مقالات متنوعة

الكدكدة!


في ظل المتغيرات الكثيرة في الواقع السياسي والاجتماعي السوداني وبروز العديد جداً من الممارسات والأنماط السلوكية غير المعتادة على الأرض، مما أدى الى بروز شخصيات تساهم في تشكيل الواقع الراهن، رغم افتقارها المريع للمؤهلات القيمية والتراتبية والأخلاقية المطلوبة، مما أدى الى الكثير جداً من التشوهات على الساحة من هذه الشخصيات التي ضلت دربها لعالم السياسة وألحقت به من الضرر ما لن تكفي سنين الدهر كله لإصلاحه.
وكثير من رؤساء أحزاب الفكة، ورئيسات تكتلات (شوفوني) وقادة حركات (الشنطة) ومؤسسي جبهات (علينا جاي) هم من هذه الفئة التي نعنيها هنا، والتي أوردت أهلها ومواطنيها دار البوار.

فالعديد جداً من هؤلاء أصيبوا بالنرجسية السياسية في مداها الأقصي، وتضخيم الذات والشعور بالغطرسة والتكبر وروح الاستعلاء، مهنياً، سياسياً، إثنياً، أكاديمياً أو أياً كان، وزاد من ذلك الشعور بالأهمية وجذب الآخرين بالشعارات البراقة من كفاح ونضال وحرية وليبرالية وانعتاق، مروراً بالجندرة وحرية الفرد وحكم المؤسسة وإطلاق التعبير والمساواة والعدل وغيرها من الترهات التي يطلقها هؤلاء القوم ولا يعلمون معناها حقاً ولا يمارسونها على مستوى الفرد والجماعة.

فمن ينادي بالديمقراطية تجده لم يعقد مؤتمراً لحزبه منذ خمسين عاماً أو يزيد، ومن يطالب بالتداول السلمي للسلطة تجده مكنكشاً على كرسي القيادة ويوصي بعدها لبنيه وبناته وآل بيته، ولا عزاء لمن هم غيرهم سوى ترديد الهتافات وركوب الأحصنة في المواكب وارتداء الجبة، سواء كانت من اللالوب أم على المقلوب.

ومن يأتينا منهم منادياً بالحرية والليبرالية وحرية التعبير، يقوم بفصل أي عضو تسول له نفسه الاعتراض على قرار سيادته أو سيادتها، بل وإلصاق أبشع التهم به ومحاولة اغتيال شخصيته وإحراقه سياسياً، حباً في السلطة وطمعاً في فتات مائدة السلطان الممتلئة والمزدحمة بالمتسولين والمتسولات من مناضلي الوهم ومقاتلي الشيشة والسجائر والصعوط وأشياء أخرى هم لها فاعلون، ونحن بها عالمون.
وأكثر ما يميز هذه النفايات السياسية، قيامها بإنشاء أحزاب خاصة بها (حتى تأخد راحتها) في التنظير ومن ثم عمل التشاكس السياسي لإيصال صوتها للأهل في الحكم ومحاولة لفت الانتباه لهم، وبعدها نبدأ مرحلة التلويح ببعض العلاقات الخارجية المزعومة والتي لا تتعدى المعرفة الشخصية، من أجل زيادة الضغط لنيل المراد، عملاً بقول الشاعر الشحاذ:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك أن شيمتك الحياء
ولا بأس من بعض المظاهرات والوقفات والاحتجاجات وتبني قضية أحد الشهداء أو المعتقلين لكي (يحلو الأمر) وتنطلي المسرحية على الجميع.
وفي النهاية تلتقط السلطة القفاز، وتلقي عظماً لهم لكي (يكدوه) في مجالس وهمية ومعتمديات شرفية، ولربما كان زوجة أو بعلاً لينكحوه وتبقى الصداقة قرابة ويكسبوا الاثنين، ولكنها سترتاح منهم في الوزارات التي لا يعلم مقرها أحد، بل وتعرضهم في تلفازها وفعالياتها وهم (يواصلون الكدكدة ويكدون بجد) فيا هنيئاً لهم.

خواطر طبيب – أ. د علي بلدو
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. صدقت والله يا سعادة الدكتور !!! فعلاً بحق وحقيقة مصيبتنا نحن الشعب السوداني في السياسيين الذين وصفتهم بكل دقة، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك فقد أوردو البلاد والعباد موارد الهلاك، اللهم عليك بكل سياسي سواء في الحكومة أو في المعارضة يعمل على تخريب وتدمير ما تبقى من البلاد، ويعمل على أذية العباد، اللهم عليك بهم عاجلاً غير آجل، وأكفنا شرهم وأبدلنا خيراً منهم عاجلاً غير آجل يا قادر يا كريم يا رؤوف يا رحيم.