تحقيقات وتقارير

قانون الانتخابات.. إجازة أولية رغم الخلافات

رغم إجازة البرلمان مشروع قانون الانتخابات في مرحلة العرض الثاني الذي يعرف بمرحلة السمات العامة بأغلبية الحضور الذي فاق النصاب المسموح به بـ 8 نواب فقط

، إلا أن جلسة الأمس شهدت تبايناً واضحاً في وجهات النظر بين النواب خاصة حول مرجعية القانون وارتكازه ما بين الدستور ووثيقة الحوار الوطني، فكل طرف يرى أن تحديد المرجعية بما يريد سيحقق له المكاسب المرجوة من خلال القانون،

ذلك التباين بدا واضحاً، ولم يشفع لإخفائه حتى الاجتماع الذي انعقد أمس بين كتل البرلمان والأحزاب بهدف خلق توافق على أهمية تمرير القانون في المرحلة الحالية، على أن تشهد مرحلة العرض الثالث “العرض التفصيلي” النقاش حول القضايا الخلافية في مشروع القانون والتى حددها تقرير لجنة التشريع والعدل بـ(4) مواد ورفعها نائب رئيس المجلس أحمد محمد التيجاني إلى 7، وقال القيادي بالحزب الاتحادي السماني الوسيلة إنها أضعاف مضاعفة عما ذكر.

جلسة متأخرة

الجلسة بدأت متأخرة نحو ساعة عن موعدها المضروب رغم حضور رئيس البرلمان مبكراً.. وهو تأخير انعكس على مد زمنها في النهاية حتى تم السماع فيها لمداولات 42 نائباً برلمانياً ولكنها بدأت بتقرير لجنة التشريع والعدل وحقوق الإنسان، حول مشروع القانون والذي قرأه رئيس اللجنة عثمان آدم نمر، مبيناً أن لجنته شرعت فور تسلمها مسودة القانون في يوليو الماضي في دراسته دراسة تفصيلية وأفردت له 3 ورش عمل، تناولت الأولى السجل المدني كأساس للسجل الانتخابي، بينما ناقشت الثانية انتخاب رئيس الجمهورية والوالي والمجالس التشريعية والمحلية، وأفردت مساحة الورشة الثالثة لمناقشة الحملات الانتخابية والتمويل والاقتراع والأساليب الفاسدة فيها، فضلاً عن إجرائها العديد من الاجتماعات واللقاءات مع عدد من الأحزاب المحاورة والمعارضة، مبيناً أن الدراسة والتقصي والفحص، أوصلت اللجنة إلى 3 قضايا خلافية شملت المادة 6 من القانون، التي تتحدث عن تكوين مفوضية الانتخابات وعضويتها والمادة 23 التي تتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية والوالي، والمادة 26 المتعلقة بتكوين الهيئة التشريعية القومية وانتخاب عضويتها وعدد مقاعد البرلمان، مبيناً أن اللجنة ستخضع الأمر لمزيد من الحوار والتشاور مع القوى السياسية للوصول إلى التوافق المطلوب في مرحلة العرض الثالث.

خلاف مرجعية القانون

بدا واضحاً أن هناك تجاذباً بين الأحزاب التي دخلت البرلمان عن طريق الحوار وأعضاء المؤتمر الوطني، إذ أن أعضاء الحوار يركزون على أهمية أن تكون مرجعية القانون مخرجات الحوار الوطني، فيما يرتكز آخرون على أن المرجعية الأساسية تكون الدستور قبل مخرجات الحوار الوطني.

وقال العضو عبد العزيز إبراهيم المعين ضمن أحزاب الحوار، إن المرجعية الأساسية للقانون يجب أن ترتكز على الحوار الوطني قبل الدستور وذلك ما اتفق معه فيه القيادي بحركة الإصلاح الآن حسن عثمان رزق، مشدداً على أهمية أن تكون مرجعية القانون مخرجات الحوار الوطني لا الدستور، مشيراً إلى أن الوثيقة الوطنية تجب الدستور باعتبارها تحتم تعديله إن تعارض معها، داعياً لأهمية أن تكون هناك مادة مكتوبة في القانون تؤكد مرجعيته الحوارية..

لكن بالمقابل يؤكد رئيس اللجنة، عثمان آدم نمر أن مرجعية القانون تشمل الدستور، ومن ثم مخرجات الحوار، فيما اعتبر حسن محمد صباحي أن المرجعية التي يعتمدها فقط هي الإنقاذ والرئيس البشير، وقال “أحزاب وحركات مسلحة اتلموا اتلموا في القاعة واتحاوروا دون أن يأخذوا رأي أصحاب المصلحة”.

المواد الخلافية

لم يقف الأمر عند المواد الخلافية التي ذكرها رئيس لجنة التشريع والعدل في تقريره، لكن واضح أن هناك خلافات كبيرة بين القوى السياسية حول القانون، بداية من طريقة طرحه وزمن طرحه، لدرجة أن رئيس كتلة التغيير أبو القاسم برطم طالب بإرجاء نظر القانون طالما قرر البرلمان إجازته بالتوافق، لكن نائب رئيس البرلمان أحمد محمد التيجاني أوضح أن القانون ملزم، مشيراً إلى وجود اختلاف في 7 مواد حول القانون يمكن تلافيها، مؤكداً حرصهم في المجلس على التوافق، مشيراً إلى أن القانون مر خلال طرحه في مجلس الوزراء بخلافات أيضاً حول انتخابات الوالي وحول الكلية الانتخابية تم تلافيها بالتوافق.

لكن رئيس لجنة الطاقة والتعدين السماني الوسيلة أكد وجود عدد من المواد تحتاج أن تدرج ضمن المواد المختلف حولها لمناقشتها منها المادة 27 والمادة 30 والمادة 32، فيما اعتبر عضو المجلس القيادي بالمؤتمر الوطني الأمين دفع الله أن الخلاف حول عدد محدود من المواد من أصل 110 مادة يشملها القانون أمر ليس بالعسير ويمكن التوافق حوله خارج القبة قبل طرح القانون في مرحلة العرض الثالث.

اجتماع التوافق

رئيس لجنة الإعلام والاتصالات، رئيس حزب منبر السلام العادل المهندس الطيب مصطفى أشار إلى أن التوصية التي جاء بموجبها قانون الانتخابات قد تم اعتمادها بعد نقاش كبير داخل أورقة الحوار الوطني، وكشف عن اجتماع تم أمس الأول لمكونات الكتل والأحزاب البرلمانية تم الاتفاق فيه على طرح القانون في مرحلة السمات العامة وإجازته على أن تتم إجازته خلال مرحلة العرض الثالث والرابع بالتوافق، مبيناً أن رئيس البرلمان تعهد بأن يتم التوافق حول جميع المواد الخلافية، داعياً لأن يمر القانون في هذه المرحلة كونها مرحلة تنظر فقط في مواءمة القانون ومدى الحاجة له وعدم مخالفته للدستور أو لأي قانون آخر، وذات الأمر قاله القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل علي محمد أحمد الحسن الذي أشار للاجتماع مع الأحزاب والاتفاق المسبق، بيد أنه أكد أن المرحلة المقبلة ستشهد نقاشاً في كل التفاصيل.

اتفقت مع ذلك الاتجاه الناطق باسم هيئة نواب المؤتمر الشعبي سهير صلاح، داعية للعمل على التوافق لتوريث الأجيال المقبلة فهماً جديداً في السياسة السودانية.

موقف مختلف

وإن كانت جميع الأحزاب والمكونات السياسية ترى أهمية أن يجاز القانون في مرحلته الحالية، إلا أن كتلة التغيير التي تضم النواب المستقلين وعددا من أعضاء الحوار الوطني، كانوا يرون أن الوقت غير ملائم لطرح القانون.

يقول رئيس الكتلة، أبو القاسم برطم، إنهم لا يرفضون القانون، بيد أنهم ليسوا جزءاً من التوافق الذي يتحدث عنه نواب البرلمان، كونهم لم يشاركوا فيه، مشيراً إلى أن المنهج المتبع داخل المجلس لا يمثل منهج الحوار، مبيناً أنهم سيعملون على مناهضة القانون على اعتبار أنه لا يصب في مصلحة المواطن التي تعهدت الكتلة أن تكون مدافعة عنها والانحياز للمواطن أينما طرحت قضية تمسه، وأوضح عضو الكتلة د. عبد الجليل عجبين أن القانون بشكله الحالي معيب جداً كونه يسمح لضابط الانتخابات في أي مركز إلغاء نتيجة الانتخابات دون إجراء أي تحقيق أو الرجوع للقاضي المختص، ولوحت الكتلة بالوقوف ضد القانون، مبينة أنها أجرت تحالفات مع 6 أحزاب داخل البرلمان للعمل ضد القانون.

الخرطوم: محجوب عثمان
صحيفة الصيحة