عالمية

مدرب “أطفال الكهف”: حياة مؤلمة وبطولة نادرة فقد أسرته في وباء باكملها

“متأكدة من قدرته على الاهتمام بالأطفال والحفاظ عليهم وعلى هدوئهم في الأزمة، لأنه مر بظروف مؤلمة خلال طفولته. هو يحبهم كثيراً كأنهم أولاده”، كان هذا التعليق الأول من السيدة سريويتشاي عمة مدرب كرة القدم التايلاندي، إيكابول شانتونج، الذي علق مع فريقه مكون من 12 طفلا داخل أحد الكهوف.

واختفى 12 فتى تتراوح أعمارهم بين 11 و16 عاما مع مدربهم البالغ من العمر 25 عاما في 23 حزيران/يونيو الماضي، خلال رحلة لاستكشاف مجمع كهوف تام لوانج الذي يقع في إحدى الغابات القريبة من الحدود مع ميانمار.

ومع حلول الثالث من يوليو/تموز، انتشر خبر العثور على الجميع أحياء، مسببا حالة من الفرحة عارمة في عموم البلاد والعالم أجمع.

وأثار نجاة الأطفال ومدربهم من الموت لمدة عشرة أيام بدون طعام وشراب، تعجب الجميع حول العالم، قبل أن تكشف عمته عن السر.

وباء جعله يتيما وسر المعبد البوذي

وهو في العاشرة من عمره، فقد شانتونج أفراد عائلته جميعهم بسبب وباء أصاب قريته بالكامل، لتقوم عمته بتربيته بعد أن أصبح الفرد الوحيد المتبقي لها من العائلة.

ولمدة عامين ظل الفتى الصغير “وحيدا وحزينا” على حد وصف عمته، قبل أن تقرر إرساله إلى معبد بوذي بهدف أن يصبح راهبا.

عقدٌ من الزمان، هي الفترة التي قضاها شانتونج داخل المعبد، متعلما التأمل والزهد في الحياة والطعام، مرتديا ثوبا من الزعفران ومستغنيا عن كل متع الحياة.

وتقول السيدة سريويتشاي، أن شانتونج تعلم في المعبد كيف يكون سليم الجسد والعقل، بجانب مهارات البقاء على الحياة ومقاومة المواقف الخطيرة، و”لهذا كنت واثقة من قدرته على إنقاذ الأطفال”.

التحول لكرة القدم وعلاقتها بمرارة الفقدان

قبل ثلاثة أعوام من الآن، تم تكوين فريق مدرسة “ماي ساي”، ليقرر شانتونج تتبع عشقه لكرة القدم، ويذهب للعمل كمساعد مدرب للفريق الذي يتكون لاعبيه من أطفال تعاني أسرهم الفقر.

حينما تكون الفريق، كان الأطفال في الثامنة والتاسعة من العمر، لهذا السبب كان يعاملهم شانتونج كأنهم أولاده، خاصة وأنه تذوق مرارة فقدان الأب والأم، على حد قول عمته.

وأوضحت سريويتشاي “لقد عانى من ألام فقدان الأهل وهو صغير للغاية. ولهذا أنا واثقة من أنه سيحافظ عليهم حتى لا يختبر أحد غيره مرارة فقدان الأحباء”.

وبرهن أحد الغواصين الإنجليز المشاركين في عملية الإنقاذ، على صدق حديث السيدة سريويتشاي، حينما تحدث عقب العثور على الأطفال مؤكدا أن مدربهم نجح في الحفاظ على رباطة جأشهم وهدوئهم بل وحتى روحهم المعنوية، بل أن حالته الصحية كانت الأكثر تدهورا على عكسهم، في دلالة على أنه قدم تضحيات كبيرة من أجلهم.

اعتذار ورسائل مفاجئة من أهالي الأطفال

فور العثور عليهم، حرص شانتونج على تقدديم اعتذاره لأهالي الأطفال، مرسلا لهم رسالة خطية مع أحد أفراد فريق الإنقاذ، جاء فيها: “إلى كل الأهالي، كل الأطفال بخير. أعدكم بأن أرعاهم جيدا. أشكركم على كل الدعم وأريد أن أعتذر لكم”.

ووجه شانتونج كلمات إلى عائلته، متابعا: “أنا بخير لا تقلقوا علينا كثيراً واعتنوا بأنفسكم. عمي أخبر جدتي بأن تعدّ لي أكلتي المفضلة، سأتناولها عند خروجي، أحبكم جميعاً”.

وجاء رد فعل أهالي الأطفال مفاجئا، وربما مبرهنا على اعتزازهم بمجهودات المدرب في الحفاظ على أطفالهم، حيث حرصت أغلبية الأسر على طمأنته عبر خطابات أُرسلت للأطفال، قائلين فيها: “رجاء لا تلم نفسك”.

وكتبت إحدى الأمهات للمدرب في رسالة بعثت بها لابنها صاحب الـ14 عاما: “نريدك أن تعرف أن الأهالي ليسوا غاضبين منك على الإطلاق، فلا تقلق بشأن ذلك”.

هذا وبدأت صباح اليوم الأحد، عملية إنقاذ الأطفال من داخل الكهف، حيث تم إخراج ستة منهم قبل أن تعلن السلطات التايلاندية تعليق عملية الإنقاذ لمدة 20 ساعة.

بي بي سي عربية