رأي ومقالات

منشية الصومال

(1) > عندما قيل إن العالم أصبح قرية او غرفة او جهاز لابتوب او هاتفاً ذكياً لم تصدر هذه المقولة من فراغ.
> نحن نظرنا الى المقولة ، على اعتبار ما يأتي لنا من مباريات في الدوري الانجليزي أو ما يحدث من أخبار او أسرار في البيت الأبيض.
> تعاملنا مع المقولة من منظور (ثقافي) للاستهلاك في المنابر ، دون النظر الى الجوانب الأخرى لنتعامل معها بعلمية وتدابير أكبر.
> لم نكن نتوقع اننا أصبحنا جزءاً من هذه المقولة، وان (فقة السترة) الذي نتعامل به ، لم يعد ممكنا بعد أن أصبحت كل تحركاتنا وأفعالنا مكشوفة ومرفوع عنها الحاجب.
> واقعة الفيديو الفاضح الأخير والذي تمثل في عملية اغتصاب في الشارع العام أثبتت ان العالم أصبح غرفة فعلا وما حدث يحظى بكل هذه المتابعات والتعليقات والتحليلات.
> حتى ان تجاوز الأمر بالنسبة لنا في الصحافة او في المنابر الإعلامية العامة أصبح أمراً غير ممكن وحدثاً كهذا يفرض نفسه بهذا الشكل.

(2)
> في صحيفة (الإنتباهة) أمس وفي بعض الصحف الأخرى، كان الخبر واضحاً حيث جاء في الخبر : (تمكنت نيابة أمن الدولة من القبض على مسرب فيديو الاغتصاب لفتاة في الشارع العام المنتشر بوسائط التواصل الاجتماعي المختلفة).
> وفي الخبر ايضا أن النيابة وقفت على الموقع الذي تم فيه تصوير الفيديو وهو أحد شوارع المنشية ، وتمت معاينته بعد ان أرشد عليه المتهم).
> وهذا غير ما أشيع وردد أن الواقعة حدثت في الصومال – التعامل مع الواقعة بهذه الشفافية من قبل الشرطة أسلم وأفضل من التعامل معها بالإنكار، لأن مضار التعامل الأخير كان سوف يكون وخيما وكبيرا. وليس هناك أخطر من ان تقع جريمة في المنشية فنردها للصومال، هذه حماية يمكن أن تكون للمجرم وللجناة.
> لذلك نقف عند هذه (الشفافية) من قبل الشرطة ، وإن كان الأمر بلغ من (شفافيته) ان أصبح يحدث في (الشارع العام) وفي اكثر أحياء الخرطوم حياة وضجيجاً وأضواء.
> الفيديو من دون شك ، وبعيدا عن الحسبة السياسة كان صادماً ، لأن (الشارع) عندنا في السودان ما زال أهلاً للثقة والأمان والطمأنينة ، فكيف يحدث فيه هذا؟ ، ومجرد (التبول) فيه عندنا يمثل (العيب) كله.
> مواجهة مثل هذه الجرائم والتعامل معها بحزم وحسم من أجل الوقاية والحماية أسلم من السكوت عليها ، وصورة الجاني في الفيديو تؤكد ان فعله الذي قام به كان معتاداً عليه ، وإلّا ما تحرك الرجل بهذا الهدوء والثقة.

(3)
> اتجاه البعض الى تفريغ الواقعة من أنها عملية (اغتصاب) فيه تعديّاً أعظم، على (حرمه) تم اغتصابها في الشارع العام دون ان ينقذها أحد ، بعد أن كان المغتصب يلوح ويهدد بمديته الحادة.
> غاب الناس من الشارع وغابت عنه الحماية والأمن ، فذهبنا الى تجريم (الضحية) لنسألها عن ردة فعل يمكن ان تختلف من شخص لآخر بطبيعة ثقافته وبيئته وتربيته.
> هذه الجريمة من الظلم ان ننظر فيها الى (الجاني) وحده ، لأن هناك (جناة) آخرين يجب أن يحاسبوا.
> هناك مسؤولية جماعية تقع على الكثيرين في هذه القضية!!.

(4)
> لا أعرف كيف سيكون الحال ، لو ان هذه (الضحية) كانت من دولة أخرى ، وظهر ذلك جليّا في مقطع الفيديو ، كان يمكن ان تحدث فتنة بين الشعبين ويمكن كذلك ان يتعرض السودانيون في دولة المعتدى عليها لحالات من الاعتداء والقمع ، رغم ان الحالة وقعت من غير ترصد وقصد جنائي لشخصية محددة.
> كنا سوف نرمي باسوأ الصفات ونلقي أعنف الشتائم ، ونحن أفضل الشعوب وأكرمها لو كان المعتدى عليها مثلا من (سوريا).
> كانت المنظمات الدولية سوف تتحرك والحكومات سوف تندب وتشجب.
> الفتنة أيضا كانت سوف تكون حاضرة لو ان (الضحية) نسبت الى قبيلة محددة في السودان في ظل الصراع القبلي الذي بدأ يظهر في الفترة الأخيرة بصورة واضحة.
> حتى لا يحدث ذلك مستقبلا ، يجب ان تكون هناك تدابير ومحاذير أكبر ، مع تأكيدنا أن عدم وضوح ذلك او بيانه لا يعني التساهل لحفظ حقوق (الضحية) ولغيرها من بنات السودان اللائي يمكن أن يتعرضن لنفس الذي تعرضت له الضحية التي اغتصبت في الشارع العام.
> مثل هذه القضية التي هزت ثقتنا في الشارع العام, وأحدثت كل هذه الصدمة كان يمكن ان تحدث للسودان هزة دولية كبيرة لو كان طرفها (أجنبية) ، الفتنة كانت سوف تكون حاضرة ، فهل انتبهتم بعد ان أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مسرحاً ورقيباً لكل الأحداث والأنشطة.

محمد عبدالماجد
الانتباهة