تحقيقات وتقارير

أسواق البيع المخفض هل تكبح الغلاء؟


لم تحقق الحلول التي قدمتها الحكومة لمواجهة الغلاء، وخفض ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية،أي جدوى، في وقت ارتفع فيه معدل التضخم لشهر ديسمبر الماضي إلى (72.94%)، مقارنة بـ(68.93%) في نوفمبر الماضي، ويواجه المستهلكون زيادات كبيرة في الأسعار بلغت مستويات قياسية لم تشهدها البلاد من قبل، مما دفع بالحكومة إلى التدخل، وافتتح رئيس الوزراء القومي، وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، “معتز موسى” أسواق الشباب للبيع المخفض، للبيع بسعر المصنع بالساحة الخضراء، بمشاركة أكثر من (50) شركة ومصنعاً، وحوى السوق عرض عدد من السلع والمنتجات الضرورية من بينها السكر والدقيق والزيوت والخضر والفاكهة، وفي اليوم الأول من الافتتاح حظي السوق بإقبال كبير من قبل المستهلكين، وشكا بعضهم من أن أسعار بعض من السلع مثل السكر والدقيق والزيت لم يشملها التخفيض، مؤكدين أن فارق السعر مقارنة مع الأسواق الأخرى ليس كبيراً، كما انتقد آخرون مكان إقامة السوق، حيث رأوا أن مثل هذه الأسواق ينبغي أن تفتتح في المناطق الطرفية والحارات بدلا عن الساحة الخضراء التي تتوسط الخرطوم .

ويبدو أن تدخل حكومة ولاية الخرطوم في معالجة زيادة الأسعار جاء إنفاذا لتوجيهات رئاسة الجمهورية، وموجهات القطاع المتعلقة بالمعالجات والإصلاحات التي تم وضعها بشأن ارتفاع الأسعار وتخفيف أعباء المعيشة، وأكد وزير التجارة والصناعة بولاية الخرطوم، “جعفر أحمد عبد الكريم” أن إنشاء مراكز البيع المخفض ستسهم في ضبط الأسعار مشيراً إلى استمرارهم في افتتاح عدد من الأسواق بالولاية خلال الفترة القادمة، لتغطية كافة المحليات وحتى تكون السلع في متناول الجميع.

وقال رئيس الاتحاد الوطني للشباب السوداني، “محمود ود أحمد”، إن هذه الأسواق تأتي ضمن مشروع اقتصادي يتبناه الاتحاد عبر شركائه من أصحاب المصانع والشركات الوطنية، وأوضح أنه يهدف لتوفير السلع والبيع بسعر المصنع، وتعهد بقطع الطريق أمام الجشعين من السماسرة والوسطاء، الذين يستغلون حاجة المواطن.

وأشار إلى أن هنالك خطة لافتتاح أسواق أخرى في (14) منطقة، بجانب اكتمال ترتيبات أسواق (وفرة) لصغار المنتجين التي يتم تنفيذها ضمن مشاريع استقرار الشباب التابعة للاتحاد الوطني، ودعا حكومات الولايات لتخصيص مواقع لإقامة أسواق للبيع المخفض على مثال أسواق ولاية الخرطوم، التي تستمر لستة أشهر، ودعا حكومات الولايات لتخصيص المواقع لإقامة هذه الأسواق، موضحا أن الأسواق ستستمر لمدة ستة أشهر، وأضاف : نعمل على أن تكون هذه الأسواق ثابتة على مدار العام لتسهم في خفض أسعار السلع الغذائية للمواطنين، وأثنى على دور المصانع والشركات الوطنية.

بيد أن مشروع أسواق البيع المخفض فكرة لم تحقق جدواها الاقتصادية حيث تم تنفيذها بولاية الخرطوم من قبل سنوات ،لكن أصبحت هذه الأسواق بعيدة عن الرقابة، وارتفعت فيها الأسعار بالرغم من الميزات والإعفاءات التي حظيت بها مثل الإعفاء من الرسوم وغيرها، ويرى مراقبون أن تجربة مراكز البيع المخفض والجمعيات التعاونية حققت نجاحا كبيرا في الفترة الماضية، ولكن كانت مؤقتة لم تستمر نتيجة لعدم المتابعة من قبل الأجهزة التنفيذية والتشريعية، مما يتوجب على المعنيين بالأمر ضرورة وضع آلية محكمة لضمان استمرار مواقع ومراكز البيع التي سيتم تنشيطها لمقابلة ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى ضرورة تكثيف الحملات الرقابية لمراجعة الأسعار والتقييد بوضع الديباجة على المنتج وتفعيل قانون التجارة والمستهلك التي تم وضعه مؤخرا، بجانب ضرورة إشراك جمعية حماية المستهلك والقطاع الخاص في المشروعات المطروحة بشأن تخفيف العبء المعيشي.

ويبدو أن الآلية التي تم وضعها بهذا الشأن استصحبت معها التجارب السابقة سواء كان سلة العاملين أو مراكز البيع المخفض مما يشير إلى التوسع الكبير على مستوى الأسواق الكبيرة خاصة وأن هناك تعاونا كبيرا ورغبة أكيدة من القطاع الخاص في دعم ونجاح التجربة.

وفي إطار ضبط أسواق البيع المخفض أصدرت السُلطات في ولاية الخرطوم قرارا بإغلاق (15) موقعا مخالفاً للبيع المخفض من جملة (73) موقعاً وأشارت السلطات بمحلية الخرطوم بأن القرار جاء بعد استنفاد المهلة الممنوحة لأصحاب المواقع المخالفة، وقالت المحلية “تأكد عدم التزام المراكز المغلقة بأسعار السلع المحددة للبيع المخفض وتجاوزها للأسعار التركيزية المعتمدة من إدارة السلع بالمحلية الأمر الذي يتنافى مع جدوى التشغيل وخدمتها للمواطنين فضلا عن عدم عدم وجود قوائم للأسعار في مداخل المنافذ وديباجات على السلعة تحدد السعر، و مخالفة بعض المواقع لأغراض التشغيل في البيع المخفض وتغييره لغرض آخر.

وفي جولة (المجهر) بسوق البيع المخفض بالساحة الخضراء، كشفت عن وجود انخفاض في بعض أسعار السلع مقارنة مع السوق حيث بلغ سعر كيلو لحم العجالي (155) جنيها والصافي (200) جنيه وجركانة الزيت شمس عبوة (4) أرطال ونصف بسعر (250) جنيها وزيت الفول عبوة أربعة أرطال ونصف بسعر (150) جنيها وزيت صباح لتر بسعر (99) جنيها ، وسعر صابون الغسيل يتراوح ما بين (7 ـ 8 ـ9) جنيهات حسب الحجم، وسعر صابون توب الصغير ب(12) جنيها وصابون البدرة العبوات الصغيرة تتراوح ما بين (6 ـ 12 ـ 30) جنيها وكيلو الطحنية بسعر (60) جنيها، وسعر كيس الشعيرية والمكرونة بالنسبة للقطاعي بسعر (26) جنيها، ولتسهيل عملية البيع وزعت على أصحاب المحلات بالسوق ماكينات دفع الإلكتروني مجانا لتسهيل عملية السداد نسبة لانعدام السيولة.

صحيفة المجهر السياسي.