وبالتأصيل أيضاً يا معتز
لا يظنن ظان أننا حينما نتحدث هنا في سياق تسارع انهيار قيمة العملة الوطنية..
و بلوغ سعر صرفها أكثر من الخمسين ألف جنيه (بالقديم الحقيقي) عن موضوع تجنيب الأموال العامة .. نتحدث عن أمر ليس سبباً في الأزمة أو لا يتصل بسببها ..كلا فالتجنيب هو أحد أهم أركان الأزمة الثلاثة إلى جانب تحديد الحكومة لسعر صرف يتعايش مع سعر السوق الحقيقي ويرتبط باستغلاله لصالح مضاربات حكومية تخدم تغطية بنود صرف خارج الموازنة.
> والأزمة هنا نقصد بها استمرار تراجع قيمة العملة و بالتالي وبالتالي تصاعد حدة غلاء الأسعار.. وبذلك لو حسبت لبيت بسيط وفقير أقل صرف شهري فنتيجته أكثر من عشرة ملايين جنيه (بالقديم الحقيقي) في حين أن أفضل البيوت الفقيرة دخلها الشهري أقل من ربع هذا المبلغ .. والسبب هو التجنيب الذي لا ضرورة له ..لكنها الجهالة و سوء الإدارة ..ولأن رئيس الوزراء معتز موسى يجتهد في تحسينها فإن الأساس لذلك هو إلغاء التجنيب تماماً.. ويكون على كل مؤسسة أن تقوم بالعمل المنوط بها المعروف، وليس الاستثمار وجلب الموارد المالية لتشكيل كتلة نقدية غير طبيعية تفلت من ضبط عرض السيولة وبذلك تتراجع قيمة العملة الوطنية.
> فلا تظنن أننا نكثر الحديث عن تجنيب الأموال العامة.. وكأننا نتحدث عن سيارات الوزراء وأعضاء البرلمان ..فهي لو سحبت منهم فهل ستباع في معارض الدلالة للحصول على خمسة ملايين دولار ..أم ستستخدمها في مؤسسات حكومية .. وبنفس الصرف على الوقود والزيوت والصيانة والقيادة (كأنك يا أبوزيد ما غزيت) كما يقول المثل؟.
> تجنيب الأموال العامة مرض نقدي يصيب قيمة العملة الوطنية بالتراجع وفقدان القيمة ..فهو مثل مرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز)عند الإنسان المصاب به . يبدأ مجهولاً به ثم يتفاقم .لتظهر أعراضه الخطرة .
> والآن بالتجنيب تصاب العملة الوطنية بفقدان مناعة القيمة لتظهر الأعراض كسعر صرف خيالي بواقع ثلاثة وخمسين ألف جنيه (بالقديم الحقيقي) و ثلاثة وخمسين جنيه بالجديد التجميلي.
> و لا شيء يمنع أن يكون التوسع في قنوات الإيرادات المالية تحت ولاية وزارة المالية حسب لوائحها و ضوابطها و قوانينها حفاظاً على قيمة العملة ..لكن أصحاب القرار في ذلك ليسوا اقتصاديين ..وحتى معتز رئيس الوزراء ووزير المالية و(التخطيط الاقتصادي )، كانت دراسته الجامعية العلوم السياسية وليس الاقتصاد البحت ..للأسف.
> لكن ليست هناك مشكلة ..فيمكنه أن يستعين ببروفيسورات و دكاترة الاقتصاد البحت .. وخاصة المتخصصون في دائرة أكاديمية ضيقة في الشؤون النقدية.. وقيمة العملة..وسياسات استقرار سعر الصرف وأسعار السلع والخدمات..
> ومثل علماء الاقتصاد هؤلاء بالطبع يعلمون بأن تجنيب الأموال العامة هو الأسوأ في عملية تراجع قيمة العملة ..لأن وزارة المالية في وضع الموازنة لا تحسب الأموال العامة المجنبة.. وتتدفق سيولتها – بعد مصادقة الموازنة- وكأنها أموال مزورة.. وتؤثر ذات التأثير السلبي للأموال المزورة ..فهي مثلها ليست مرصودة و لا محسوبة ضمن الكتلة النقدية المصادق عليها بحسب تغطيتها بحجم الإنتاج واحتياطي البلاد من النقد الأجنبي والذهب.
> الحفاظ على قيمة العملة ليس لعباً.. وهو مسؤولية شخص مسمى المحافظ ..إنه محافظ البنك المركزي ..فكيف سيحافظ عليها دون إلغاء التجنيب ؟.
> والتأصيل هنا هو أن إلغاء التجنيب وإلغاء السعر الرسمي للصرف وتقييد الاستيراد إلى درجة الألم التجار من قبيل العمل الصالح.. و القرآن يقول “من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً و لا يشرك بعبادة ربه أحداً”. فالعمل الصالح هنا عدم التسبب في الغلاء وزيادة حدته بتجنيب الأموال العامة.
غداً نلتقي بإذن الله …
خالد حسن كسلا
صحيفة الإنتباهة
لقد أسمعت إذ ناديت حياً *** لكن لا حياة لمن تنادي