حوارات ولقاءات

السفير السوري في السودان حبيب عباس : زيارة الرئيس البشير إلى دمشق كسر لعزلة سوريا والعلاقات لم تنقطع


ألقت زيارة الرئيس عمر البشير لسوريا ظهر الأحد بالحجر في البركة الساكنة للعلاقات العربية السورية والمبادرات الرامية لحلها، الزيارة التي اعتبرت الأولى من نوعها لرئيس عربي لسوريا منذُ اندلاع الحرب في العام 2011م أسفرت عن كثير من التحليلات والترقب لما يُمكن أن تتمخض عنهُ في مقبل الأيام، وفيما مضت أكثر الآراء للقول بأنها بداية لتحول جديد في المواقف العربية تجاه إعادة تأهيل بشار الأسد ليعيد منظومة العمل العربي المشترك. (السوداني) أجرت الحوار التالي مع السفير السوري بالخرطوم حبيب عباس حول الزيارة، وأجندتها وما يمكن أن يترتب عليها.

كيف ترى زيارة البشير لدمشق؟
حقيقة زيارة الرئيس البشير لسوريا كانت إنجازا كبيرا في العلاقات العربية، وتدلل على استمرار نهج الرئيس البشير تجاه الأزمة السورية منذ بدايتها، إذ كان يرى دائمًا ضرورة عودة سوريا للصف العربي وضرورة الوقوف إلى جانب سوريا في محاربة الإرهاب والعصابات المدعومة من بعض الدول العربية، بالتالي فإن الزيارة مؤشر كبير على تعافي سوريا من هذه الأزمة وهذه الحرب، خصوصا أن سوريا أثبتت على مدى ثماني سنوات من الحرب أن موقفها تجاه الإرهاب ومحاربة الإرهاب كان صائبًا، ونحن نقدر هذه الزيارة وهي زيارة ناجحة بكل المقاييس والمعايير.

تقييمك للتوقيت؟
زيارة البشير لسوريا في كل توقيت هي زيارة مرحب بها، والزيارة مناسبة بالتأكيد في ظل الظروف التي تعيشها الأمة العربية والوطن العربي حاليًا من حرب في اليمن وليبيا وعدم استقرار في العراق، وهناك كثير من الدول العربية يُنظر لها على أنها مستقرة لكن وضعها ليس بأحسن حالا، بالتأكيد هذه الزيارة في وقت مناسب لإعادة جمع الصف العربي والدخول في وجه المخاطر التي تواجهها الأمة العربية مجتمعة.
في تقديرك لماذا اتخذت طابعًا سريًا فلم يعلن عنها إلا بعد وصول البشير للخرطوم؟
طالما أُعلن عنها لم تكن سرية.

لكن لم يُعلن عن الزيارة في بدايتها؟
هذه اتفاقات وترتيبات لستُ مطلعًا على التفاصيل، لكن طالما أُعلن عنها بشكل رسمي من قبل الطرفين فتوقيت الإعلان ربما تأخر ساعة أو ساعتين وهذا أمر بسيط وكهذا قصص تجري في العلاقات الدبلوماسية والزيارات، وخصوصًا الزيارات المهمة.
كثيرون يرون أن الخطوة بداية لكسر العزلة العربية على سوريا؟
بالتأكيد فهذه الزيارة الأولى لرئيس عربي ما يعني كسر للعزلة التي كانت تعاني منها سوريا وخصوصًا أن هناك علاقات سورية مع كثير من الدول العربية، لكن لم يكن هناك تبادل زيارات لأسباب مختلفة. لكن هذه الزيارة كسرت تلك العزلة وتندرج في إطار العلاقات العربية العربية، ومشهود للرئيس البشير شجاعته وانتماؤه العربي أيضًا وهو منذُ بداية الأزمة يرى أن الحل في سوريا يجب أن يكون عربيًا واحتضانًا للدولة السورية من قبل العرب بتجاوز هذه الأزمة، فهذه الحرب حقيقة كانت حربًا ظالمة على سوريا وللأسف بعض العرب ساهم فيها.

هل حمل البشير مبادرة محددة الملامح لحل الأزمة؟
الأزمة في سوريا في الصف الأخير منها، هذه حقيقة، نحن الآن دولة استعادت سيطرتها على أكثر من 93% من الأراضي السورية. الاقتصاد السوري بدأ يستعيد عافيتهُ بشكل جيد، الأمن والاستقرار في جميع المدن السورية أصبح جيدًا، لا يمكن الآن أن نقول إن هناك أزمة في سوريا كما كنا نتحدث في عام 2011م 2013م 2014م أو حتى 2015م، عمليًا سوريا في أواخر أزمتها.

إذن، لم يكن يحمل مبادرة ذات ملامح سياسية؟
بالتأكيد وقطعًا تم التطرّق بين الرئيسين لواقع المشكلة والأزمة في سوريا، وانعكاس ذلك في واقع أزمة العلاقات العربية العربية، بالإضافة للعلاقات الثنائية بين السودان وسوريا، فلم تنقطع السفارات بل ظلت قائمة في كلا البلدين، وكان هناك تبادل لبعض الزيارات الخفيفة والبسيطة. فضلا عن وجود أربع رحلات طيران سوري للخرطوم أسبوعيًا، فالعلاقات كانت جيدة.
ولعل ما حمله الرئيس البشير هو إعادة تفعيل هذه العلاقات وتنظيمها وإعادة ترتيبها إلى ما قبل 2011م ومن ثم تطويرها، فضلا عن العلاقات العربية العربية وعودة سوريا للجامعة العربية بالتأكيد تم بحثه بشكل جيد، إذ إننا منفتحون على أيّ مبادرة تساهم وتساعد ليس في حل مشكلة سوريا فقط بل في وحدة الصف العربي أمام الأخطار التي تُواجهه.

ماذا عن الأزمة مع الدول العربية؟
موضوع الأزمة في العلاقات العربية قائم مع كثير من الدول، وخصوصًا ما يتعلق بموضوع الجامعة العربية، وأعتقد أنهُ أن الآوان للجامعة العربية أن تصحح موقفها الخاطئ الذي ارتُكب في حق سوريا، ما تفضل به الرئيس البشير والرئيس بشار الأسد بخصوص ضرورة إعادة المقاربة للعلاقات العربية كان جوهر هذا الموضوع، فيجب إعادة النظر في العلاقات العربية – العربية بما يخدم مصالح العرب أولًا وثانيًا ثم ثالثًا، لا أن تكون السياسات العربية مرهونة لأجندات خارجية وبتطلعات الدول الغربية وخصوصًا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وغيرها.

ما الذي يمكن أن تعنيه المقاربة العربية مع سوريا؟
هذه المقاربة تعني ضرورة إعادة النظر في العلاقات العربية العربية، ضرورة إعادة جامعة الدول العربية لسوريا، أو إعادة العرب إلى سوريا. حقيقةً سوريا لم تبتعد عن العرب وكان حديث الرئيس الأسد واضحا في لقائه مع الرئيس البشير أن سوريا رغم كل ما مارسهُ العرب ضدها أبقت على إيمانها بالعروبة والعرب، وألا يمكن أن ينجح العرب في تجاوز هذه الصعاب التي تعاني منها إلا بتضامن عربي وإعادة الصف العربي الموحد في مواجهة هذه الأخطار.
هناك من يرى أن الزيارة تأتي عقب حديث مبعوث الأمم المتحدة المنتهية ولايته ستيفان دي ميستورا حول الدستور، وهو ما يلتقي مع تشخيص الخرطوم للأزمة وأن الزيارة تأتي في

هذا الصدد؟
موضوع الدستور موضوع منفصل، موضوع لجنة الدستور تم تشكيله ونحن ساهمنا في هذا التشكيل المطلوب منا، وكنا حريصين على تشكيله بشكل جيد، ولكن أعتقد أن الزيارة منفصلة عن هذا الإطار وما تحدث به دي ميستورا فاللجنة ستعقد أولى جلساتها قريبًا.

صحيفة السوداني.