مقالات متنوعة

حتى لا تكون( عروس مولد )


الاستثمارات التركية في السودان ..و رغم إنها مسبوقة باستثمارات بعشرات المليارات من الدولارات و تعاظمت منذ بداية عهد البشير الثاني عام2002م ..أي بعد قرارات الرابع من رمضان ..إلا أن السودان لم يكن في حاجة إليها و هو حينها بدأ يقبض عائدات النفط ..و رغم اموال الاستثمار و اموال النفط و اموال الصادرات غير النفطية المعززة بعائد النفط ..فلم ير المواطن إلا غابات إسمنتية .
> و جزء من الاستثمارات الأجنبية هذا الإسمنت ..و بدلاً من أن يكون ضمن الصادرات للاستفادة الوطنية . .إلا أن البلاد تفتح المجال للاستيراد كما تفتحه لاستيراد السكر رغم وجود خمسة مصانع تنتجه..الأسمنت المنتج لا يكفي مشاريع الغابات الأسمنتية ..و لذلك لا داعي أن يكون انتاجه باستثمار أجنبي يبيعه المنتجون في الداخل و يحولوا ارباحهم إلى الخارج بالنقد الأجنبي ..و يتضرر السودان من ذلك .
> هذا ما لم تفطن إليه الحكومة السودانية ..و هو الأمر الذي يستغله ابشع استغلال اصحاب الاستثمارات الأجنبية ..و ربما يظنون أن البلاد خاوية من أساتذة و خبراء و كليات الاقتصاد ..لكنها خاوية فقط من تنفيذ فكرة ( اعط العيش لخبازه )
> لكن الاستثمارات التركية تختلف .. فهي ايجابية بالفعل ..و مجرد وجودها قد يعني امتداد الأثر الاقتصادي التركي إلى السودان ..و من بنوا الخرطوم في العام 1825م بعد نقل العاصمة إليها من ود مدني ..و بنوا قبلها ود مدني نفسها _رغم تآمر و نفاق أسرة محمدعلي باشا _ يستطيعون اليوم أن يبنوا صروح الاستثمارات ( الايجابية )بخلاف الاستثمارات السلبية القادمة من الخارج .
> و تلك سلبية لماذا ؟؟ لأن اغلب عائداتها من الخدمات لا الانتاج ..و هذا ما ظل يسهم مع الحكومة في استهلاك النقد الأجنبي ..فأولئك يريدون التحويلات إلى الخارج من اموال انشطة ليست انتاجية ..و الحكومة تريد المضاربات من خلال عشرات الشركات ..لتغطية بنود صرف خارج الموازنة .
> لكن انتاج الاستثمارات التركية يمكن أن يكون ضمن الصادر ..فالانتاج تصدره لكن الخدمات فلا . .و حتى التحويلات التركية يغطيها عائد صادر انتاجها ..و تبقى الانتاجية في الداخل بذلك مدعومة ..و تغني عن استيراد كثير من السلع الغذائية بالاستثمار التركي في الزراعة ..و بذلك يتوفر قدر كبير من النقد الأجنبي لصالح مدخلات انتاج و علاج و تعليم على سبيل المثال .
: > لكن حتى لا تكون هذه الاستثمارات التركية المتنامية في البلاد مثل (عروس المولد )جميلة الشكل لكنها إلى زوال بالتهامها كحلوى يحبها الصغار ..أي أن يستفيد منها المواطنون بالفعل في معيشتهم ..فلا بد من اعادة تشكيل أرضية السياسات النقدية و المالية و التجارية في الداخل ..
> فالأرضية الحالية السيئة جداً هذي هي ما حرمت المواطنين من الاستفادة من عائدات الصادرات و الانتاجية بالداخل و حتى من مصارف الزكاة ..فعجزت الدولة عن تأسيس البنى التحتية للصناعات و الانتاج الزراعي و الحيواني ..و رغم الاحتفالات و الرقص لاستخراج النفط ..و رغم تباشير استخراج الذهب..فإن الميزان التجاري يتفاقم عجزه بغزارة السلع المستوردة ..و اغلبها ليس بالضرورة استيراده طبعاً..لكنه عدم الهمة الرسمية.
> و السودان محظوظ بجيش ذكي محترف فنان في أساليب اعادة الاستقرار كلما تدفق على مؤامرة دعم غربي و صهيوني و عربي ..نعم عربي خاصة في بداية التسعينات ..و لكن تركيا في عهدها الديمقراطي الأخير كانت و مازالت من الدول النزيهة في علاقاتها مع السودان ..علاقات بدون نفاق و بدون استخفاف و استعلاء ..
> إذن لا ينبغي أن تكون استثماراتها المتنامية (عروس مولد )نسر بمنظرها ثم نتذوق حلاوة جسدها ..ثم لا شيء ..مثل عائدات النفط تماماً التي كان ينبغي أن تكون الآن عبارة عن بنى تحتية للصناعات و الانتاج الزراعي و الحيواني و منشآت تعليمية بدلاً من سقوط اسقف و جدران فصول المدارس على التلاميذ ..و كل ذلك مع استمرار تدهور قيمة العملة ..و ارتفاع حدة الغلاء.
غداً نلتقي بإذن الله

خالد حسن كسلا
صحيفة الإنتباهة


تعليق واحد

  1. الأخ خالد حسن كسلا، كثيراً ما تقول الحقيقة، لكن للأسف لا ولن يستمع إليها أحد، من تنصحهم يعرفون الحقيقة لكنهم سادرون في غيهم، للحصول على المصالح الشخصية الضيقة جداً، والتي لاتتعدى في بعض الأحيان حتى إلى الأسرة الكبيرة، وتنحصر فقط في الأسرة الصغيرة جداً، عكس طباع وعادات السوادانيين التليدة… اللهم أبدلنا خيراً منهم عاجلاً غير آجل…