رأي ومقالات

وزير سابق يضرب زوجته ويطردها إلى الشارع

محاربة “نُص كُم”!
(1)
قبل أشهر، اتصلت بالأستاذ العزيز فيصل محمد صالح، أستشيره في قضية نشر.
ذكرت له، أني تسلمت خبراً يتعلق “بضرب وزير معروف، زوجته وطردها إلى الشارع”. الزوجة فتحت بلاغاً في النيابة واتجهت إلى الصحافة.
ترددت في نشر الخبر باسم الوزير.. فرغم فداحة الفعل وقسوته، إلا أن القضية “خاصة” وليست عامة، أو هكذا رأيت..
سألت أستاذ فيصل “أكتب اسمه؟”، قال: لا.
أنا: ممكن أكتب وزير الـ(…) السابق، وعضو برلماني في لجنة (…)، و..
فيصل: “كده انت خليتي شنو، ما جبتي اسمو”..
أنا: “مش ممكن أكتب أول حرفين من اسمه؟”.
فيصل: “أنا شايف مافي داعي”.
أنا: “طيب رقم البلاغ كيف؟”.
فيصل: “مافي داعي”.
أغلقت الهاتف بعد أن امتثلت لرأيه، فالتردد في النشر يراودنا كثيراً في هذه القضايا الخلافية، فلا يوجد معيار عالمي متفق عليه.

(2)
في حادثة أخرى، اتصل آباء الشباب، الذين التحقوا بتنظيم (داعش)، بإدارة الصحيفة، يشتكون من نشر صورهم أبنائهم في الصفحات مصحوبة بتقارير.. قالوا إن النشر، أثر سلباً على بقية أفراد الأسرة، وجعل خصويتهم منتهكة.
ظللت أكتب أن هذا التقدير، هو الشعرة الفاصلة بين مراعاة الآخرين وعدم تسبيب الأذى لهم، وبين القيام بالعمل (الصحفي) على أكمل وجه.
تتطلب المهنة عملاً احترافياً، تبتعد فيه العواطف، حينما يبتعد الأفراد من أسوار المنزل، إلى الأماكن العامة.
المنظمات الحقوقية ظلت تكتب عن هكذا أمور، كما واصلت الصحافة في العالم، دفاعها عن حقوق مهنتها والحفاظ على “إثارتها وتأثيرها”.
نشر أي عمل أو نقد يحمل قدراً من “السلبية” لن يجد قبول أصحابها لو بنسبة 1%.

(3)
بعد تصاعد حملة “مكافحة الفساد” برز اتجاه عكس التيار، عبر عنه بوضوح وزير الإعلام أحمد بلال، أنه لا داعي للتشهير والإدانة الإعلامية للمتهمين قبل محاكمتهم قضائياً. ورغم أننا كتبنا سابقاً أن ما يحدث في الإعلام السوداني بإبراز القضايا يحدث في كل الدول الصديقة والعدوة، القريبة والبعيدة، إلا أن ذلك لن يمنعنا من طرح أسئلة على وزير الإعلام وأجهزة الدولة المختلفة، خاصةً أن تحقيق العدالة والبُعد عن التشهير ليس عمل الإعلام وحده.
لماذا تعتقل الأجهزة الأمنية المتهمين قبل إكمال تحرياتها عليهم، والحصول على مستندات تدينهم؟ ألم يكن بالإمكان أن تحقق معهم كما فعلت مع آخرين من أهل “الإنقاذ”؟
إن كان ذلك غير صحيح، لماذا تتحفظ النيابة على المتهمين وتتباطأ في إكمال تحرياتها معهم، رغم العدد “المحشود” من وكلاء النيابة للقيام بالمهمة؟
السيد الوزير.. الطرق الإعلامي هو الذي عجل بتحويل القضايا من جهة لأخرى، وبزيادة وتيرة الخوف، وبرفع الحصانات، وبتأكيد جدية الدولة.
وجهوا النصيحة أيضاً للأجهزة الرسمية بما فيها القضاء، برفع الوتيرة وزيادة الهمة.. ولا تتراجعوا من المنتصف.

بقلم
لينا يعقوب

تعليق واحد

  1. أستاذة لينا
    القاعدة التي هي أساس العدل أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته,
    وفي كل دول العالم المتقدم حينما يتم القبض على متهم تمنح السلطات المختصة مدة معينة لإكمال التحقيق وهي عادة 24 ساعة بعدها يتم إطلاق سراحه إما نهائياً أو بالضمان لحين إكمال الأدلة. في بعض الأحيان تطلب السلطات من المحكمة إذناً تمديد مدة الإعتقال لعدم إكتمال التحريات فيتم التمديد لأيام أخرى قليلة.
    والمهم أنه لا يوجد إعتقال مؤقت بدون تهمة ولا يةجد تمديد بدون إثبات التهمة وتحديد يوم للمحاكمة.
    الإعلام يمكنه نشر خبر لكنه ممنوع خلال هذه المدة من نشر الوقائع بالتفصيل وذكر الأسماء إلى أن تتم المحاكمة.

    هذه الطريقة هي الأسلم لتحفظ للإعلام دوره الإخباري وللمتهم حقه القانوني وللقضاء دوره ونزاهته بدون تأثير إعلامي أو خارجي.