(الجماعة) خير و (الفرقة) شر
(الجماعة رحمة) و(الفرقة عذاب) يردد هذه العبارة وما في مضمونها أئمة الإسلام ، وإن التأليف بين القلوب مهمة سامية ، ونعمة من الله عظيمة كريمة ، قال تعالى : (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً) ، فإن فقد الإلفة نقمة .. يحزن عليها ويتألم لفقدها .. وحيث كان التنازع والتناحر والاقتتال عقبه الفشل والهوان قال تعالى : (ولا تنازعوا فتفشلوا) .. فالافتراق مذموم والتحزب للأشخاص والجماعات ممقوت شرعاً، وعواقبه في إضعاف المسلمين لا تخفى مع ما ينتظر أهله من وعيد أخروي .
ونحن في أشد أوقات الحاجة إلى الاجتماع وبذل أسبابه ، والاجتهاد في العمل بالحق الذي يجمع المفترق ويقرب البعيد، هذا ينبغي أن يكون هم المسلم ، فهو مأمور به شرعاً، ويؤكده العقل والواقع. لنحرص على أسباب الاجتماع على الحق ونبتعد عن أسباب الفرقة ومن أهمها الأطماع الدنيوية والتعصب المقيت والإشاعات والقيل والقال.
والواجب الشرعي والفرض المؤكّد يقتضي أن يحرص المسلم على الاجتماع على الحق ويبغض ويبتعد عن الفرقة، ويكون أداة من أدوات الوحدة، ويسهم بقدر جهده وطاقته في ذلك، ومن المعلوم لأولي الألباب وأهل العلم أنه لن تكون وحدة صحيحة وحقيقية إلا إذا اجتمع المسلمون على الكتاب والسنة، فإن الآراء الشخصية والانفعالات العاطفية والولاءات السياسية والمصالح الدنيوية لا تجمع شملاً ولا توحّد صفاً ولا تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً؛ بل هي من أبرز أسباب الفرقة التي يعيشها المسلمون ومن أهم أسباب الضعف والهوان، فإن حال الأحزاب السياسية والفرق كما وصف الله تعالى : (كل حزب بما لديهم فرحون)..
فإن السياسة نراها تتقلّب وتدور مع المصالح الشخصية والأغراض الدنيويّة والتكتيكات الحزبية، ونرى أهلها يدورون في فلك القاعدة الخطيرة (الغاية تبرر الوسيلة)!! فالغاية تبرر لهم الوسائل مهما كانت تلك الوسائل، ولذلك فإنه من المؤسف أن يكون العرف في كثير من بلاد المسلمين أن تسهم ما يسمى بــ (المعارضة) في إضعاف الدولة وتفرح لدمار بلادها وسوء حالها وضياع أهلهم؛ فقد تسهم في ذلك الدمار بطريق مباشر أو غير مباشر!! لأن ذلك سيكون من أسباب وصول تلك المعارضة إلى الحكم!! بل قد يكون – أحياناً – بفهمها هو الطريق (الوحيد) للظفر بالسلطة التي أصبحت غاية عند أهل السياسة وليست وسيلة عظيمة المسؤولية.
وكم من بلاد عانى أهلها وضاقت سبل العيش على شعوبها بسبب تصرفات بعض أهلها ، وهذا الأمر يبين بجلاء أن الهدف من الحكم عند هؤلاء ليس هو كونه وسيلة لإسعاد الشعوب والوقوف معها ونصرة قضاياها والاجتهاد في أداء حقوقها، وإنما الهدف هو المصالح الشخصية والحزبية لتلك الأحزاب، ولست بحاجة لأن أضرب أمثلة أوضح بها ما أقول فإن هذه الحقيقة – للأسف – أوضح من أن يستشهد لها وتضرب لها الأمثلة.
إن من أهم عناصر تحقيق وحصول الاجتماع أن يتم التنازل للمصلحة العامة، وترمى المصالح الخاصة والشخصية، وهذا محكٌ من المحكّات المهمة التي يجب رعايتها، فالمصلحة العامة إذا روعيت وقُدّمت كان هذا من أهم الأسباب المعينة على اجتماع الشمل وجمع الكلمة، ويسجل لنا التأريخ الإسلامي روائع في هذا الباب ، وهو بلا شك مقام عظيم شريف يبين مكانة وشرف تقديم المصلحة العامة على المصالح الخاصة، وقد يصعب على كثير من الناس أن يحذوا هذا الحذو بسبب تفاوت الديانة والإيمان والعلم، وبسبب الركون إلى الدنيا وعقد الولاء والبراء على الفرق والأحزاب والتكتلات السياسية .. وغير ذلك من الأسباب .. لكن واجب النصيحة يوجب أن يقال هذا الكلام ، فلم نتعلم اليأس – ولله الحمد – ، ومحبة للخير لهذا البلد الكريم – الذي كثرت مصائبه وتواصل نزيفه المؤلم الموجع واشتدت معاناة أهله – أردت أن أقول ذلك.
إن على هذه الأحزاب أن تدرك أهمية الحرص على المصلحة العامة وأن تعلم مكانة الاجتماع وفضل الجماعة وليراجعوا مواقفهم ولينظروا في واقع بلادهم وليتفكروا في مستقبلها ومستقبل أهلها وما ستكون عليه أجيالها المتعاقبة.
أقول هذا وأنا أدين الله بأن هذه التحزبات السياسية والتحزب للأشخاص والجماعات من الباطل الذي أفسد في المسلمين كثيراً .. ولا أؤمن بالكذبة السياسية المسماة (الديمقراطية) فإنها مما ضحك به الكفار على بعض المسلمين ولو كان أهل الديمقراطية يطبقونها حقاً لما كانت المسلمة في بعض بلاد الغرب تدفع غرامة إذا غطّت وجهها !!
فلست مقراً لهذه التحزبات فضلاً عن ما يسمى بالمعارضة وأحزاب المعارضة ، فإن في الإسلام يكون الشخص واحداً من اثنين إما : إماماً حاكماً (راعياً) وإما محكوماً من الرعية، وعلى الحاكم واجبات وله حقوق، وعلى الرعية واجبات ولهم حقوق، وعلى الحاكم واجبات يسأله عنها الله تعالى من الحكم بالشرع والعدل بين الرعية وغير ذلك، وعلى الرعية السمع والطاعة في طاعة الله تعالى، والنصوص الشرعية في ضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم كثيرة جداً وقد كتبت مقالات عديدة في هذه القضية.
إن الفرقة مذمومة والاجتماع يجب أن يجتهد في تحقيقه، ولن يكون اجتماع إلا على الحق، وعلى ما جاءنا في شريعة الله في الكتاب والسنة وعلى هدي محمد عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الصراط المستقيم .. الذي أوجب الله اتباعه، وندعو في كل ركعة فنقول (اهدنا الصراط المستقيم) .. وقد حذّر الله تعالى من اتباع السبل والطرق قال الله تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلك تتقون).
أتمنى أن يدرك كل من يعنيهم الأمر في بلادنا أين وكيف يكون الخير لأنفسهم ولدينهم ووطنهم .. ويعملوا بذلك .. والأمر كله بيد الله المالك المتصرّف فهو المستعان و(لا حول ولا قوة إلا بالله) ..
د. عارف الركابي
صحيفة الإنتباهة
المصيبة أنه يا سعادة الدكتور أنتم وأشباهكم أكثر من قاد الفرقة والشتات بين المسلمين بتعصبكم الأعمى لفهمكم الخاص لنصوص القرآن والحديث، وتعصبكم لأقوال علمائكم فقط، رغم مخالفتها لأقوال جميع أهل العلم في المذاهب الأربعة، ومخالفتكم عقيدة السواد الأعظم من المسلمين والتي أجمعت عليها الأمة منذ أكثر من 1300 سنة.
أقول لك بإختصار فاقد الشئ لا يعطيه، وأنت وأشباهك لستم مؤهلون لمثل هذه الدعوة حتى ترجعوا لما أجمعت عليه أمة المسلمين.
أما الحديث عن السياسة والسياسيين فهم مثلكم بلاءٌ أبتليت به الأمة نسأل الله أن يزيله ويولي أمور المسلمين خيارهم ويصرف عنهم شرارهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.