رأي ومقالات

بعد مقتل مدير سد النهضة الأثيوبي، كيف سيمضي المشروع؟

حادث لن يمر بسهولة واقع اغتيال المدير التنفيذي لسد النهضة المهندس (بكيلي) والذي يعد الرجل رقم (1) في مشروع السد ويسبق في ذلك رفيقه (قودوين) رئيس الجانب الاثيوبي في اللجنة الفنية المشتركة ؛ وكلا الرجلين يمتازا بالصمت وتجنب الاضواء ولزوم سياسة الإنجاز والعمل وقد لاحظت في الرجل الفقيد انه كأنما اختير بعناية وأعد لمهمته بدقة اذ يحفظ (صم) تفاصيل ما يقوم به كما انه في موقع السد يدير الامر بمنهجية إحكام وسيطرة مرتبة وبشكل ناعم لكنه في الوقت نفسه قوي الإحاطة فمع تفرغه للعمل بالحقل وامتداداته فهو المدير المنسق لكل التفاصيل مع إشراف بتواجد كامل طوال ساعات اليوم والليلة بملازمة العمال والمهندسين

وقد لاحظت من جولة معه انه يحفظ ربما كل وجوه العاملين الى جواره فيما لاحظت كذلك انه عني باختيار من يعملون معه من فئة الشباب مع غلبة اليد الاثيوبية العاملة ولم اره يسمح لاي من مهندسي الشركة الإيطالية -اظن ان اسمها ساليني- بالظهور امام اي وفد فيما تابعت ؛ هو كذلك يبدو رجل يعتمد في تكليفه على قاعدة مهنية مطلقة اذ يتجنب حتى في الاسئلة افخاخ الإجابات المؤذية او الخارجة عن (المانديت) الفني والهندسي ولا يتحدث الا وفق مطلوبات ومناسبات محددة

وفيما اعلم فالرجل يبدو محايد تماما تجاه الانساق السياسية المحيطة به اذ كان من الرموز الوطنية المبجلة في فترة الحكومات الماضية وحاز ثقة العهد الجديد الذي خلافا لنهجه في تفكيك ابنية المؤسسات والمشروعات فانه احتفظ للثلاثي الممسك بملف المياه (وزير الري سشلي ورئيس اللجنة الفنية قودوين ومدير السد بيكلي) بمواقعهم بل ودعمهم رئيس الوزراء الجديد باول زيارة للموقع عقب ادائه اليمين الدستورية وربما لم يزر بعدهم مشروعا الا المنطقة الصناعية في (اواسا) مع الوفد الذي قدم من اسمرا وحتى هذه اظنها تمت مع زيارة الرئيس اسياس افورقي !

بل وقبل صعود (آبي) حاز (بيكلي) غير مرة تنويهات الثناء الرسمي واختير قبل ثلاث سنوات كرجل العام اذ تمتع باحترام وشعبية كبيرة وقبول في الشارع كرمز وطني وشخصية إتسمت بالتواضع ونصاعة السيرة في بلد يجيد التدقيق في خلفيات الرموز ؛ وهو في جوانب المسائل الفنية حجة وعقلية افريقية فذة وله دفوعات عالية الموضوعية في إلاشكالات المرتبطة بحاضر المرحلة مما يعني ان غيابه سيعني ان مفتاحا مهما غاب معه في قبره مما سيعقد الامور وفي ظرف التعارك الذي يدور حول مقترحات البحيرة الخاصة بالسد والسعة والقيد الزمني وكلها امور وان كان يمكن بحثها لكنها ستكون عسيرة على من يخلفه اذ سيصعب ادارة الامر مع مهندس بديل يستلم مشروعا بهذه الضخامة وعلى مشارف الانتهاء وتحت ضغوط سياسية داخلية وخارجية ومع ملابسات الرحيل المفجع للرجل لانه وتحت سيادة نظرية المؤامرة والتجاذبات المحيطة فمن الصعوبة بمكان اقناع الشارع المحلي بذاك وقد لاحظت الان هياجا يضع موت الرجل حينا علي عاتق جهات داخلية ويشير مرات الى جهات خارجية . و المؤكد انه حادث سيعقد هذا الملف ويخلط اوراقه

بقام
محمد حامد جمعة