تحقيقات وتقارير

خلت اليومين الماضيين من الأموال الصرافات الآلية … جفاف بعد سيولة


خلت الصرافات الآلية في اليومين الماضيين من الأموال وتوقف عدد كبير منها عن مد عملاء المصارف بالكاش..

ورصدت الصيحة –في جولة ميدانية أمس بوسط الخرطوم- توقف عدد من الصرافات وخلوها من المال، فيما شكا عدد من العملاء من صعوبة الحصول على جزء من مدخراتهم بالبنوك عبر السحب من الصرافات الآلية، وأعاد المشهد للأذهان خروج أغلب الصرافات عن العمل في الأشهر المنصرمة بسبب أزمة شح السيولة، فيما شكك خبراء ومختصون في صدقية الأحاديث الحكومية عن حل مشكلة السيولة ومد البنوك بالأموال يوميَّا دون توقف.

خلو الصرافات الآلية

وتجولت الصيحة” أمس في عدد من الصرافات الآلية بوسط الخرطوم، والنتيجة واحدة وهي عدم وجود أموال في هذا الصراف، أعدنا الكرة أكثر من 7 مرات بصرافات تتبع لبنوك مختلفة بلا جدوى، حينها تيقنا أن الصرافات الآلية بالفعل “خاوية على عروشها”.. وخلال الجولة قال كل من صادفنا في مدخل إحدى الصرافات أن محصلة تجواله بحثًا عن مال لم تكلل بالنجاح برغم طوافه على عدد من منافذ الخدمة، وشكلت الاستطلاعات مجتمعة تعزيزًا لفرضية وجود أزمة سيولة بالبنوك، وهي الحقيقة بلا مداراة.

إختبار النجاح

سنعود للوراء قليلًا لنتعرف على خطوات حل المشكلة وهل تمت بنجاح أم لازمتها عقبات.. وهنا نستحضر توجيه رئيس الوزراء معتز موسى، قبل نحو أسبوعين بمعاقبة المصارف التجارية الممتنعة عن تغذية الصرافات الآلية لأكثر من 24 ساعة بفرض عقوبات مالية، وهو السؤال الذي يؤكد بجلاء مواجهة سياسات الحكومة لعقبات حالت دون تمكنها من تنفيذ تعهداتها بمد المصارف بالأموال، وإلا لما عجزت البنوك عن تغذية الصرافات الآلية.

وخلال ذات التوقيت تعهد بنك السودان المركزي عبر منشور رسمي صادر عن الإدارة العامة للعمليات المصرفية باستعداده لمقابلة طلبات المصارف بالعاصمة والولايات، وأكد المركزي تسليم المصارف كامل احتياجها لتعبئة الصرافات الآلية، وأشار إلى أنه تم إرسال الإرساليات النقدية إلى فروع بنك السودان المركزي بالولايات لمقابلة طلبات المصارف بالولايات، والاستمرار فى تغذية الصرافات الآلية طوال الفترة القادمة ومراقبة أداء الصرافات الآليه عبر نظام التحكم الإلكتروني طوال اليوم.

مشكلة اقتصاد كلي

الخبير المصرفي د.خالد الفويل قال لـ “الصيحة” أمس، إن إجراءات الحكومة لمعالجة أزمة السيولة تحتاج لمزيد من الوقت، فهي حاليًّا برأيه غير قادرة على ذلك مشيرًا إلى أن التحسن يكون تدريجيًّا وحل مشكلة تراجع العملة ومعالجة أي اختلال لضمان عدم العودة للوضع السابق، موضحًا أن الحل يتمثل في تطبيق حزمة كلية من السياسات الاقتصادية لأن الأزمة ترجع لاقتصاد كلي، ورهن نجاح المصارف في تلبية مطالبات العملاء باستعادة ثقتها فيهم أولًا وجذب المدخرات والودائع للمصارف.

فشل التعهدات

عليه.. فثمة ما تسبب في عدم تطبيق تلك التعهدات، وهنا يكشف مصدر بأحد البنوك التجارية، في حديث لـ “الصيحة” أمس، عن عمل جميع صرافات البنك بشكل معتاد حتى ليل الخميس وصباح الجمعة الأول من أمس ، موضحًا أن الأرجح هو عدم تغذية الصرافات بعد نفاد الأموال الموجودة فيها، وهو الرأي الأكثر مقبولية لجهة أن توقف الصرافات كان يوم الجمعة وتواصل حتى مساء أمس.

يضيف المصدر- أن أحد المطالبات الرئيسية التي دفعت بها المصارف للبنك المركزي تتمثل في “استمرارية تسليم الأموال” التي بدورها تمكن البنك من تغذية صرافاته، موضحًا أن الخلل بطبيعته غير مساءل عنه البنك صاحب الصرافة، بقدر ما هي مسؤولية البنك المركزي الذي لم يمكن المصارف من الأموال اللازمة لتغذية الصرافات، قاطعًا بأن ورود أي مبلغ للمصرف يعني تلقائيًّا تمكين العميل من الحصول عليه سواء عبر منافذ البنك وأفرعه أو عبر الصرافات الآلية، وأما العجز- بحسب المصدر- يرجع للأسباب سابقة الذكر “عدم مد البنك المركزي للبنوك بالمال”.

مطالب البنوك

تتمثل أبرز مطالب البنوك في استمرار التغذية بشكل دوري حتى لا تحدث فجوة علاوة علي إعادة ثقة العملاء وجذب أموالهم المدخرة خارج المصارف وهي كتلة نقدية كبيرة وجذب الودائع للبنوك. وشهد الشهر الماضي قيام البنوك بتغذية الصرافات الآلية بمبلغ 22 مليار جنيه مما أدى لتشغيل 84% من الصرافات الآلية الموجودة بالخرطوم توجد بها نقود وتواصل عملها دون انقطاع، ولكن ذلك لم ينه مشكلة شح السيولة كليًّا، حيث ما تزال البنوك تصرف للعميل مبلغ ألفي جنيه حال كان حسابه بنفس الفرع، وألف جنيه للحسابات بفروع أخرى.

وأعادت أزمة شح السيولة بالصرافات السؤال حول عودة المضاربة في العملات، وهو نشاط ما يزال مستمرًا لإدراك المضاربين بصعوبة تطبيق الحكومة لتعهداتها- على الأقل في الوقت الحالي- وليس بعيدًا عن الأذهان تحول الكاش إلى سلعة تباع بهامش ربح 10% زيادة عن سعر الشيك أو تحويل المبلغ بحساب التاجر قبل تسليم الكاش منقوصًا من نسبة الـ “10%”.

الخرطوم: جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة.


تعليق واحد