القيادي الجنوبي كوستيلو قرنق : الوحدة مع الشمال (حلم) وليس حلًا لمشكلة الجنوب
تهم المستشار السابق للرئيس سلفاكير ميارديت ورئيس الحركة الوطنية بجنوب السودان، الدكتور كوستيلو قرنق رينقس، الرئيس الأوغندى يورى موسفينى بمحاولة إفشال مبادرة الخرطوم لرأب الصدع بين فرقاء الجنوب ممثلة لـ(إلايقاد)، وقال كوستيلو لـ(الصيحة) إن الرئيس الأوغندى يوري موسفينى لم يتوسط من أجل إنهاء الأزمة والتقريب بين وجهات نظر الفرقاء للوصول إلى سلام بل إنه سعى لإنقاذ حكومة الرئيس سلفاكير ميارديت. وأضاف” موسفينى لن يقبل باتفاقية تقوض حكومة سلفاكير أوتضعف سلطتها خوفًا من أن تلاقى حكومته ذات المصير”. وأضاف” موسفينى يخشى أن تطبق الترويكا والدول الغربية ذات السيناريو على حكومته حال أطاحت بحكومة سلفاكير”. وأضاف” موسفينى يسعى لإبقاء سلفاكير فى السلطة عبر وساطة الـ”إيقاد” بعد أن فقد دعم الدول الغربية ودول الإقليم”. وقال كوستيلو ” مشار لا يشكل خطورة على الرئيس سلفاكير بل أن المشكلات الداخلية بين الدينكا أهم التحديات التى تواجه سلفاكير “. وقطع كوستيلو بأن الوحدة مع السودان تظل حلمًا وليس حلًا لمشكلات دولة الجنوب .”الصيحة” جلست إلى القيادى وقلبت معه بعض قضايا الراهن ورؤى المستقبل فإلى مضابط الحوار.
*ما رأيكم فى الوساطة التى تقدم بها الرئيس الأوغندى يوري موسفيني؟
-لا توجد وساطة للرئيس اليوغندي، والرئيس اليوغندي يريد إنقاذ الحكومة ، وموسفيني رأى أن الدول الغربية تخلت عنها خاصة الترويكا وأميركا، وليست كل دول الـ”إيقاد” تؤيد الرئيس سلفاكير على شاكلة جامعة الدول العربية التي لم تحل مشكلة سوريا والعراق واليمن وليبيا، لأن الأعضاء هم رؤساء الحكومات، وكذلك دول الـ”إيقاد” ترى أن سلفاكير يمثلهم كرؤساء، وإذا كان بالإمكان أن يطيح شعب الجنوب بالحكومة فأين الضمان أن شعوبهم لن تطيح بهم، فموسيفني، يريد أن يثبّت سلفا ويخشى تدخل الدول الغربية من منظور أن تدخلها وإسقاط النظام ربما يتكرر في الدول الأخرى كيوغندا وغيرها.
*هل تسعى أوغندا لإفشال مبادرة الخرطوم؟
– لا شك فى ذلك فالمقترح الأوغندي الأخير قدم للمعارضة مرارًا وتكرارًا في محادثات أديس أبابا وتم رفضه من جميع الأطراف المعارضة ،فلماذا تحاول أوغندا وجوبا تمرير مقترح مرفوض مسبقًا عبر الخرطوم ..؟ إذا لم يكن السبب في ذلك محاوله إفشال مقترح السودان.
*لماذا قبل سلفاكير بمشار نائبًا أول له بالرغم من أنه رفض ذلك سابقًا؟
– مشار لا يشكل خطورة على سلفاكير لأن المشكلة ليست مع مشار، فالرئيس سلفاكير لديه مشاكل مع شعب الدينكا، إذا كانت المشكلة لمشار وحده وجب أن نقول إنها ليست كبيرة و قابلة للحل، وذلك لأن أكثر شخص لديه قابلية للاتفاق مع سلفا هو مشار نفسه ، لأن مشار هو من وقع على اتفاقية 2015 وهذا كان مرفوضاً من أعداد كبيرة جداً من الجنوبيين كون أنه خرج من جوبا ومات عدد كبير جداً من النوير والدينكا، ثم يعود مرة ثانية إلى نفس المنصب الذي خرج منه فهذا كان غير واقعي وغير مقبول، لكنه قرر أن يذهب إلى جوبا وبعد أن ذهب إلى جوبا لم تتوقف الحرب لأن قيادات فضلت البقاء مثل تعبان دينق قاي وآخرين.
*هل ترون أن فكرة دولة جنوب السودان ماتت؟
– دولة الجنوب لم تمت ولكنها في غرفة الإنعاش وأنا لا أرى أي سبب لعدم نجاح فكرة الدولة في جنوب السودان فقط، ولا بد من تغيير القيادة فقط، أما ما تبقى حتمًا سيتطور حتى الوصول إلى المرتجى، والدولة بشكلها الحالي وتركيبتها الحالية فشلت حقيقة، ولن ترجع بذات التركيبة لأن الشعب فقد الثقة فيها وما يجري يخبرنا بأنهم لم يغيروا شيئًا، وهم يتصيدون أخطاء الآخرين ولا يعترفون بذنوبهم، ومن صفات القيادة الرشيدة أن تعترف بالأخطاء وتقول إنها تسعى للتغيير وألا تعفي نفسها بنفسها، وأن ترجو العفو من الشعب، وهذا يعني بداية صفحة جديدة.
*البعض يرى حلولاً تتمثل في اتفاقية الـ”إيقاد”، إلى أي مدى يمكن أن ينجح ذلك؟
– لا توجد اتفاقية، بل مقترح، أوغندا جاء لنقاش على شكل مقترح ،الـ”إيقاد” فشلت ، ولابد لضامني الاتفاقية متمثلة في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يتدخلوا في الوقت المناسب لإيقاف شكل الانتهاك أو تدمير ما يتم التوصل إليه بين الأطراف ، ولولا تدخل السودان بتنسيق مع دول الـ”إيقاد” لكان الفشل هو متلازمة الحلول ، لذلك أقول إن شكل الاتفاقية الحالية يحتاج لمعالجات جمة.
*لماذا تخلى المجتمع الدولى عن سلفاكير بالرغم من أنه كان الداعم الأساسي له؟
– التخلي عن سلفاكير أتى بمراحل، والدول الغربية لا تتخلى عن دولة وليدة فجأة لأنها تعرف صعوبة خلق الدولة، وهم يعون ذلك جيداً حتى لو كان الرئيس ضعيفاً، وعادةً يعطونه فرصة للتغيير لكن سلفاكير لم يغير شيئاً، والعكس هو يعتقد أن الآخرين يسببون له العراقيل والمشاكل.
*الوضع الاقتصادي في شمال السودان يتأزم الآن،مدى انعكاسات ذلك على الجنوب؟
– إذا ساءت الأحوال في السودان تزداد سوءًا في الجنوب، لأنه حسب قناعاتي أن التوجه إلى شرق أفريقيا لا يحل مشاكل الجنوب لأن الغالبية العظمى لسكان الجنوب يعيشون في المناطق المتاخمة لشمال السودان والكل يتجه إلى السودان.
*مليون ونصف المليون لاجئ جنوب سوداني في السودان كيف تقرأ التزام المجتمع الدولي تجاه هؤلاء؟
– هذا العدد ربما يكون أقل من العدد الحقيقي لأنهم يدخلون دون جوازات ولا حصر للأعداد التي تدخل شمال السودان، والذين يطلب منهم أن يسجلوا أسماءهم لدى الأمم المتحدة يرفضون ويقولون إننا لسنا بأجانب، والمساعدة من المجتمع الدولي تتوقف على الاعتراف بأنك لاجئ ثم يتم التسجيل، وإذا اعتبر اللاجئ أنه سوداني لا يتلقى المساعدة من الأمم المتحدة.
*هل كانت لديكم مشروعات واعدة في البلاد وما زالت قائمة حال جاء السلام..؟
– بالطبع المشاريع قائمة من أجل بناء البنية التحتية وخلق توازن اقتصادي بالمناسبة المشاريع موجودة وكنا مع الراحل جون قرنق متفقين على أن نخصص برنامج لقطار يسير بين مومبسا وجوبا وبابنوسة، لأنه كان المشروع الأول لجون قرنق وهو فرغني لأهتم بقضية السكة حديد وجلبت شركة مختصة في الصلب والحديد وعملنا دراسة لربط الجنوب ببابنوسة وممبسا، والدراسات انتهت والآن هي موجودة مع سلفاكير وكانت مكتملة، لكن الغيرة السياسية وربطها بجون قرنق وبي أدى لعدم تطبيق المشروع.
أما المشروع الآخر فكان روسيًا لزيادة مساحات الأرز المزروعة، ومشروع شركة سكر منقلا ، ومشروع شركة أسمنت في كبويتا، ومشروع مطار دولي قرب رامشيل وقرب العاصمة الجديدة المقترحة كلها مشاريع قديمة لم تتطبق.
*باعتبارك تمثل زعيمًا في جنوب السودان ، ما الأثر الذي يمكن أن يحدثه الجيش الوطني في إعادة الجنوب لو سلمنا أنه قوة لا غنىً عنها؟
– أنا لست مغامراً ودائماً أتبع ما أقوم به بدراسات، والجيش الوطني منذ تأسيسه لم يعد هناك من يتحدث بكثرة بعد حرب الدينكا مع القبائل الأخرى وعادةً كان الحديث الطاغي عن اتحاد الرئيس مع مجلس أعيان الدينكا لمحاربة القبائل الأخرى، ولم تفهم المعارضة الجنوبية أن هنالك أعدادًا كبيرة من الدينكا لا يتفقون مع رئيسهم وأن هنالك أعدادًا من النوير لا تتفق مع مشار، وهذا ما يوضح أن المشكلة ليست بين سلفا ومشار، وإنما المشكلة هي الشعب ضد قيادة الحركة الشعبية، وحتى الجيش الشعبي لا يعترف بأن كل القيادات الحالية تمثلهم ، وبعد أن تأسسنا وبدأنا نتحدث عن حل مشكلة الدينكا والنوير تغيرت الأحوال.
*إعادة الوحدة بين الشمال والجنوب هل يمكن أن تكون حلاً لما يجري في الجنوب حالياً؟
– هذا يمكن أن يكون حلماً وليس حلاً ،لأن ذلك يتطلب أن تسترجع ذات الخطوات للانفصال من استفتاء وغيره، ولكن هنالك طريقة اقترحتها وهي اتحاد مثل الاتحاد الأوروبي، لأن الاتحاد يحل كافة المشاكل ويغني عن الوحدة، واقترحت أن تكون الحدود مرنة، حتى تسهل التعاملات والتملك والتنقل كما يحدث بالضبط في الدول الأوربية، واقترحت أن تكون هنالك عاصمة للاتحاد . ونكون بذلك حللنا عدة قضايا بطريقة غير مباشرة، ويحدث تطور في المنطقة ، لكن الرئيس سلفاكير يفضل الاتحاد مع شرق أفريقيا على السودان، ولو أنه اتحد مع السودان سنجد أن الفوائد للاتحاد مع السودان أكبر وتستطيع أن تقول بعدها إننا نتحد مع أعدائنا من جديد، فمثلًا الألمان والفرنسيون عادوا للاتحاد بعد حرب طويلة وقتال مرير بينهما.
أجرته انصاف العوض
صحيفة الصيحه