(الزيارة)… هل لازال السودانيون يحتفظون بـ(حميمية الاستقبال).!
من أبرز الأغنيات السودانية الخالدة هي أغنية (الزيارة) التي صاغها شعراً عبيد عبد الرحمن ورددها الفنان الكبير إبراهيم الكاشف، تلك الأغنية التي تمت صياغتها داخل مستشفى أثناء زيارة الكاشف وعبيد لأحد الأصدقاء المرضى هناك، ولعل تلك الأغنية ربما عكست مدى تعمق مفهوم الزيارة لدى السودانيين بمختلف أنواعها، والتي يتردد أنها فقدت الكثير من البريق بعد الظروف الاقتصادية التي ضربت شواطئ المجتمع السوداني مؤخراً.
(1)
عن الموضوع تقول ربة المنزل (آسيا أبو زيد) إن الشعب السوداني (حنين) رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، ومازال متمسكاً بالزيارات والمجاملات، (يعني لو حصلت أي حاجة تلاقي الأهل والأحباب جنبك وما بقصروا)..وتضيف: (لكن هنالك بعض السلبيات عند زيارة المرضى، فمثلا الطبيب يقول ممنوع الزيارة لكن تلاقي أهله وأحبابو يصرون على زيارته ويتجمهرون بالمستشفى مسببين الضجيج للمرضى).
(2)
الطالب مجاهد الحسن بالمرحلة الثانوية يقول : (الزيارات ممتعة لما تكون معقولة لكن الحاصل من ناس (البلد) مشكلة كبيرة.. يعني الواحد يجي عيان بمرض بتعالج في سبعة أيام لكن يقعد سبعة شهور (كسر ركبة). وأضاف : بعض الناس لايراعون الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت، ومثال لذلك نجد أن البيوت لم تعد كالماضي فنلاحظ أن معظم الأسر قد قامت بإيجار جزء من منزلها، لتلبية الاحتياجات اليومية ويتفق معه في هذا الرأي (مؤيد حسن) خريج من جامعة العلوم والتقانة والذى قال:(أكيد أن الزيارات العائلية وزيارة الأصدقاء شيء جميل، وديننا الحنيف يحضنا عليها، وتناولتها الآيات القرآنية والسنن النبوية حتى تكون في الوضع الأمثل وتؤدي ثمارها المنشودة).
(3)
وأضافت رحاب الفاضل الموظفة بشركة خاصة أن الزيارات في القرى تكون بدون مواعيد وغير منظمة وذلك عكس العاصمة ، ولأن حياة القرى جميلة وبسيطة، حيث يقوم الجيران بتفقد بعضهم في الصباح الباكر محيين بعضهم بعبارات مثل:(كيف أصبحتوا)، وزادت : (لن ننسى ايضاً في هذا الجانب زيارة المقابر، فهي كذلك من أنواع الزيارات التى لا يزال الشعب السوداني يحافظ عليها بانتظام).
(4)
ويرى الباحث الاجتماعي محمد الخليل أن حرص السودانيين على جزئية (الزيارة) هو في المقام الأول دليل عافية، فالتواصل والتوادد والتراحم من شيم الشعوب الأصيلة، والمجتمع السوداني بذلك يؤكد أن نسيجه المجتمعي لايزال أكثر تماسكاً، ويضيف الخليل أن هنالك بعض المتغيرات قد ساهمت بالفعل في إضعاف مفهوم الزيارة، ومن ضمنها الظروف الاقتصادية التي جعلت البعض يتعامل مع الزيارة وكأنها (مسألة إجبارية)، لكن هذا لايمنع من أن الغالبية العظمى من مجتمعنا لاتزال تحافظ على هذه العادة برغم الظروف.
صحيفة السوداني.