الاقتصاد .. تقاطع السياسة والإصلاح
اكتظت قاعة الشارقة أمس، بحضور حاشد من الخبراء والمختصين في الشأن الاقتصادي والاعلاميين للمشاركة في منتدى “الاقتصاد السوداني..
تحدي السياسات واستحقاقات الإصلاح”، والتي أقامتها صحيفة (إيلاف) الاقتصادية بالتعاون مع مركز التنمية والسياسات العامة، والذي أكد فيه رئيس مجلس الوزراء وزير المالية معتز موسى ارتفاع معدلات الفقر واعتبره مؤشراً خطيراً يجب محاربته بالسياسات والادارة السليمة، ومن ثم الموارد والتي ليست دوماً كفيلة بإزالته وأن التضخم وسعر صرف العملة لهم دور كبير في افقار الناس. وأكد أن أي برنامج اصلاح اقتصادي لا يراعي التحكم الجذري والشامل والتضخم وسعر الصرف، لن يحقق المطلوب. مقراً بمواجهة الاقتصاد السوداني لتحديات ولكنها من طبيعة الأشياء.
ونفى معتز أن الاقتصاد السوداني قد خضع لسوء ادارة مفتعل من قبل الحكومات المتعاقبة، مشيراً لتباين نسب النمو عبر فترات طويلة مما يتطلب الدراسة بعمق لتعديل المسار، منبهاً الى هشاشة الاعتماد على مورد واحد والذي جربه الاقتصاد السوداني وظهرت نتيجته مع اول اختبار كما حدث بعد انفصال الجنوب.
وأوضح معتز أن ارتفاع البطالة وسط الشباب، مؤشر خطير مع عدم مقدرة الاقتصاد على توليد الوظائف، وطالب باشتراط قانون الاستثمار بوضع فرصة لتوليد الوظائف اضافة الى ادخال التقنيات وإحلال الواردات عبر تدوير موارده باستمرار والخروج من نظرة “كتر خيرهم جونا” نحو المستثمرين.
ونبه لأهمية دور القطاع الخاص وفقاً لعمل حقيقي ولا يعتمد على الحجز وقطع وزير المالية بأن شبكة الأمان الاجتماعي من أولى واجبات الدولة، ونبه لأهمية أن يكون النظام المصرفي آمن ومستقر. وقال إن قدرته على إعطاء الاقتصادي الكلي رئة ثانية يتنفس بها أحد مؤشرات سلامة الجهاز المصرفي.
ودعا الى الصبر على مسار الاصلاح الشاق الذي سيكلف جهداً ووقتاً، مؤكداً عدم حمايتهم احد او تمييز جهة (في سوق الله اكبر)، وقال إن الصرف على الامن (ما كاش في جيب الناس) والدولة مع سد الثغرات بموارد حقيقية والشفافية والعدل مع عدم اختزال حاجة الوطن واتاحة الفرصة للمواطنين دون حزب وانتماء وتوجه.
وفي جانب القروض الخارجية افصح معتز أن بعض الصناديق لم تأخذ حقوقها ولكنها توقفت وتم الاتفاق مع الصندوق السعودي والكويتي على جدولة لاربعين عاماً لاستئناف العمل في التنمية وهي عملية مشروعة، ووصف معتز السوق الموازي والتهريب بالعدوين للاقتصاد بسبب تضارب السياسات في بعض الفترات.
وخلال حديثه اجمل استاذ الاقتصاد القياسي بجامعة الخرطوم بروفيسور ابراهيم اونور تحديات السياسة المالية والنقدية في هيمنة الاولى على الثانية مما جعلها غير فاعلة ومحققة للاهداف المطلوبة، مشيراً الى ضعف البنك المركزي في التحكم بسعر الصرف وهيمنة السوق الموازي وسوء ادارة الذهب وتحويلات المغتربين والتي انخفضت في القنوات الرسمية ولا نملك عنها اية احصائية، فاصبحا مصدرين لتقوية السوق الموازي مما زاد من عجز الموازنة بالاعتماد على جيب المواطن لتمويل وليس الاعتماد على الاصول. واضاف أن الضرائب على الارباح ومكاسب رأس المال ضئيلة، وهناك مؤسسات حكومية أشبه بالتجارية لا تسهم، بل تصرف عليها الحكومة.
وأوضح اونور أن النصيب الاكبر من المصروفات يذهب لجهاز الخدمة المدنية المترهلة والتحويلات الولائية للاستحقاقات السياسية وشراء السلع والخدمات واستهلاكها كجزء من منصرفات الدولة. وقال إن تمويل العجز يأتي بالاستدانة من المركزي وتعني طباعة نقود جديدة، كاشفاً عن ضعف الصرف على القطاعات الانتاجية والبنية التحتية واتساع الفجوة بين الانتاج وصادر الذهب وهو دليل على زيادة حجم التهريب مما أصبح يغذي السوق الموازي مع تحويلات المغتربين.
ودعا الى ضبط الانفاق العام وتقرير مبدأ الشفافية في ادارة الموازنة ووضع آلية اكثر عدالة بخصوص التحويلات الجارية وربطها ببرامج تنموية وتمكين المركزي من احتواء التضخم واستقرار سعر الصرف مع تحجيم الولايات لتخفيض الصرف عليها.
من جهته كشف استاذ الاقتصاد بجامعة النيلين د.حسن بشير أن موازنة العام 2018م لم تظهر اية ايجابيات، ووصف حالة الاقتصاد بالمأزق القومي بجوانبه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مما جعل العجز فيها يصل الى 5 مليارات دولار، كما أنها ادت الى هروب جزء كبير من الكتلة النقدية الى خارج الجهاز المصرفي وانخفاض صادرات الثروة الحيوانية، مؤكداً ان تراجع الاقتصاد السوداني ينفي وجود عملية النمو، وتوقع بشير موجة من التضخم مدفوعة بتكاليف الانتاج والواردات بعد تحرير الجنيه اضافة الى تدهور قوته الشرائية في حال رفع المرتبات فورياً وطالب بمعالجة الازمة السياسية واعادة هيكلة اجهزة الحكم.
الخرطوم:رباب علي
صحيفة الإنتباهة