لكننا منفتحون على النقاش، إذا أراد الطرف الآخر أن يكون طرفًا في عملية سياسية ديمقراطية تعددية، ومشاركا في عملية إعادة بناء الدولة وتطويرها؛ وليس لدينا أمر يكون النقاش حوله محرّما”.
ويصف مراقبون الجولة الثانية من جنيف 2 بأنها مرحلة (ما بعد كسر الجليد) بين الحكومة والمعارضة وتختلف أجواء هذه الجولة عن سابقتها التي انطلقت في الـ 24 من يناير الماضي وتواصلت لعشرة أيام، إذ يأتي الطرفان إلى جنيف هذه المرة، وقد أدرك المجتمع الدولي من هو الطرف المستعد للحلول، ومن الذي يعرقل تقدم مسارها.
بين الجولتين الأولى والثانية لم يتوقف القتال في سوريا وتصاعدت الانتقادات الدولية للنظام السورى بمواصلة ضرب المدن المحاصرة بالبراميل المتفجرة، بجانب استياء مجلس الأمن الدولي من عدم السير في عملية التخلص من ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية وفق الجدول الزمني المتبع بطريقة منهجية ومتسارعة وعدم تسليمها أقل من 5% من الأسلحة في حين أن الموعد النهائي للتخلص من كامل المخزون الكيماوي هو نهاية يونيو المقبل.
كل هذه العوامل من شأنها أن تشكل ضغوطا على الوفد الرسمي الذي يعود إلى طاولة المفاوضات في الجولة الثانية، وهو محاصر بالاتهامات الدولية بينما وفد المعارضة يبدو في وضع أفضل، رغم الانتقادات الداخلية لغياب التنسيق والتمثيل الحقيقي لأطياف المعارضة، وهو ما أكدته كذلك المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري بثينة شعبان في حديث لقناة (العالم الإيرانية) أن “المشكلة الجوهرية في المؤتمر أنه من أتى للجلوس على الطاولة لا يمثل أحدا”.
إذن بتبادل الاتهامات من أطراف النزاع السوري أن كل وفد لا يمثل من يمثله حقيقة ومع الانعدام البارز للثقة بين الطرفين تبدو فرص نجاح الجولة الثانية من مفاوضات جنيف 2 ضئيلة جدا إلا إذا طرح الوسطاء الدوليون مبادرات جديدة تلزم الأطراف بالتحرك نحو منطقة وسطى.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي