عالمية

كيف حاول هتلر استخدام البعوض لهزيمة الحلفاء؟

منذ منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، لم تتردد إمبراطورية اليابان، أحد أهم حلفاء #ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، في إجراء تجارب على البشر بمقرات الوحدة 731 المتمركزة بمنطقة هاربين (Harbin) بإقليم منشوريا الصيني.

وأقدمت اليابان إثر نجاحها في غزو هذا الإقليم وإعلان قيام دولة مانشوكو (Manchukuo) على أراضيه على إنشاء مختبرات الوحدة 731 بهذه المنطقة، لتبدأ تدريجيا بإجراء جملة من الأبحاث لتطوير أسلحة بيولوجية.

وإضافة للبرنامج الياباني بهاربين، امتلكت ألمانيا خلال فترة الحرب العالمية الثانية برنامج تسلح بيولوجي. وبحسب العديد من المؤرخين المعاصرين، عمدت ألمانيا إلى إنشاء عدد من المخابر المخصصة للأبحاث البيولوجية بمعسكرات الاعتقال الجماعي، وداخلها استخدم الباحثون الألمان الأسرى كفئران تجارب.

وما بين عامي 1941 و1942، أمر قائد وحدات الإس إس الألمانية والمعروفة أيضا بشوتزشتافل (Schutzstaffel)، هاينريش هملر (Heinrich Himmler) بإنشاء مختبر أبحاث بمعسكر الاعتقال بداشو (Dachau) لمواجهة عدد من الأمراض التي طالما أرّقت القوات الألمانية، ولعل أبرزها مرض التيفوئيد والذي سجّل انتشاره بين الجنود الألمان.
وإضافة إلى حماية الجيش الألماني من الأمراض، كان لدى مركز الأبحاث بداشو هدف ثانٍ خالف المواثيق الدولية لتلك الفترة، حيث اتجه الألمان نحو إجراء جملة من التجارب على الأسرى في سعي منهم لدراسة مرض الملاريا وطرق انتقال العدوى. فضلاً عن ذلك، عمد الباحثون إلى إجراء دراسات على البعوض لاعتماده من أجل نقل هذا المرض.

وبحسب الخبراء المعاصرين، حاول الألمان من خلال مثل هذه التجارب خلق نوع من البعوض الذي يحمل مرض الملاريا، والقادر على العيش لأيام بدون غذاء، وذلك بهدف استخدامه ضد الحلفاء عن طريق نقله بالطائرات داخل حاويات وإلقائه من الجو على مدنهم وجنودهم المتواجدين بالجبهة.

وبناء على بروتوكولات جنيف لسنة 1925، حرمت ألمانيا من استخدام الأسلحة البيولوجية، والأسلحة الكيمياوية، الأمر الذي فضّل أدولف #هتلر احترامه، حيث أكد القائد النازي رفضه استخدام مثل هذه الأسلحة تجنبا لإمكانية اعتمادها ضده من قبل الحلفاء بشكل انتقامي.

وفي المقابل، لم يمانع هتلر في استخدام مثل هذه الأسلحة ضد المعتقلين بمعسكرات الاعتقال الجماعي، حيث اتجه الألمان نحو الاعتماد على الغازات الكيمياوية داخل غرف الموت والمعروفة أيضا بغرف الغاز.

في غضون ذلك، وبحسب ما نقله المؤرخ المعاصر فرانك سنودن (Frank Snowden)، لم تتردد ألمانيا في تجربة هذا السلاح البيولوجي الجديد على أراضي حليفتها #إيطاليا عقب سقوط مناطق واسعة منها بقبضة الحلفاء.

ومن أجل معاقبة الإيطاليين على تخليهم عن الدوتشي بينيتو موسوليني (Benito Mussolini) واصطفافهم خلف الحلفاء، أقدم الألمان على استخدام البعوض الحامل لمرض الملاريا بعدد من المناطق الفلاحية الغنية بالمستنقعات، والواقعة على طريق روما.

ولتبرير استنتاجه، نقل المؤرخ فرانك سنودن جملة من الإحصائيات الرسمية المسجلة ما بين عامي 1943 و1944 بهذه المناطق البالغ عدد سكانها 250 ألف نسمة حينها، والواقعة على الطريق نحو روما.

وفي حدود سنة 1943، بلغ عدد الإصابات بمرض الملاريا بهذه المناطق 1217 حالة فقط، لكن خلال سنة 1944 ارتفع العدد بشكل مذهل ليبلغ 54929 حالة، وفي مقابل ذلك لم يصب الجنود الأميركيون والبريطانيون المتمركزون هناك بهذا المرض عقب حصولهم على تطعيم ضد الملاريا قبل إرسالهم إلى الجبهة.

وفي الأثناء، تواصل انتشار الملاريا بهذه المناطق إلى حدود خمسينيات القرن الماضي حيث تم التخلص من هذا المرض بشكل نهائي عقب قيام السلطات الإيطالية بتجفيف المستنقعات، الأمر الذي أدى تدريجيا إلى زوال البعوض.

العربية نت