تحقيقات وتقارير

(5) وسائل دفاعية تتخذها الفتيات السودانيات ضد (المتحرشين) ..!

ارتفع صوتها وهي تهدده وتتوعده بما لا يسره وسط دهشة الجميع والتي تفاقمت إلى أكثر من ذلك عندما شدته من ملابسه بقوة وهي تصرخ بصوت منقطع (يا منحط يا حقير تتحرش بي وبدون خجل.. أنت ما عند أخوات في البيت …الخ).. هنا فقط أدرك الركاب المستقلون للمركبة العامة معهم أن الشاب قد قام بفعل غير محمود يستحق عليه التوبيخ والإساءة، وتتكرر مثل هذه المشاهد بصورة شبه يومية سواء داخل المركبات العامة أو الأسواق المكتظة بالناس أو أي مكان يكون فيه اختلاط مكثف للشباب من الجنسين، ودائماً ما تكون المرأة أو الفتاة ضحية هذه التصرفات غير الأخلاقية (التحرش) التي تصر من بعض ضعاف النفوس الذين يتبعون غريزتهم الجنسية التي تسيطر عليهم في كل زمان ومكان ولا يستطيعون كبح جماحها.

(1)

هناك مجموعة من السلوكيات غير المرغوب فيها تتراوح ما بين المضايقات اللفظية والاعتداءات الجنسية في الشارع العام التي جعلت عدداً من الفتيات في بعض الدول العربية ممن يتعرضن للتحرش الجنسي بأن يدافعن عن أنفسهن بوسائل عدة ومختلفة قد تكون غريبة بعض الشيء ولكنه آخر ما توصلن إليه، إذ يستخدمن ضد (المتحرش) بهن الصواعق الكهربائية والفلفل الحار كوسيلة دفاع جديدة بعد أن عجزن عن الإساءة والتوبيخ باللسان.

(2)

ولكن في السودان الأمر يختلف تماماً لدى بعض الفتيات اللائي لم يستخدمن بعد تلك الوسيلة الدفاعية المرعبة أعلاها، ولكن هناك مثل يقول: (الشيء إذا فات حده انقلب إلى ضده)، هذا ما جعلنا نطرح السؤال.. هل يمكن للفتيات اللائي يتعرضن للتحرش اللفظي بصورة مكررة أن يستخدمن الصاعق الكهربائي أو الفلفل الحار..؟ أم أن هناك وسائل دفاعية أخرى..؟ أم أن الحياء لدى البعض منهن يمنعهن من القيام بذلك التصرف؟.. لنتابع ما جاء من إجابات حول هذا الموضوع والتي إبتدرتها الطالبة الجامعية م. ح قائلة: (أنا أدافع عن نفسي بأي طريقة يكون في مقدوري أن أدافع بها ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى اقتياد المتحرش إلى قسم الشرطة)، موضحة فيما يختص بالصاعق أو الفلفل الأحمر إذا أتيحت لي فرصة ووجدته وضقت من المتحرشين فلن أتواني لحظة في استخدامه).

(3)

جاءت إجابة الخريجة الجامعية مريم عبد النبي متفقة مع سابقتها م.ح مضيفة (كنا وصديقاتي أيام الجامعة نتعرض للتحرش في المواصلات العامة من بعض الشباب ما جعلنا نحمل معنا “دبابيس” حادة نوخز بها كل من يتجرأ بالاحتكاك جسدياً بهدف التحرش لينال وخزة مؤلمة فيبتعد مباشرة دون أن يتفوه بكلمة، ولكن رأيي أن ما نفعله ليس حلاً للموضوع للتمادي والجرأة التي نجدها من البعض حتى على مستوى كبار السن فلا بد من قانون يردعهم ومجتمع يوبخهم).

(4)

الموظفة هدى محمد الأمين والطالبة رؤى مصطفى أكدتا على استخدامهما أساليب بعينها للدفاع عن نفسيهما ضد من يتحرشون بهما من الرجال وذلك باستخدام الدبوس وفي بعض الأحيان (العض) على الكتف وهذا ما أكدته الموظفة هدى لتكرار تلك المواقف معها بصورة مكررة بأنها في ذات مرة قامت بـ(عض) ضحيتها ولم يعاقبها أحد من المارة. واتفقتا بأنهما سوف تستخدمان الفلفل الحار في حال عدم احترام البعض لهما بالتحرش اللفظي أو الجنسي).

(5)

فسر علماء النفس والاجتماع ظاهرة (التحرش) بأنها مرتبطة بعدة جوانب تتعلق بسلوكيات الفرد التي غالباً ما تكون تحت تأثير ظروف ضاغطة أو انفلات أخلاقي والخروج عن طوق موجهات الأم والأب وشعور البعض بالفراغ والملل ما يجعلهم ينحرفون سلوكياً في الوقت الذي يمتلكون فيه طاقة لم توظف التوظيف الصحيح لذا يكون تفجير تلك الطاقات في سلوكيات عشوائية بغرض التسلية وتفريغ ما بداخلهم من إحباط ليحدث التحرش باللمس (الجنسي)، مشيراً إلى الآثار التي يترتب عليها هذا التصرف بأنها تغيرات فسيولوجية ونفسية مثل الخجل والشعور بالعار الشديد والانكفاء على الذات واضطراب في العلاقات الاجتماعية.

تقرير: محاسن أحمد عبد الله
الخرطوم: (صحيفة السوداني)